ترك برس

يحب مدرب التصوير غوكهان يولجو، البالغ من العمر 50 عاما، السفر الى القرى البعيدة التي لا يصلها أحد، وقد قام بشراء حافلة صغيرة  قبل أربعة أعوام وحولها إلى كرفان بإمكانياته الخاصة، ومنذ ذلك الحين يتجول من قرية إلى القرية ليطبع البسمة على وجوه الأطفال القاطنين بالقرى البعيدة جغرافيا عن الطرق، ويحمل بكرفانه كتبا وأدوات قرطاسية يهديها للأطفال، مقدما لهم دروسا في التصوير الفوتوغرافي.

يفتح كرسيه أمام كرفانه واضعا فطوره وقهوته على طاولته الصغيرة، ويقلب دفتره ويطلب الأرقام واحدا تلو الآخر، ويجري مكالمات هاتفية مع المختار أو الإمام أو المعلم، على هذا النمط: "مرحبا، أنا غوكهان يولجو، أرغب بزيارة قريتكم لأقدم هدايا للأطفال، ماذا؟ ألست أنت المختار؟ فهمت، كنت المختار، حسنا سأتواصل مع المختار الجديد"، ثم يستعد للانطلاق في رحلته بعد تواصله مع من يعطيه وصفا للقرية من أهلها.

https://www.youtube.com/watch?v=2PWadUzooV8

أضاف يولجو: "أبدأ رحلتي منطلقا من أنقرة، وأتوجه إلى المناطق الجغرافية الشديدة الانحدار جغرافيا لإن مرتاديها قليلون جدا. خططت لأن تكون رحلتي القادمة إلى ديار بكر، حيث أنوي زيارة عدة قرى في منطقة دجلة، فلنرى ماذا سيقابلنا هناك".

تمتلئ مساحة كرفانه ذو التسعة أمتار مكعبة بالكتب والأدوات القرطاسية وصناديق الكمامات، التي يفرغها ويصنفها ليضعها في أكياس صغيرة، ثم يشغل كرفانه وينطلق به، ليصل إلى القرية التي يقصدها بوصف تعريفي وبمساعدة برامج الخرائط. يوزع الأمانات على الأطفال ثم يجدد طريقه إلى قرية جديدة وأطفال جدد، ويسعى جاهدا قاطعا آلاف الكيلومترات للوصول إلى الأطفال المحتاجين بالقرى البعيدة التي لم يصلها أحد من قبله، ليحقق هدفه الوحيد المرجو وهو الابتسامة الصادقة في وجوه الأطفال بعد تعب شديد. وقد كان له سابق تجربة في رسم الابتسامة على وجوه الأطفال خلال جولته على دراجته النارية بين المدن التركية.

تحدث يولجو عن جولاته على الدراجة النارية قائلا: "لقد تجولت تقريبا في كل مناطق تركيا بدراجتي النارية لمدة 30 عاما. كنت أتودد للأطفال الذين أقابلهم، وهم أيضا كانوا ودودين ولطيفين معي جدا، مما دفعني للتفكير بطريقة ما لإسعادهم وفعل شيء يطبع البسمة على وجوههم، فقررت بيع دراجتي وشراء حافلة صغيرة، ولم أكن أملك مالا كافيا  لذلك عملت بجد أكبر وحولت حافلتي إلى كرفان صغير، وكتبت "حاجة في طريق الراكب". أنا خريج قسم التصوير الفوتوغرافي، ولذلك خطرت على بالي فكرة تعليم الأطفال التصوير، وذكرت ذلك لأصدقائي المقربين باحثا عن أفراد داعمين".

بدأ يولجو عمله بوضع بضعة آلات تصوير خاصة به، كما فتح معارض صغيرة بالصور التي التقطها بتقنيات التصوير الفوتوغرافي مؤطرا فيها دروس الجمال لأطفال القرى التي زارها، لكنه كان منزعجا لقلة عدد آلات التصوير، لذلك سعى للحصول على دعم لرحلاته من جميع معارفه.

تطرق يولجو إلى مكالمة هاتفية تلقاها في كانون الثاني/ يناير 2018 غيّرت مسار مشروعه بأبعاد مختلفة تماما عما كانت عليه، وقال: "كان رقما لا أعرفه، وسمعت عندما فتحت الخط، "مرحبا، أنا ضياء سلجوق"، ولم أكن أتوقع أن يتصل بي وزير التربية والتعليم الوطني، فتحمّست جدا، ونهضت واقفا على قدمي وشققت طريقي للوصول إليه، فشرحت له ما أعرفه وما رأيت من أحوال أطفال القرى وما فعلت، فقرر الوزير دعم مشروعي، وأعطاني 30 آلة تصوير، فسعدت بذلك أنا وأطفال القرى، وأقمت العديد من المعارض وشاركت معهم العديد من اللحظات الجميلة التي التقطوها بأنفسهم".

ذكر غوكهان يولجو، تأثر مشروعه بسبب وباء كورونا وضرورة الالتزام بقاعدة المسافة الاجتماعية في الحياة، لذلك قام بتأجيل دروس التصوير للأطفال مؤقتا، إلا أن رحلاته لم تتوقف بل بدأت بإطار جديد في عالم الكتب، ويقول: "قام العديد من أصدقائنا بحملة في دور النشر بأنقرة، فمنحونا مجموعات من الكتب المفيدة للأطفال، ومنحتنا أيضا إحدى الشركات كمامات مصنوعة خصيصا للأطفال، والبعض منحنا أدوات قرطاسية. واصلت رحلاتي، ورغم أني لا أستطيع تعليم التصوير للأطفال الآن إلا أنني ارتبطت معهم بشراكة لطيفة عبر الكتب في الوقت الحالي، بقصصها وحكاياتها وعلومها. أحيانا أشعر أن وصولي إليهم وحديثي معهم يسعدهم أكثر من تقديم الهدايا، ونحن نوزع عليهم في هذه الأيام الكمامات لحمايتهم من الوباء، كما نعرفهم بطرق الحماية منه وفقا لما ذكره الخبراء".

يعمل غوكهان يولجو، كمدرب في المديرية العامة للمسارح الحكومية، وقد بدأ دخل مرحلة التقاعد، مما سيمنحه المزيد من الوقت المخصص لطرق السفر والأطفال، حيث سيستهدف القرى الريفية الأبعد. ويتمنى أن يمتلك كرفانا أكبر ليحقق حلمه بالقيام برحلة حول العالم. وبعد إتمام رحلته في ديار بكر، سيتجه إلى "قارص" في الشرق.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!