هلال كابلان – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس

لقد تجاوزنا أحداث غيزي بارك التي حدثت عام 2013، من دون أن تتعرّض الدّيمقراطية السائدة في البلاد إلى النّكسة ومن دون أن تنهار الحكومة التركية التي حاولت الأطراف المعادية لنا مراراً إسقاطها. ففي تلك الأثناء جرى انقلاب عسكري في مصر قاده عبد الفتاح السيسي، وأسقط حكومة محمد مرسي. حينها بدأ معظم الكتّاب الموالون لأحداث غيزي بارك بمباركة ما حصل في مصر، إلّا أنّ بعضهم أظهر نوعاً من الحياء ولم يستطع مباركة هذا الانقلاب بشكل علني، بل دعا إلى استخلاص الدّروس والعبر ممّا حصل في مصر أنذاك.

فعلى سبيل المثال عنونت الكاتبة "غاية أوصلو أر" (مرشّحة حزب الشّعب الجمهوري للانتخابات البرلمانية عن مدينة أسكيشهير) مقالتها آنذاك بالعنوان التّالي "لقد رحل المرسي الذي كان يدّعي أنّه وصل إلى السلطة بثلاثة أيام. هل فهم هذا الرّجل أنّ الدّيمقراطية ليست عبارة عن صناديق الاقتراع؟".

إنّ شعار أحداث غيزي بارك الذي كان ينادي بأنّ الدّيمقراطية ليست عبارة عن صناديق الاقتراع، ينطبق تماماً على ما حدث في مصر. ففي مصر قام الانقلابيون بإطلاق الرّصاص الحي على المتظاهرين المندّدين بالانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة الشرعية في البلاد وقتل حينها العشرات من الأبرياء العزّل. فقد قامت حينها منظّمة حقوق الإنسان بالاعتراف بأنّ ما حصل في مصر يعتبر أكبر مجزرة جماعية ترتكب بحقّ المدنيّين خلال يوم واحد في القرن الواحد والعشرين.

وقامت الحكومة الانقلابية الجديدة بملاحقة السياسيّين في كافّة أنحاد البلاد وأمطرتهم بحكم الإعدام. فحتّى هذه اللحظة هناك ما يقارب الخمسمئة سجين سياسي قد تمّ الحكم عليهم بالإعدام. وإن لم يتحرّك المجتمع الدّولي حيال هذه القضية، فإنّ هؤلاء سوف يتمّ تنفيذ حكم الإعدام بحقّهم من دون أن يشعر أحد بذلك. ومن المحتمل أن يصدر حكم الإعدام بحق أوّل رئيس مصري (محمد مرسي) يصل إلى سُدّة الحكم عن طريق انتخاباتٍ شرعية وديمقراطية.

رئيس حزب الشّعب الجمهوري "كمال كلتشدار أوغلو" الذي كرّر عبارة الحرية والدّيمقراطية في بيانه الانتخابي لعدّة مرّات، هل سيستطيع أن يبرّر ما يحصل في مصر من إصدار أحكامٍ تعسّفية؟. بالطّبع لا، لأن هذا الرّجل أبدى تأييده لما يقوم به السيسي منذ فترة طويلة.

ففي إحدى برامج أحمد هاكان التي تبث على قناة (CNN) قال كلتشدار أوغلو علناً إنّه لا يعارض السيسي ولا يعارض ما قام به. وعندما ذكّره هاكان بأن لا فرق بين السيسي وكنعان إفرين، قال كليشدار أوغلو: "إنّني لا أفهم معارضة القيادة التركية لحكومة السيسي. بالنسبة لي إذا كان رئيس أي دولة يلقى قبولاً من قِبل المجتمع الدّولي، فإنني لا أعارض التّعامل معه لأنّني أفكّر بمصالح بلدي والسيسي لقي ترحيباً من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وروسيا وإنكلترا والأمم المتحدة".

إنّ الدّعم الغربي لأحداث غيزي بارك التي حصلت عام 2013، سببه هو محاولة من الغربيّين لإيجاد حلفاء لهم في تركيا وإزالة الإرادة الشعبية من الحكم. وهنا لا بدّ أن نذكر كيف أنّ "تشيفيك بير" أطاحة بالحكومة الشرعية في 28 شباط/ فبراير من عام 1997 وذلك بدعمٍ أمريكي إسرائيلي.

عندما ننظر إلى الوعود المذكورة في البيان الانتخابي لحزب الشّعب الجمهوري، نلاحظ كيف أنّ من قام بتحضير هذا البيان سيقف بجانب إسرائيل ضدّ أهالي غزّة وإلى جانب السيسي ضد الشعب المصري وإلى جانب الأسد ضدّ المظلومين السوريّين.

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس