ترك برس

أكدت تركيا منذ اللحظة الأولى لتصاعد التوتر بين أذربيجان وأرمينيا، ومن ثم اندلاع المواجهات العسكرية بينهما، على وقوفها الكامل إلى جانب باكو.

وترفع تركيا بكل مكوناتها الحزبية والفكرية والشعبية، شعار "شعب واحد في بلدين" للتعبير عن العلاقة المتينة التي تربطها بدولة أذربيجان، وهو ما تجسد بعد اندلاع اشتباكات عسكرية عنيفة، الأحد، في إقليم "قره باغ" المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا، حيث سقط قتلى وجرحى من الجانبين.

وإلى جانب رسائل الدعم والمساندة التي أطلقها العديد من المسؤولين الأتراك وعلى رأسهم رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، فقد تصدر وسم "Azerbaycan" الترند التركي على موقع تويتر، الأحد، بعد أن عبّر مئات آلاف الأتراك على مواقع التواصل الاجتماعي عن وقوفهم إلى جانب أذربيجان.

وفي وقت سابق، أصدرت 4 كتل برلمانية كبرى في البرلمان التركي، هي أحزاب "العدالة والتنمية"، و"الشعب الجمهوري"، و"الحركة القومية" و"الخير"، بياناً مشتركاً أدانت فيه "اعتداء أرمينيا المستمر على أراضي أذربيجان".

وبين تركيا وأذربيجان مجلس للتعاون الإستراتيجي رفيع المستوى، يعكس عمق العلاقات وحجمها على كل الصعد، بما فيها العسكري والاقتصادي.

وعادة تستقبل أنقرة الجرحى الأذريين الذين يصابون في الاشتباكات مع القوات الأرمينية بشكل مستمر. وتستخدم وسائل الإعلام الرسمية التركية تعبير "شهيد" عند الحديث عن قتلى القوات الأذربيجانية برصاص القوات الأرمينية.

ويعيش في أذربيجان غالبية مسلمة مع وجود تركي مكثف، فيما تعد أرمينيا دولة ذات غالبية مسيحية يسكنها أرمن بشكل أساسي.

وتمد أذربيجان تركيا بالنفط وكميات متزايدة من الغاز من حقل "شاه دنيز" في بحر قزوين، وهي مستثمر كبير في تركيا الحديثة، كما يوجد مشاريع تركية عملاقة في أذربيجان معرضة للاستهداف، بينها خط السكك الحديدية "باكو – تيفليس - قارص"، وخط نقل الطاقة "باكو - جيهان".

ونقل تقرير لشبكة الجزيرة القطرية، عن الكاتب الصحفي التركي إسماعيل قايا، قوله إن قضية أذربيجان تحظى في نزاعها الحدودي مع أرمينيا بإجماع منقطع النظير من قبل كافة الأحزاب التركية بجميع توجهاتها السياسية والفكرية، نظرا للارتباطات القومية والعرقية والتاريخية بين البلدين.

ويعتبر "قايا" الإجماع الحزبي بمثابة انعكاس طبيعي لحالة الإجماع الشعبي في بلاده على ضرورة الوقوف إلى جانب أذربيجان، حتى لو كلّف ذلك الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة وربما حرب واسعة مع أرمينيا، على الرغم مما يحمله ذلك من مخاطر الاشتباك مع روسيا التي تعتبر أكبر داعمي أرمينيا.

ويقول الكاتب الصحفي التركي "هو مشهد يعكس حالة الإجماع الداخلية، على عكس الانقسامات الموجودة حول أولوية التدخل العسكري التركي في سوريا وليبيا وغيرها من المناطق".

ويضيف "لا يُعرف إن كانت القوات والمعدات العسكرية التركية الكبيرة التي شاركت في المناورات العسكرية بين القوات المسلحة التركية والأذربيجانية قبل شهر قد عادت إلى تركيا، أم أن الهدف من المناورات كان إبقاء القوات هناك للاستعداد لأي مواجهة مقبلة".

وإلى جانب الروابط التاريخية والوطنية والعرقية الراسخة بين البلدين، فإن تركيا وأذربيجان تربطهما مصالح إستراتيجية كبيرة تتعلق بخطوط نقل الغاز، ومكانة أذربيجان في سوق الطاقة ومخاطر أي مواجهة على إمدادات تركيا من الطاقة القادمة من أذربيجان، وحاجة الأخيرة الملحّة لتركيا كممر مهم للعالم الخارجي، بالإضافة إلى المصالح المرتبطة بكون أذربيجان ممراً مهما لتركيا لنفوذها القديم في القوقاز ووسط آسيا، وفقا لقول قايا.

ويزيد بالتوضيح "لتجنب صدام أكبر وأخطر مع قوى كبرى بالمنطقة، تدفع تركيا من خلال الطرق الدبلوماسية وعبر الضغط على روسيا وإيران لوقف الهجمات الأرمينية، والضغط على أرمينيا من خلال التأكيد على دعم أذربيجان بالسلاح والمناورات العسكرية لتشكيل قوة ردع تمنع الانزلاق لمواجهة عسكرية أوسع، ولكن في حال فشل ذلك فإن التدخل العسكري المباشر سيكون خياراً حتميا للجيش التركي".

والأحد، اندلعت اشتباكات على خط الجبهة بين أذربيجان وأرمينيا، إثر إطلاق القوات الأرمينية النار على مواقع سكنية مدنية بأذربيجان.

وذكرت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان، أن النيران الأرمينية أوقعت خسائر في الأرواح بين المدنيين، بجانب إلحاق دمار كبير في البنية التحتية المدنية في عدد من القرى التي تعرضت لقصف أرميني عنيف.

وتحتل أرمينيا منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام"، و"فضولي".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!