ترك برس

قال عبد القادر محمد نور، وزير العدل الصومالي الجديد، إن العلاقات بين بلاده وتركيا تستند إلى أسس أخلاقية وإنسانية تمامًا.

ودرس نور في كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة الحكومية التركية، بمنحة من رئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى، واختار وكالة الأناضول التركية كأول وسيلة إعلامية تجري معه مقابلة، بعد تعيينه في حكومة جديدة أعلنها رئيس الوزراء، محمد حسين روبلي، الإثنين.

وأضاف أن مكانة تركيا في الصومال لم تكن أبدًا سياسية، والعلاقات بين البلدين لم تكن أبدًا قائمة على أساس المصالح والفوائد.

وتابع أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للصومال عام 2011 حين كان رئيسًا للوزراء، شكلت نقطة تحول في العلاقات التركية الصومالية.

وشدد على أن السياسات التي تتبعها تركيا في علاقتها مع الدول الإفريقية تختلف بشكل جذري عن العلاقات التي تقيمها الدول الغربية مع بلدان القارة السمراء.

وأردف أن العديد من الطلاب الصوماليين، مثله، تلقوا تعليمهم في تركيا، وليس من المبالغة القول إن التركية باتت اللغة الثانية في بلاده بعد الصومالية، فـ"اللغة التركية تدخل حتى في أحلامي".

وفي ما يلي نص حوار الأناضول مع وزير العدل الصومالي الجديد:

** كيف تعرفت على تركيا لأول مرة؟

زرت تركيا للمرة الأولى في مهمة دبلوماسية. عملت في سفارة الصومال لدى أنقرة بين عامي 2011 و2018، وتوليت فيها عدّة مناصب آخرها القائم بالأعمال.

خلال عملي في تركيا، رغبت بالحصول على تعليم جامعي يتعلق بعملي في السلك الدبلوماسي. ومثل العديد من الطلاب الأجانب، وفرت المنح الدراسية التركية لي فرصة الحصول على التعليم الجامعي اللازم في تركيا.

لهذا السبب أشكر الشعب التركي ورئاسة شؤون أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى على المنحة التي قُدمت لي ووفرت لي إمكانية مواصلة تعليمي الجامعي.

وبعد عام واحد من دراسة اللغة التركية، تلقيت قبولًا من قسم العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية بجامعة أنقرة. جذبت اهتمامي باستمرار مواضيع مثل إدارة الدولة والعلوم السياسية، والخلفيات التاريخية لهذه المواضيع في تركيا.

تمكنت باستمرار من الحصول على معلومات مفصلة عن هذه المواضيع بمساعدة بعض الأصدقاء ومحيطي الاجتماعي وجهودي الشخصية في البحث والتقصي.

إن العديد من الشخصيات التي تركت بصمة واضحة ومهمة في الحياة السياسية والدبلوماسية في تركيا، منذ العهد العثماني حتى يومنا هذا، كانت من خريجي كليات العلوم السياسية. لهذا السبب كان اختيارًا موفقًا للغاية.

** وماذا عن تجربتك في كلية العلوم السياسية التركية؟

رغم أنني درست اللغة التركية، إلا أنه لم يكن من السهل علي في البداية دراسة المواضيع المتعلقة بالعلوم السياسية باللغة التركية. في السنوات الأولى، فكرت في ترك دراستي والانتقال إلى جامعة ناطقة باللغة الإنجليزية، وقمت بعدة محاولات.

عندما فاتحت أحد أصدقائي المسؤولين في رئاسة شؤون أتراك المهجر، نصحني بمتابعة دراستي للعلوم السياسية باللغة التركية، لكي أكون رجل دولة كبير، وبالفعل فعلت ذلك.

لعبت سنوات دراستي في كلية العلوم السياسية في تركيا دورًا مهمًا في حياتي. تأثير تلك السنوات لن يتغير أبدًا. في الكلية، كنا نقرأ عن السياسة العالمية وتاريخها ونتعرف على الحياة السياسية التركية عن كثب.

وكطالب، كان عملي في السفارة الصومالية يتيح لي فرصة تطبيق ما أتعلمه صباحًا في حياتي العملية كدبلوماسي في فترة ما بعد الظهر.

** كسياسي وكمواطن صومالي عاش لفترة طويلة في تركيا، ما هي النقطة التي ساهمت بتطوير العلاقات التركية الصومالية؟

رغم أنه يبدو أن تركيا والصومال تقعان في منطقتين بعيدتين جغرافيًا، إلا أنهما ترتبطان منذ القدم بعلاقات تاريخية متينة. وشكل يوم 19 أغسطس/ آب 2011 نقطة تحول تاريخية في العلاقات بين تركيا والصومال.

لأول مرة منذ فترة طويلة، رأى الشعب الصومالي الأمل، بعد أن حطت الطائرة التركية ذات الهلال والنجمة، التي نقلت الرئيس رجب طيب أردوغان، وكان وقتها رئيسًا للوزراء، وعقيلته (أمينة)، والوفد المرافق، على أرض بلدنا الذي أنهكته حرب أهلية طويلة ودموية.

وقفت شاهدًا على تلك المرحلة بأم عيني وساهمت فيها، وما زلت أتذكر تلك الأيام بفخر. نظر الشعب الصومالي إلى زيارة السيد أردوغان ومسؤولين أتراك رفيعي المستوى إلى الصومال، على أنها نقطة انطلاق مهمة في علاقات الصداقة مع الشعب التركي، ورمزًا للحب والتعاون.

** وما هو المبدأ الأساسي التي قامت عليه العلاقات بين البلدين خلال السنوات العشر الماضية؟

ترتكز العلاقات بين تركيا والصومال على أساس أخلاقي. مكانة تركيا في الصومال، لم تكن أبدًا مكانة سياسية، والعلاقات بين البلدين لم تكن أبدًا قائمة على أساس المصالح والفوائد.

لطالما حظيت تركيا بمكانة خاصة في نفوس الشعب الصومالي. أحست تركيا بوجع الشعب الصومالي وساعدته في كل مشاكله، وبنت سياستها مع هذا البلد على أسس إنسانية تمامًا.

كما تعلمون، عندما يتم ذكر اسم أي بلد غربي إلى جانب دولة إفريقية، تتبادر إلى الأذهان تلقائيا كلمة "استعمار". لكن سياسات تركيا في المنطقة مختلفة تمامًا عن هذا التصور. لا أقول هذا كإفريقي، ولكن أيضًا كأكاديمي أجرى دراسات معمقة في هذا المجال.

اليوم عندما يُذكر اسم تركيا والصومال جنبًا إلى جنب، تتبادل كلمات جميلة وإيجابية إلى الأذهان من قبيل الصداقة والأخوة والشراكة.

اليوم الكثير من مواطنينا يطلقون أسماء مثل أردوغان، ورجب، وطيب، وأمينة، وإسطنبول، على أبنائهم وبناتهم. لقد قدمت تركيا دعمًا مهمًا لتنمية الصومال خلال السنوات العشر الماضية.

وليس من المبالغة القول إن التركية باتت اللغة الثانية في بلدي بعد الصومالية. والتركية تدخل حتى في أحلامي.

** وهل لديك ذكريات عن تركيا لا يمكنك أن تنساها؟

جميع الأيام التي عشتها في تركيا كانت جميلة وذات قيمة، لكن أود أن أذكر ثلاث ذكريات أو أيام مهمة.

الأول هو اليوم الذي زار فيه السيد أردوغان الصومال عام 2011. بصفتي دبلوماسيًا شابًا، كان من المهم جدًا بالنسبة لي أن أشهد ذلك اليوم الذي كان تاريخًا بالنسبة لبلدي.

يوم آخر لن أنساه أبدًا هو يوم المحاولة الانقلابية الفاشلة على الحكومة (التركية) المنتخبة ديمقراطيًا، في 15 يوليو/ تموز 2016.

حاولت يومها على الفور فهم ما كان يحدث لإبلاغ بلدي واتصلت ببعض الأصدقاء. العديد من أصدقائي لم يكونوا مدركين تمامًا لحقيقة ما حدث. أجريت جولة في أنقرة لفهم ما كان يحدث، ورأيت الحقيقة المحزنة، وأبلغت رئيسنا على الفور بهذه المسألة.

شددت وقتها على الرئيس الصومالي من أجل إعلان بلادي دعمها الكامل للحكومة المنتخبة ديمقراطيًا وتقدير الوقفة المشرفة للشعب التركي ضد المحاولة الانقلابية. هذا الموقف لم يكن مسؤولية دبلوماسية فحسب، بل كان أيضًا أخلاقية.

أما اليوم الثالث، فكان يوم تخرجي من كلية العلوم السياسية بتركيا. قضيت سنوات من الجد والكد للحصول على شهادتي. درست كثيرًا عندما كنت أرافق الوفود أو على متن الطائرة أو في السيارة في طريقي من اجتماع إلى آخر. وأحيانا، كانت هناك أيام أنزل فيها من الطائرة راكضًا للتوجه إلى أحد الامتحانات.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!