ترك برس

يرى المحلل أندريه إيساييف في مقاله بموقع "مودرن دبلوماسي" أن خيار تركيا الأوروبي الذي أعلنه مؤسس جمهورية تركيا، مصطفى كمال أتاتورك، قد أصبح شيئًا من الماضي، لكن هذا الاتجاه الجديد يلقى دعما من أوروبا.

ويلفت إيساييف في مقدمة مقاله إلى تحركات تركيا الأخيرة التي تشي ببعدها عن مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مثل تجاهلها احتجاجات جيرانها الإقليميين بمواصلة التنقيب عن الغاز في المتوسط والضغط على أوروبا بورقة اللاجئين، وتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، على الرغم من اعتراضات واحتجاجات العديد من البلدان المسيحية من جميع أنحاء العالم.

ويضيف أن علاقة تركيا بالاتحاد الأوروبي كانت متناقضة إلى حد ما منذ البداية، فالسياسيون الأتراك إما ينظرون إلى دخول بلادهم إلى أوروبا الموحدة بوصفه نموذجا للسياسة الخارجية، أو يصفونه بأنه توقف عن السياسة الكمالية القديمة، التي لم تعد ذات صلة اليوم.

غالبًا ما تتهم أنقرة بروكسل بإقامة عقبات مصطنعة لتقاربها مع أوروبا على الرغم من حقيقة أن تركيا، كما يقول وزير خارجيتها، قدمت على مر السنين مساهمة كبيرة في ضمان الأمن والاستقرار في أوروبا وازدهار الدول الأوروبية. وكانت أكبر مساهمتنا في تنمية القارة ستأتي بعد أن أصبحت تركيا عضوًا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي".

ويشير إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان، بعد أن كان يدعو بشكل دوري انضمام الاتحاد الأوروبي بوصفه هدفا استراتيجيا للبلاد، صرح أخيرا بأن بلاده لم تعد تهتم بالانضمام، وألمح إلى إلغاء محتمل لمحادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بحجة أن أوروبا تتردد في المضي قدمًا في التقارب لأن الاتحاد الأوروبي ناد مسيحي.

ويعلق إيساييف قائلا، إن النخبة السياسية التركية في الواقع  ليست حريصة بأي حال من الأحوال على رؤية البلاد تنضم إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعلن أولوية المصالح الأوروبية المشتركة على المصالح الوطنية، في حين تعطي تركيا أولوية لسياسة خارجية وقومية مستقلة.

أما بالنسبة لأوروبا الموحدة، فهي لم تنظر قط بجدية في إمكانية انضمام تركيا. وفي العام الماضي، دعت لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الأوروبي إلى تعليق المفاوضات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وذكرت المفوضية الأوروبية أن المحادثات لم تسفر عن شيء.

علاوة على ذلك، في علاقاتها مع بروكسل، تحاول أنقرة أيضًا ممارسة ضغط يهدد مرارًا وتكرارًا منذ عام 2016 "بفتح البوابات" إلى أوروبا لملايين اللاجئين السوريين الذين تجمعوا على الأراضي التركية. وكانت آخر محاولة من هذا القبيل في الربيع الماضي.

ويبرز الكاتب في هذه الصدد تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل: "أتفهم أن الحكومة التركية والرئيس أردوغان يتوقعان المزيد من أوروبا، مضيفة، أنه من غير المقبول تماما أن يتم وضع ذلك الآن على ظهور اللاجئين" .

ووفقا لإيساييف، ليس جميع أعضاء الاتحاد الأوروبي ضد انضمام تركيا إلى الكتلة المكونة من 27 عضوًا. إذ يرى أنصار قبول أنقرة أن تركيا كدولة ذات اقتصاد متطور نسبيًا وثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي، يمكن لها تعزيز اليد الجيوسياسية للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط. لكن اهتمام الاتحاد الأوروبي بالمنطقة التي يمكن أن تعمل فيها أنقرة بصفتها حارسا أوروبيا قد تضاءل مؤخرًا، إلى جانب نظرة تركيا الجيوسياسة إلى بروكسل.

ويقول الباحث إن  قرار الرئيس التركي الأخير بتغيير وضع آيا صوفيا جعل أنقرة أكثر بعدا عن الأوروبيين الذين يرون في ذلك استفزازًا، يهدف إلى إبعاد العالم المسيحي. ونتيجة لذلك، وبحكم ما يتحدث عنه المزيد والمزيد من السياسيين الأوروبيين الآن بشكل صريح، تظل أولوية الاتحاد الأوروبي هي إبقاء تركيا "شريكًا قريبًا"، كما أن قطع العلاقات هو أمر غير وارد، إذا كان ذلك على الأقل لأن أنقرة تمنع التدفق غير المنضبط للاجئين من الشرق الأوسط. بالنسبة لتركيا، تظل أوروبا سوق تصدير واستيراد حيوي، لذلك لا تستطيع أنقرة تحمل أي تقلص كبير في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي.

ويخلص في ختام مقاله إلى أن تركيا في المستقبل المنظور، ستواصل التظاهر بأنها تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وستتبنى وبروكسل استعدادها مواصلة النظر في محاولة أنقرة للانضمام للاتحاد.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!