ترك برس

يُقيّم الكاتب التركي "حياتي سير" ما يجري اليوم من أحداث في كتابه الأخير "خير الروح"، من منظور العصر الرقمي والعوالم الصغيرة والكبيرة، وقد وضّح من خلال كتابته 14 كتابا وجهة نظره، بأن التوحيد يجمع ما بين القلب والعقل، وبأن كل ما يجري مرتبط بعضه ببعض.  

يصف سير العصر الرقمي في كتابه "خير الروح" بأنه العصر المظلم، كما يحاول التوضيح في 14 كتابًا سابقًا له، بأن كل شيء يتم صنعه من قبل الشركات الكبرى، وأن كل ما يحدث اليوم مرتبط بعضه ببعض.

بدأ سير، بكتابة الشعر منذ ما يزيد عن نصف قرن وهو في 12 من العمر، فهو لم يتوقف عن الكتابة والقراءة منذ تعلمها لأول مرة، وكتب أيضا عدة كتب أدبية لعشاق الأدب، كما يواكب التطورات في مجال الكتب الرقمية، ويتناول في كتابته مواضيع مثل الذكاء الاصطناعي والتفرد التكنولوجي والخلود الرقمي وإنترنت الأشياء.

ألّف سير، 14 كتابا، أهمها "الروح و الخلود الرقمي" و"الفيروس الرقمي ومعرفة العالم قبل نهاية العالم" و"حالة عشق الروح"، و"العشق الأبدي و نهاية العالم"، و"سيف الخير"، وكتابه الأخير "خير الروح" الذي قيّم به أحداث اليوم من خلال العوالم الصغيرة والكبيرة والحياة الاصطناعية والطبيعية والعصر الرقمي.

وقد أجرى محادثات أدبية مع عدة أدباء مثل إيجه أيهان، وفاضل حسنو داغلارجا، وإلهان برق، وأديب جانسوير، وتورغوت أويار، ونشر أول مجلة شعرية فلسفية تركية بمشاركة الكاتب أحمد صويصال، أطلق عليها اسم "بياض" لمدة 15 عاما، فالشعر له مكانة خاصة عنده، فهو لا يرى أن الرواية والقصة أدب.

كما يعتقد سير بضرورة كتابة شيء جديد دائمًا حيث قال: "أرى الشعر جديدا جدا، لأنني عند كتابته أمحو كل قديم وأعود بالكلمة لحالتها العذراء، أكتبه كأنني أكتب كلماته للمرة الأولى، فالكتابة العمودية تعطيني الأمل وتنقلني بقفزة إلى العلا، أما نثر الرواية والقصة فهو أفقي، لذلك أضجر منها، فالحياة العمودية هي علاقة مع الله في كل لحظة، وتجعلنا نشعر بالسلام والأمان".

ركز سير، على القرآن الكريم بعد الشعر، ويقول في ذلك: "قلت لنفسي لن أنشر شعرا بلا قبلة بعد الآن، فكلمات الشعراء تمتاز بالروعة، لذلك لم أستطع نشر قصائدي المهمة جدا، وتوقفت كتبي الشعرية، أكتب كتبا صوفية منذ 14 عاما، أكتب فيها أبيات شعرية، فالتفسير والمثل يعيدنا للوراء، وأنا أحبذ كتابة كل جديد قدر الإمكان، وبالرغم من حداثته إلا أنه يحتوي على تقاليد، وفيه شيء من المستقبل".

وأكد حياتي سير، أن كلمات القرآن الكريم تكون جديدة وحيوية باستمرار، وقال: "أسلوب كتاباتي بلغة التصوف والعشق، بعبارة أخرى كلما اتسع نور الإيمان في قلوبنا تتسع أذهاننا بقدر توسع الكون، لتنتظم كل النظم في داخله، كلما قرأت الفيزياء والعلوم وحتى فيزياء الكم، زاد انضباطي بجمعي ما بين الفيزياء والدين واللاهوت، واليوم من يدرس العلوم لا يعرف شيئا عن الدين، وأيضا من يدرس الإلهيات لا يعرف العلوم، فكلاهما قطبان منفصلان، ولإيضاح هذا الأمر وربطه ألفت 14 كتابا، وأنتظر أن تزال هذه الجبال".

أضاف سير، بأن التخصص أفسد مفهوم التوحيد في العصر الحديث، وقال: "لا أحد يفهم لغة الآخر اليوم، يتحدث كل شخص بلغة مختلفة... والجميع لا يرون ما الذي يحدث وما الذي انتهى، كما تغيرت الأشياء من حالتها الطبيعية وتمت إعادة صنعها، أقرأ في القرآن الكريم عن نظم مختلفة ومتداخلة، يجب علينا تطبيقها في الحياة، إلا أنني أواجه بأمور في حياتنا لا يصدقها العقل، بالنظر إلى أحداث اليوم في القدس وغزة، لا أحد يسأل مثل هذه الأسئلة: هل يريدون بناء معبد؟ هل يريدون هدم المسجد الأقصى؟ لا يقولون ما يروى تاريخيا فقط".

وتابع قائلا: "تعلم إسرائيل أبناءها بأنه قد ذكر في التوراة (لو لم تقم دولة إسرائيل ببناء المعبد، ستهلك بعد 74 عاما من تأسيسها)، يتوافق هذا التاريخ مع عام 2022، ستؤسس دولة إسرائيل الكبرى من دجلة إلى الفرات بعد بناء المعبد، ترتبط عدة دول عربية بإسرائيل اليوم، بينما الفلسطينيون وحيدون ولم يبقَ أحد واقفا معهم ما عدا تركيا، إن شاء الله ستقوم نهضة لتحريرها".

وأضاف سير، بأن ما يجري امتحان لكل مسلم، فهل سيتخلى عن جائحة الرعب؟ أم يسمو بنور العلم والإيمان الصادق؟

وأشار إلى أن للمسجد الأقصى أسرار ميتافيزيقية: "لا يمكن فهم ما حدث مما كتب في التاريخ، توجد العديد من الوثائق حول معبد سليمان في الأرشيفات العثمانية، افتحوها لنقرأها، لنفترض بأن فرسان الهيكل أرادوا هدم المسجد الأقصى بسبب منطقة الصخرة المعلقة، لعدم إمكانية بناء المعبد دون الصخرة المعلقة، فهي النقطة المعلقة بين السماء والأرض، فليقرؤوا كتاب (الجحيم) الذي كتب عن ذلك علانية، كما صعد الرسول صلى الله عليه وسلم عليها في ليلة الإسراء والمعراج، وقد كتبت عنها 3 كتب".

وذكر أن الناس بحاجة إلى قوة عقلانية لإدراك الأمور التي تحدث والتي لا تربط بينها علاقة: "أي لا توجد علاقة بين القدس واللقاح والمسجد الأقصى واللحم الاصطناعي، يراها الناس أمورا منفصلة، كلا إنها كلها متصلة، سنجعلك تفهم وتعرف ذلك، ستقرأ الكتب وستبتعد عن تلاعب وسائل الإعلام، وسينشأ لديك ترابط من خلال انسجام الكون، من ناحية الانسجام ومن ناحية أخرى الفوضى الرقمية، لقد أفسدت الرقمنة هذا الانسجام في الحياة".

تطرق سير، إلى إنتاج أفلام هوليوود قبل 15-20 عاما من الأحداث التي تجري اليوم، بما فيها فيروس كورونا قائلا: "كتب ما يحصل اليوم بالروايات وليس بالمقالات العلمية، كما عرضت أمريكا عرض محاكاة عن الفيروس قبل 4 أعوام، لم يكن سريا بل علانية، ولم يتخذ العالم أي إجراء ولم يسأل أحد عن ذلك، كما جرى الحديث عن اللقاح أيضا، وطبعت عدة كتب عنه، أما نحن فلا نقرأ لأننا نصدق كل ما تقوله هواتفنا الذكية".

وتحدث عن التفكير بالذكاء الاصطناعي قائلا: "مع الأسف نعاني اليوم من مشكلة أن العلم علم الشركات العالمية، سنحاول أن نكون أصحاب علم لأننا مسلمون، ليس كما هو عليه الآن، بل بمعرفة التوحيد، الذي يجمع بين القلب والعقل، لو حصلنا على العلم فقط سيرتبك العقل، أما القلب فلا يرتبك لأنه موطن الوحي، لن تكتمل المعرفة إذا لم نجمع ما بين التقدم العلمي للعقل وعشق القلب، ينبغي أن نستخدم لغة جديدة لإيقاظ الناس بالنظر إلى القرآن الكريم، ففي كل كلمة الكثير من الإشارات، سنقرأ كل أنواعها دون تعب، علينا التفكير بأننا سنكون أصحاب الأرض وأصحاب التقوى، وسنزرع الارض، حتى إذا قامت القيامة وفي يدنا شتلة سنزرعها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!