سركان دميرطاش - حرييت - ترجمة وتحرير ترك برس

يحتفل الاتحاد الأوروبي هذه الأيام بالذكرى السبعين لإعلان "شومان" الذي أنشأ المجموعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC) بمشاركة فرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا وهولندا وبلجيكا ولوكسمبورج.

بعد رحلة دامت عقودًا، تحول مجتمع الفحم والصلب إلى ما نسميه الاتحاد الأوروبي الذي يمثل 27 دولة أوروبية وأصبح أحد أكبر الاقتصادات العالمية.

في هذا اليوم الخاص جدًا، تعود الدول الأوروبية والسياسيون والأكاديميون والخبراء لإجراء تحليل جوهري لأداء 70 عامًا من الاتحاد. سيحاول هذا العمود بيان في كيف ينظر اتحاد الأوروبي إلى تركيا، وهي دولة مرشحة منذ عام 1999 ولديها آمال عميقة في العضوية الكاملة في المستقبل القريب.

إذا كانت هناك كلمة واحدة كافية لتلخيص تأثير الاتحاد الأوروبي في عمليات التنمية السياسية والاقتصادية في تركيا في العقود الثلاثة الماضية، فإنها ستكون "قوته التحويلية".

تماشياً مع اتفاقية أنقرة لعام 1963، دخل اتفاق الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ في عام 1996، وبدأ عهد جديد للاقتصاد التركي مع جميع أصحاب المصلحة من القطاعين العام والخاص.

وبفضل الاتحاد الجمركي الذي أدى إلى تكامل عالي المستوى بين الجانبين، أصبحت تركيا الشريك التجاري السادس للاتحاد الأوروبي على مستوى العالم من حيث قيمة التجارة الثنائية في السلع التي وصلت حاليًا إلى 138 مليار يورو، أي زيادة أربعة أضعاف منذ عام 1996.

وبالمثل، يعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكثر أهمية لتركيا، إذ يمثل نحو 40 في المائة من التجارة العالمية لتركيا. تعمل الآلاف من الشركات الأوروبية في تركيا، وتقدم نحو ثلاثة أرباع الاستثمار الأجنبي المباشر في البلاد. لم يزد الاتحاد الجمركي حجم الإنتاج الصناعي فحسب، بل زاد أيضًا من جودته وقدرته التنافسية، وهو ما ساعد الاقتصاد التركي في عصر العولمة.

ابتداء من منتصف التسعينيات، أثبتت تركيا أن لديها القدرة على إصلاح اقتصادها. ميزت السنوات العشر الأولى من القرن الحادي والعشرين تركيا قوة اقتصادية ناشئة نتيجة للإصلاحات الهيكلية المستمرة لتعزيز مؤسساتها المصرفية والمالية. ولا يمكن تفسير هذا النجاح الاقتصادي دون ذكر جيد لتأثيرات الاتحاد الجمركي.

لوحظت أيضا عملية مماثلة على الجبهة السياسية. كان إعلان تركيا دولة مرشحة في كانون الأول/ ديسمبر 1999 قد بداية حقبة جديدة لتركيا مع ثقة معززة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي كأول دولة ذات أغلبية مسلمة. وفي محاولة لتنسيق مكتسباتها مع الاتحاد الأوروبي، عدلت الحكومات التركية الدستور، وغيرت كثيرا من القوانين الرئيسية، واعتمدت لوائح قبل أن توافق بروكسل على بدء محادثات رسمية للانضمام إلى تركيا في عام 2005. في الواقع، استمرت الإصلاحات بعد بدء محادثات الانضمام، وفتحت نحو ثلث فصول المفاوضات حتى الآن.

أثبتت هذه المرحلة قدرة تركيا واستعدادها للإصلاح إلى أن توقفت بسبب صعود السياسات اليمينية في أوروبا. غير أن انتخاب أنجيلا ميركل في ألمانيا وانتخاب نيكولاس ساركوزي في فرنسا قد غير المسار لأنهما لم يترددا في معاقبة تركيا م بمنع فتح كثير من الفصول بسبب قبرص. كانت هذه إشارة واضحة لتركيا بأن التحالف الفرنسي الألماني سوف يستعمل مشكلة القبارصة في محاولة لمنع عملية انضمام تركيا التي ما تزال مستمرة.

منذ ذلك الحين، فقد الاتحاد الأوروبي نفوذه على تركيا وتطورت طبيعة العلاقة بأكثر الطرق قسوة. وعلى النقيض من السنوات الأولى لترشيح تركيا، أخفق الطرفان في التغلب على المشاكل وإدارة الضغط في العلاقات بسبب انعدام الثقة المتبادلة والمصالح المشتركة.

وقد أدى ذلك في النهاية إلى مرحلة جمود في علاقات تركيا مع كل من الاتحاد الأوروبي وعدة دول أوروبية بارزة.

صحيح أن تركيا كانت دولة مرشحة غير مراقب. ولكن الصحيح أيضًا أن الاتحاد الأوروبي قد قام بتسييس عملية انضمام تركيا منذ بداية المفاوضات بسبب كثير من القضايا، كانت مسألة قبرص على رأسها. إن توقعات اليوم بشأن مستقبل رحلة تركيا-الاتحاد الأوروبي ليست واعدة، ولكن كما يظهر التاريخ ، تميل علاقاتهما الثنائية إلى التدهور، عندما يتوقفان عن محاولة التأثير فى بعضهما بعضا والتعاون فيما بينهما. يجب على القادة الأتراك والأوروبيين أن يدركوا هذا الجانب الفريد جدًا من علاقتهم.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس