باسل بن محمد - خاص ترك برس

تُعتبر الحضارة اليمنية من أقدم الحضارات وأعرقها إلا أن هذه الحضارة الضاربة في عمق التاريخ لم تنل حقها من المطالعة والبحث كما نالته الحضارات الأخرى، ذات الحال ينطبق أيضاً على تاريخ اليمن الحديث الذي عانى هو الآخر من الإهمال والتقصير، لا سيما في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين اللذين شهدا تحولات تاريخية مفصلية في منتطقتنا العربية بشكل عام واليمن بشكل خاص.

في هذه المقالات نسرد بشكل مبسط وقائع الفترة المفصلية المهمة في تاريخ اليمن والتي ابتدأت بالوجود العثماني الأول في اليمن عام 945-1045 هـ الموافق 1538 م – 1635 م ثم فترة الوجود العثماني الثاني في اليمن سنة 1264-1337 هـ  1848م – 1918 م، والتي من خلالها يتبين للقارئ أهم أحداث تلك الفترة، وبعد الإطلاع على العديد من المصارد التاريخية والبحوث العلمية والمراجع الفكرية والنداوت الإعلامية ذات العلاقة، وجدت من المهم تسليط الضوء  على أحداث تلك الحقبة المهمة في تاريخ اليمن ولو على شكل مقالات قصيرة مقتسبة، هذه المقالات هي محاولة للوصول إلى قراءة تاريخية صحيحة للوجود العثماني الأول والثاني في اليمن، علّنا نستطيع من خلالها قراءة الموضوع قراءة موضوعية، لنستطيع الجواب لاحقاً على السؤال التاريخي المثير للجدل قديماً وحديثاً هل الوجود العثماني في اليمن كان خلافة أم احتلال؟

سنجد الجواب على هذا السؤال من ثنايا ما أورده المؤرخين والباحثين الذين تعمقوا في دراسة الوجود العثماني في اليمن بشكل علمي مدروس وفق منهجية البحث العلمي الرصين، كان من أبرز تلك المراجع:

1-بحث علمي بعنوان" الحكم العثماني في اليمن" 1872-1918 د.فاورق عثمان أباظة- ناله به الماجستير من جامعة الإسكندرية.

2-بحث علمي بعنوان" علاقة العثمانين بالإمام يحي في ولاية اليمن" 1322- 1337 هـ الموافق 1904-1918 م د. فؤاد عبدالوهاب علي الشامي.

3-"بحوث الندوة الدولية حول اليمن في العهد العثماني" أقيمت في صنعاء عام  2009 م تحت رعاية منظمة العالم الإسلامي ومركز الأبحات للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية في اسطنبول - عبارة عن بحوث علمية تزيد عن 18 بحث علمي حول مختلف القضايا في تلك الفترة.

سيتم عرض أحداث تلك الحقبة بشكل متسلسل من الناحية الزمنية والموضوعية حتى نستطيع قراءة الأحداث بواقعية وتراتبية تساعدنا على فهم الأحداث من خلال تعاقب تتداعياتهم كما حدثت في ذلك الوقت.

الوجود العثماني الأول 1530 م - 1635 م وبداية العلاقة

مع مطلع العصور الحديثة بدأت العلاقة بين الدولة العثمانية وبلاد اليمن عندما كان التجار والحجاج يتنقلون بين البلاد العثمانية والبلاد العربية التي كانت تحت حكم دولة المماليك آنذاك. منذ المراحل الأولى لسيطرة الدولة العثمانية على المنطقة العربية سنة 1517م ارتبط اليمن بالدولة العثمانية حين أرسل إمام اليمن آنذاك مبعوثاً إلى السلطان العثماني يؤدي فروض الطاعة والولاء مع بعض الهدايا تعبيراً عن الود ووالصداقة، ولأن الدولة العثمانية لم تكن تضع اليمن ضمن مناطق سيطرتها المباشرة، إلا أن تسارع الأمور وتزايد الأخطار البرتغالية على جنوب الجزيرة العربية والبحر الأحمر جعل لليمن أهيمة استراتيجية في حماية الحرمين الشريفين، حيث بات اليمن يشكل مركز الدفاع الأول عن الدولة العثمانية في أقصى حدودها الجنوبية، كل تلك الأخطار جعلت اليمن في وضع متفرد وذو اهتمام خاص في نظر الدولة العثمانية.

بدأت مرحلة الوجود الأول في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني 1530 م الذي أمر بتجهيز قوة ضخمة أبحرت من ميناء السويس كان الهدف الواضح منها هو القضاء على البرتغاليين بالدرجة الأولى، ثم الزحف على اليمن بالدرجة الثانية وهذا ما حدث بالفعل حيث خضعت اليمن في تلك الفترة وتحت ذلك الزحف العثماني خضوعاً فعلياً للسيادة العثمانية في أواخر عام  1538 م حيث لاقى الوجود العثماني الأول ترحيباً كبيراً وواسعاً من اليمنيين.

اكتفت القوات العثمانية في بداية وجودها في اليمن بالسيطرة على المناطق الساحلية في جنوب البحر الأحمر  ولم تتوغل كثيراً في مناطق القبائل الداخلية، كان اليمن يعيش في ذلك الوقت تحت حكم الأئمة القائم على المبدء الإقطاعي وحكم الفرد الواحد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس