إحسان أقطاش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس

مع احتفال أمتنا بالذكرى المئوية للجمعية الوطنية الكبرى لتركيا هذا الأسبوع، من الضروري تذكر أهمية مجلسنا في التاريخ.

في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية أسست الجمعية الأولى في عام 1876 من أجل صياغة أول دستور للدولة. ولكن بسبب اندلاع الحرب العثمانية الروسية، حل السلطان عبد الحميد الثاني البرلمان وألغى الدستور لمدة ثلاثة عقود. وفي عام 1908، أعيد العمل بالدستور عندما وصلت جمعية الاتحاد والترقي إلى السلطة السياسية وحكمت البلاد في هذه الحقبة الدستورية الثانية. عندما احتلت القوى الأجنبية الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى، أسست جمعية ثالثة في عام 1920 في أنقرة. وقادت حرب الاستقلال ضد قوى الاحتلال.

بعد اندلاع الثورة الفرنسية، واجهت الإمبراطوريات صعوبة كبيرة في حماية وحدة أراضيها بسبب صعود الحركات القومية. ونظرا لاتساع رقعة الأراضي التي سيطرت عليها الإمبراطورية العثمانية في القرن الأخير، الممتدة من شبه الجزيرة العربية إلى شمال أفريقيا ومن القوقاز إلى البلقان، دمرت الإمبراطورية نتيجة الصعود السريع للحركات القومية بسبب التركيبة السكانية الهائلة متعددة العرقيات والديانات.

ومع أن الإمبراطوريات الغربية تأثرت سلبًا أيضًا بالثورة الفرنسية ، فإنها كانت في حالة أفضل بكثير بفضل استعمارها للقارتين الأفريقية والأمريكية والثورة الصناعية المصاحبة لها.

كان القرن الأخير للإمبراطورية العثمانية والقرن التالي لجمهورية تركيا حقبة صراع الأمة من أجل البقاء. أما اليوم وفي الذكرى المئوية لإنشاء الجمعية التأسيسية، أصبح بلدنا أحد اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية.

كانت سنوات تأسيس جمهورية تركيا سنوات من الصدمة الاجتماعية لأمتنا. ففي حين تم تفتيت إمبراطورية كبيرة، أجبر الفريق السياسي المؤسس للجمهورية الجديدة الأمة على استبدال قيمها التقليدية بالقيم الغربية. ودعمت القوى الاستعمارية طبقة مستغربة من المثقفين لتشكيل الدولة الناشئة. وفي معارضة هذه الحملة السياسية الغربية ، تكونت حركة أخرى من القومية والمحافظة في البلاد تؤكد على قيم تاريخنا وثقافتنا وديننا.

وحتى في أواخر الإمبراطورية العثمانية، قاوم العديد من المثقفين والقادة السياسيين مثل نامق كمال، وضياء باشا، وسعيد حليم باشا، والسلطان عبد الحميد الثاني، وأحمد جودت باشا وخالد البغدادي، الاستعمار الثقافي للبلاد. وخلال العهد الجمهوري، واصل المثقفون مثل نور الدين توبتشو، ونجيب فازلي كيساكوريك، وسيزاي كاراكوتش، النضال ضد الثقافة الاستعمارية للبلاد.

وقد نجح نجم الدين أربكان في تحويل الحركة الإسلامية التي دامت قرنين إلى حركة سياسية، وطور رؤية وطنية في الهندسة والتكنولوجيا.

وبفضل إقامة حزب العدالة والتنمية الذي تولى السلطة منذ قرابة عقدين من الزمن، يولد حلم "تركيا العظيمة" من جديد. عندما وصل الحزب إلى مقاليد الحكم في عام 2002، كان البلد يعيش أزمة سياسية واقتصادية.

بفضل القيادة السياسية لحزب العدالة والتنمية، استعادت تركيا ثقتها ليس فقط في الاقتصاد، ولكن أيضًا في السياسات الإقليمية والدولية. في مجال السياسة الخارجية تبنت الحكومة سياسة خارجية متعددة الأبعاد ومتعددة الأطراف. في المنطقة، برزت تركيا واحدة من اللاعبين السياسيين الدوليين الرائدين.

خلال جائحة الفيروس التاجي (كورونا)، أخفقت كثير من الدول البارزة في الحفاظ على اقتصاداتها، ناهيك عن خدماتها الصحية، في حين عززت دول مثل تركيا وألمانيا وكوريا الجنوبية صورتها الدولية بفضل إدارتها الناجحة للأزمة الجارية. واليوم، تنجح تركيا ليس فقط من خلال إدارة تفشي الفيروس التاجي داخل حدودها ولكن أيضًا من خلال تقديم المساعدة الطبية إلى ما يقرب من 40 دولة، بما فيها الأعضاء القياديين في الناتو.

قبل قرن من الزمان، كانت تركيا تكافح من أجل البقاء. اليوم، في الذكرى المئوية للجمعية الوطنية الكبرى لتركيا، تحقق حلم "تركيا العظمى" بالفعل.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس