ترك برس

أصدر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تعميمًا باعتماد عام 2021 عامًا للاحتفال بالذكرى المئوية للنشيد الوطني، تحت عنوان "عام محمد عاكف ونشيد الاستقلال الوطني"، ونشر القرار في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 آذار/ مارس الجاري، بهدف لفت الانتباه لمساهمة الشاعر الوطني محمد عاكف أرصوي، في التاريخ التركي، وسيتم توفير جميع أنواع الدعم لتنظيم فعاليات وأنشطة على مدار العام في نطاق الاحتفالات من قبل جميع المؤسسات والمنظمات العامة.

في هذا النطاق، تم افتتاح معرضي "الذكرى المئوية لنشيد الاستقلال" و"محمد عاكف أرصوي" في قاعة الشرف للبرلمان التركي بتاريخ 10 آذار، تضمّنا صورًا فوتوغرافية لمنزله الذي قضى فيه مرحلة طفولته ولعائلته وأصدقائه، وأيضا نشيد الاستقلال بخط يده، وبطاقات بريدية لفترة حرب الاستقلال.

وأشار بولنت طوران، نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، إلى إعادة بناء مسقط رأس الشاعر بقوله: "بحثنا عن معلومات تتعلق بموقع المنزل الذي ولد فيه الشاعر وقضى فيه طفولته مع عائلته، وورد في الكتب التاريخية أنّه كان بمنطقة بايراميتش، لكنه لم يعد موجودا، فقمنا بإعادة بنائه في مكانه القديم وافتتاحه للزوار".

 

بعد ظهور إعلان في جريدة "حاكيميتي ميللي" يوم 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 1920، لمسابقة كتابة نشيد وطني يرمز للاستقلال، مقابل مكافأة مالية قدرها 500 ليرة، رفض أرصوي، كتابة القصيدة بسبب المكافأة، إلا أنه رضخ لطلب أصدقائه وكتبها خلال يومين، ورفض أخذ المكافأة بعد فوزه، ولكنه أجبر على أخذها وتبرع بها كاملة رغم حاجته للمال.

علّق الشاعر مصطفى أيدوغان على تلك المرحلة قائلًا: "لم يكن الأمر سهلا على شاعرنا، فهو يعاني عند كتابة القصيدة كحال العديد من الشعراء، خاصة في تلك الفترة التي لم تكن الأرض فقط هي المفقودة فيها بل أيضا هوية الشعب الإسلامية".

وقد قرأ وزير التعليم الوطني حمد الله صبحي باي، قبل قرن من الزمان في يوم 12 آذار 2021، هذه السطور على المنبر في الاجتماع الأول للبرلمان قائلًا: "لا تخافوا، لن تنكس رايتنا الحمراء التي تلوح في الأفق"، لتضجّ القاعة بالتصفيق.

توج رمز الاستقلال في تلك اللحظة للكفاح الوطني، فأصبحت سطور محمد عاكف، محفورة على جدران "داركاهي تاج الدين"، كما حفرت في القلوب، وانعكست أيضا في مجلس الأمة وقرئت مرتين، ولم يقبل الشاعر استلام المكافأة المالية عليها، وعند إجباره أخذها وتبرع بها للجمعيات الخيرية.

تحدثت خديجة يلديز، عضو هيئة التدريس في جامعة "حاجي بيرم ولي" عن الشاعر أرصوي قائلة: "استعار شاعرنا معطفًا لحضور التتويج من صديقه بيطار شريف باي، الذي قال له: (لو أنّك تركت القليل من الـ500 ليرة لتشتري لك معطفا)، فغضب من كلماته ولم يتحدث معه لمدة شهرين".

مضت 100 عام على اعتماد قصيدة محمد عاكف أرصوي، نشيدا للإستقلال الوطني التركي. هذا الشاعر الذي لم تكن لديه إلا أمنية واحدة لخصها في قوله: "ربِّ لا تكتب على هذا الشعب كتابة نشيد وطني مرة ثانية".

وفي عام 2018، قامت بلدية بيكوز في إسطنبول، بترميم مبنى مكون من طابقين وافتتاحه كمتحف شعر لمحمد عاكف أرصوي، يضم النسخة الأولى لأهم أعماله ويروي حياته وأعماله الأدبية والفكرية بالرسومات، ويمكن  في المتحف الاستماع إلى صوت أشعاره أيضا.

يعرض المتحف أهم أعمال الشاعر الوطني وكتبه الشعرية ونبذة عن حياته، مع النسخة الأولى لأهم وأشهر أعماله، التي يعد نشيد الإستقلال من أهمها، كما يضم أيضا كتاب "الظلال" الذي طبع في مصر، والمجموعة الأصلية لمجلة "الصراط المستقيم" المكونة من سبعة مجلدات، التي تم نشرها بدعم خلال حرب الاستقلال، كما يمكن في المتحف الاستماع إلى قصائده التي تركت أثرا وبصمة في قلوب الأتراك.

وقامت وزارة السياحة والثقافة التركية ضمن نطاق الاحتفال بالشاعر الوطني بتحويل شقة الشاعر محمد عاكف أرصوي، الموجودة في مصر إلى "بيت الذاكرة"، ونظّمت حفلًا لافتتاحه في 12 آذار 2021، حيث عرضت قصة حياته وبعض متعلقاته الشخصية بالمنزل الذي قضى فيه آخر أيامه.

من جهته، صرح جوشكون يلماز، مدير السياحة والثقافة في إسطنبول قائلا: "بذلت وزارة السياحة والثقافة جهدا خاصا، بترتيب الشقة المصرية وجعلها تليق بذكرى شاعرنا الوطني، وتم افتتاحها للزوار كمنزل تذكاري، قضى فيه الشاعر فترة مهمة من حياته. صُمّمت الغرفة الأولى كمكتبة لكتب الشاعر. يمكن للزوار زيارة هذا المنزل للتعرف على الشاعر عن قرب، ومشاهدة أعماله وقراءة كتبه".

كما تم تخصيص غرفة في المنزل للأفلام الوثائقية التي تعرض معلومات عن حياة وأعمال الشاعر، عبر عروض مرئية ورقمية، وأيضا غرفة خاصة بأشعاره. وفي قسم منفصل تم وصف حياته بأكملها مع مساهماته خلال فترة حرب الاستقلال والفترة التي نظم فيها النشيد الوطني التركي. وعرضت أيضا النقود وظروف الرسائل والختم المطبوع باسمه بعد وفاته.

وتنتظر شقة "بيت الذاكرة"، التي شهدت آخر ستة أشهر في حياة الشاعر محمد عاكف أرصوي، زوارها في مصر.

كما احتفلت وزارة العدل التركية بالذكرى المئوية لاعتماد النشيد الوطني التركي بإعداد فيديو خاص، شاركه وزير العدل عبد الحميد غول، تم إعداده في أماكن كانت شاهدة على تاريخ البلاد، بمشاركة موظفي وزارة العدل من المدعي العام إلى القاضي، ومن الكاتب إلى حارس الأمن، وأنشدوا فيه النشيد الوطني التركي.

وشارك الوزير غول، الفيديو عبر حسابه، مع هذه الكلمات: "نحيي في الذكرى المئوية لاعتماد نشيدنا الوطني، ذكرى الغازي مصطفى كمال أتاتورك، وجميع أبطالنا الذين كافحوا لاستقلال بلادنا، وذكرى مؤلف نشيدنا الوطني محمد عاكف أرصوي، ونترحم على جميع شهدائنا. ربِّ لا تكتب على هذا الشعب كتابة نشيد وطني مرة ثانية".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!