محمود أوفور - جريدة صباح

تقدمت تركيا بأولى خطواتها نحو تركيا الجديدة، عندما سلمت الأحزاب قوائم مرشحيها للجنة الانتخابات، استعداد لخوض الانتخابات العامة المقبلة في السابع من حزيران، ولا شك أنّ عملية تحضير القوائم كانت عملية صعبة لجميع الأحزاب.

نحن نتجه نحو انتخابات هي الأهم في تاريخنا، فلأول مرة سنسعى لتحقيق دستور مدني حقيقي للبلاد، ولأول مرة سنحاول تغيير القوانين التي جعلتنا دوما تحت الوصاية السياسية، ولأول مرة سنحاكم الانقلابيين والمتآمرين عبر صناديق الاقتراع، فتركيا تتجه نحو انتخابات ستجعل الدولة فيها "تتمدن" بصورة فعلية، وهذا أمرٌ هام.

بالنظر إلى قوائم المرشحين للأحزاب المشاركة في الانتخابات المقبلة، علينا القول أولا أنّ كل حزب وضع أسماء مرشحيه بما يتلاءم وتفكيره السيكولوجي، وبما يتلاءم والكتلة التي يخطب ودها من الشعب.

سيعكس مجلس النواب القادم بعد انتخابات 7 حزيران الصورة الحقيقية لتركيا، سيعكس صورة المحافظين من المحجبات، كما سيعكس صورة اليساريين والديمقراطيين والأصوليين، وكما سيعكس هوية الأكراد والعلويين، فالأقليات أخذت موقعها في قوائم المرشحين، وأكثر ما أعجبني هو وجود بعض المواطنين الأرمن على قوائم الانتخابات، وهذا يدل على أننا عدنا إلى رشدنا.

كما أنّ قوائم المرشحين لم تضم التنوع العرقي والديني والسياسي في تركيا فحسب، وإنما ضمت عملية تجديد لتشمل عدد أكبر من النساء ومن الشباب، وهذا الأمر أسعدنا جميعا.

انتصار السياسة المدنية

هذا المشهد يبيّن لنا أننا على أعتاب الخروج من مرحلة السياسة الضيقة، إلى مرحلة سياسية جديدة يتشارك فيها المجتمع بأسره بصورة حقيقية، وهل كان يمكننا تصوّر حصول هذا قبل 10 سنوات؟ فاليوم تتواجد رمز المحجبات في تركيا ليلى شاهين إلى جانب ممثل الأكراد موسى أنتر على قوائم حزب العدالة والتنمية، والأمر ينطبق على حزب الشعوب الديمقراطي، ليتواجد على قوائمه ممدوح أويان واليساري بولنت أولوير.

ربما أغرب ما تضمه قوائم المرشحين، هو انضمام العسكري الذي تم استجوابه والتحقيق معه بخصوص محاولة الانقلاب "دورسون تشيتشيك" على قوائم حزب الشعب الجمهوري، ووجود "أتيللا أوغور" الذي استجوب وحقق مع عبد الله أوجلان عام 1999 على قوائم حزب الوطن.

أكثر نقطة حساسة وحرجة هنا هي أنّ جبهة المعارضة لم تقدم التجديد المطلوب لتلعب دورها في "تركيا الجديدة والسياسة الجديدة"، وستكون هذه المشكلة الأساسية التي سنعيشها خلال الانتخابات وما بعدها.

حتى  حزب الشعوب الديمقراطي الذي يرى بنفسه حزب تجديدي، لم يستطع ممارسة السياسة مع المجتمع بعيدا عن سياسته المبنية على العداوة مع حزب العدالة والتنمية، فمعظم المشاكل تتخلص باتخاذهم أسلوب القرارات السياسية بما يُعاكس حزب العدالة والتنمية، وهذا سيقود الوضع السياسي إلى البقاء في حلقة مفرغة، وسيكون سببا في تقليل مستوى الحراك السياسي والمنافسة الحقيقية.

وربما تكون نتائج انتخابات 7 حزيران سببا في تغيير جذري لأسلوب المعارضة السلبي هذا.

أين التنظيم الموازي؟

خلال عملية تحضير قوائم المرشحين ظهر أمرٌ واضح وبارز، وهو أنّ التنظيم الموازي الذي يرتكز على جهازي الشرطة والقضاء، والذي تنصت على الجميع وتآمر على الجميع، تبيّن أنّ هذا التنظيم لا يسره وضع الانتخابات على الإطلاق، وربما استشعروا قُرب سقوطهم الأخير.

وأخيرا سأترك الكلام لـ" يلديراي أوغور" الذي ذكر أبرز الخاسرين في الانتخابات المقبلة عندما قال:

"الخاسرون في الانتخابات المقبلة هم الوصاية العسكرية، والانقلابيون...".

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس