ترك برس

قبل نجاح مصر في تحرير السفينة العالقة في قناة السويس، أكدت تركيا، مرتين على لسان وزير نقلها، عادل قره إسماعيل أوغلو، استعدادها لمساعدة القاهرة في عملية إعادة تعويم السفينة الجانحة والتي تسببت في توقيف حركة الملاحة في شريان رئيسي للتجارة العالمية.

وكان لافتاً وجود تركيا في مقدمة دول عرضت على مصر تقديم المساعدة.

ورغم أن السلطات المصرية لم تتفاعل بشكل مباشر مع العرض التركي، إلا أنها رحبت بعروض المساعدة الدولية في جهود تعويم السفينة وعبرت عن صادق الامتنان لكل ما تلقته من عروض للمساعدة، وإن اختصت بالذكر والشكر العرض الأميركي.

وإلى جانب الترحيب العام وغير المباشر، كان تناول عدد من وسائل الإعلام المصرية للعرض التركي إيجابيا وإن كان محدودا، ما فسره مراقبون بأن مصر تلقت الرسالة التركية بشكل إيجابي، وإن لم يرق رد الفعل لما يعكس ذلك بشكل واضح.

وفي هذا الإطار، يرى المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز، أن العرض التركي، جاء انعكاسا لتوجه عام تنتهجه تركيا في سياساتها الخارجية، يقوم في الأساس على التفريق بين القضايا الإنسانية والسياسية، حيث إنها لا تجد حرجا في عرض المساعدة أمام مثل هذه الحوادث حتى لإسرائيل نفسها، بحسب ما نقله تقرير لـ "الجزيرة نت."

لكنه أكد كذلك أن تركيا تعطي أهمية كبيرة لتحسين وتطوير علاقاتها مع مصر، ومن ثم يأتي هذا العرض كذلك في سياق المساعي المستمرة للوصول إلى هذا الهدف، الذي يصب في النهاية بمصلحة الدولتين والشعبين، التي هي في تقديره أكبر من كل الخلافات السابقة.

ويلفت يلماز في هذا السياق، إلى أن تركيا تعمل مؤخرا على تجديد سياستها الخارجية، وإزالة خلافاتها مع الجميع، وتأتي مساعيها لتطوير علاقتها مع مصر في هذا الإطار، كما أنها تسعى لإزالة الفهم الخاطئ لدى مصر في ترجمتها لبعض المواقف التركية والذي دفع بها إلى أحضان اليونان ضد المصالح التركية بالمنطقة.

وختم المحلل التركي بالقول إن رد الفعل المصري كان "إيجابيا" حتى وإن لم يكن مباشرا وواضحا، وهو في تقديره امتداد لموقف إيجابي عام تجاه المساعي التركية للتقارب.

وبدوره، فقد عبر رئيس أكاديمية العلاقات الدولية، أستاذ العلوم السياسية المصري، عصام عبد الشافي، عن اتفاقه مع المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز في أن المبادرة التركية تأتي في إطار دبلوماسية إدارة الأزمات والكوارث، التي يطلق البعض عليها "الدبلوماسية الإنسانية"، لافتا إلى قيام تركيا بالكثير من المبادرات السابقة المشابهة.

غير أنه لم يستبعد الربط بين المبادرة ودعوات المصالحة مع النظام في مصر، وإن كانت الدبلوماسية الإنسانية هي الدافع الأول للأمر حسب تقديره.

واستبعد تجاوب النظام المصري مع المبادرة، حيث يرى أن ذلك سيعكس "نوعا من أنواع الاعتراف بالقصور والعجز في مواجهة النظام التركي"، ويرى في هذا السياق، أن النظام المصري يخشى من استخدام هذه المساعدة إن تمت في إطار التفاوض الجاري بين الطرفين، كما أن القبول كان سيبرز عجزه وفشله بشكل أكبر.

بدوره، يرى أستاذ العلوم السياسية المصري خيري عمر، أن العرض التركي والتفاعل المصري غير المباشر معه، يأتي في سياق انفتاح البلدين على تقييم العلاقات إيجابيا بينهما مرة أخرى، ووجود نوع من التوجه نحو بناء الثقة بين البلدين.

ويشير إلى أن الترحيب المصري العام، دون استجابة واضحة للعرض التركي، يأتي بسبب وجود أطر قانونية لذوي الشأن تحكم الأمر، والتي تتطلب التعاون فقط بين الجهات المسؤولة عن الممر الملاحي والجهات المسؤولة عن السفينة أو عقود الصيانة، ومن ثم فإن دخول طرف ثالث ربما يعقد الأمور.

لكن عمر يرى أن هذا العرض سيجد أثره السياسي، فهو في تقديره، ضمن عوامل دعم العلاقات الثنائية، ووقوفه عند هذا الحد (العرض والترحيب غير المباشر) لا ينقص من قيمته، على اعتبار أن التجاوب مع أي عرض يترتب عليه مسؤوليات قانونية وأخرى مالية ضخمة ربما لا مجال لها.

وتعطلت حركة الملاحة بين آسيا وأوروبا لمدة 6 أيام بسبب جنوح سفينة حاويات عملاقة تدعى (إيفرجيفن)، بتاريخ 23 مارس/ آذار الماضي حتى 29 من الشهر ذاته.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!