ترك برس

لا يعد اسم "صبيحة غوكجن" غريباً على كل من يزور تركيا، وإسطنبول بشكل خاص، إذ أن هذا الاسم يحمله مطار على الشق الآسيوي من إسطنبول. فمن هي صاحب هذا الاسم الذي يحمل أهمية كبيرة لدى الأتراك.

ولدت صبيحة غوكجن في 22 مارس/آذار 1913 في مدينة بورصة، وفقدت والديها السيد حفيظ عزت والسيدة خيرية في سن مبكرة، وهو ما أثر سلباً على حياتها.

لكن كانت لظروف حياة غوكجن القاسية بعد وفاة والديها منفعة كبيرة في حياتها، إذ كانت السبب في أن يتبناها مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك عندما التقاها خلال زيارته لمدينة بورصة عام 1925، بعدما طلب الأذن من أخيها نشأت الذي كان يرعاها.

أصبحت غوكجن واحدة ضمن 8 أبناء تبناهم أتاتورك، وانتقلت للعيش معه في مقر "تشانقايا" الرئاسي في مدينة أنقرة، وأعطاها لقب "غوكجن" -الذي يعني بالتركية "متصل بالسماء"- في 19 ديسمبر/كانون الأول عام 1934.

اصطحب أتاتورك، غوكجن لحفل افتتاح مدرسة "تورك قوشو" للطيران التابعة لهيئة الطيران التركية عام 1935 في مدينة أنقرة، وتأثرت غوكجن بعروض الطائرات الشراعية التي أقيمت في الحفل، وبعدها بدعم من أتاتورك التحقت بالمدرسة كأول طالبة من الإناث، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت."

قادت غوكجن لأول مرة طائرة في 25 فبراير/شباط 1936، وخلال فترة دراستها أرسلت مع 7 طلاب من الذكور إلى شبه جزيرة القرم في روسيا، لتكمل تدريبها على مستوى عال لمدة 6 أشهر في أكاديمية كوكتيبيل.

وبعدها وبإصرار من أتاتورك تلقت غوكجن تدريبا خاصاً في مدرسة "أسكي شهير" للطيران على يد سامي أوتشان ومحي الدين باشا.

أصبحت غوكجن طياراً عسكرياً فور إنهاء تعليمها في مدرسة "أسكي شهير" للطيران، وفي البداية عملت في فوج المنطاد الأول، وبعد ذلك شاركت في مناورات تراقيا وبحر إيجة، وفي عام 1937 كانت أول طيار مقاتلة تشارك في الضربة الجوية لعملية درسيم، شرقي تركيا حالياً.

اكتسبت شهرة واسعة لما أظهرته من كفاءة عالية خلال قضية هطاي، إذ قامت غوكجن في 16 يونيو/حزيران 1938 بأمر من أتاتورك بالطيران في جولة بمفردها استمرت 5 أيام في البلقان، وخلال هذه الرحلة سافرت إلى مدن مثل أثينا وصوفيا وبلغراد، وعادت إلى إسطنبول في 22 يونيو/حزيران 1938.

في عام 1940 تزوجت من كمال إيسنر، وهو ملازم ومعلم عسكري في مدرسة الطيران ومنحته لقبها، لكنه توفي بعد 3 سنوات فقط، وتركت صبيحة غوكجن الجيش بعد وفاة أتاتورك، وعملت مديرة في مدرسة الطيران "تورك قوشو" حتى عام 1955.

حازت كوكجن بجدارة على ميدالية "موراسا" الشرفية التابعة للجمعية الجوية التركية عام 1937 بحضور رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس هيئة الأركان العامة.

وكذلك منحها رئيس هيئة الأركان العامة في يوغسلافيا جائزة "النسر الأبيض"، وهي أعلى وسام عسكري في البلاد.

وفي عام 1996 حصلت على أكبر جائزة في مسيرتها في مجال الطيران، وذلك عندما حضرت كضيف شرف في حفل تخرج كلية الأركان الجوية الأميركية في قاعدة "ماكسويل" الجوية، إذ تم اختيارها ضمن قائمة (20 طيارا كتبوا أسماءهم في التاريخ)، وهي بذلك الأولى والوحيدة التي منحت هذه الجائزة من النساء.

دخلت غوكجن موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأول طيار مقاتلة في تركيا والعالم من النساء، وخلال مسيرتها قادت طائرات محاربة ومفجرة، وطارت أكثر من 8 آلاف ساعة، منها 32 ساعة في مهام قتالية.

وفي عام 1996 قادت غوكجن رحلتها الأخيرة في عمر 83 عاما وبصحبة الطيار الفرنسي دانيال أكتون على متن طائرة فالكون 2000.

وتوفيت غوكجن في عمر الـ88 عاما في تاريخ ميلادها نفسه وهو 22 مارس/آذار2001 في أكاديمية "غول خانة" الطبية العسكرية بمدينة أنقرة.

ساهمت غوكجن بدرجة كبيرة في تطور الطيران التركي ورفع مكانة المرأة التركية، ومنحت أكثر من 30 ميدالية من الاتحاد الدولي للطيران، والجيش الروماني، والولايات المتحدة وغيرها، كما تم تكريمها بإطلاق اسمها على مطار بإسطنبول، وهو المسمى حاليا باسم مطار صبيحة غوكجن الدولي.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!