أسامة حساني - خاص ترك برس

شكلت مدينة القسطنطينية (إسطنبول) قبل فتحها عائقاً أمام توسع وانتشار الإسلام في أوروبا، لذا كان سقوطها بيد الدولة العثمانية عام 1453م عاملاً مهماً ساعد على دخول الإسلام بقوة إلى أوروبا.

لقد سبب سقوط القسطنطينية بيد المسلمين صدمة كبيرة للغرب النصراني، وقد تسلل الخوف والفزع إلى قلوب بعد أن بات للجيش الإسلامي قوة عظمى في أوروبا، وقد عمل أمراء وملوك الغرب جاهدين من أجل استعادة المدينة، إلّا أنه بعد انتهاء مشروع الحملة الصليبية بموت زعيمها البابا، لم يبقى سوى المجر والبندقية تواجهان الدولة العثمانية، أما "المجر" فقد انهزمت أمام جيوش الدولة العثمانية، وأما "البندقية" فقد عقت معاهدة حسن الجوار مع الدولة العثمانية حفظاً لمصالحها.

بعد أن نجحت الدولة العثمانية بالقضاء على الإمبراطورية البيزنطية التي كانت أحد أهم القوى المسيطرة في العصور الوسطى، بدأ العثمانيين بإرساء نظام عالمي جديد، إذ كان سقوط القسطنطينية بيد العثمانيين عام 1453م نقطة تحول الدولة العثمانية إلى إمبراطورية عظمى بحق.

حتى أن سيطرة المسلمين على القسطنطينية شكلت حدثاً غيّر مجرى التاريخ، إذ اعتبره المؤرخون نهاية للعصور الوسطى وبداية العصر الجديد، وبعد اتخاذها كعاصمة للدولة العثمانية باتت منارة لانتشار الفكر الإسلامي، وملجأ لعلماء ومفكرين الأمة الإسلامية آنذاك.

ويمكن تلخيص أبرز نتائج فتح القسطنطينية عام 1453م على العالم الإسلامي وأوروبا بما يلي:

- توحيد الإمبراطورية العثمانية في اسيا وأوروبا.

- سقوط الحاجز بين الحضارتين الإسلامية والأوروبية.

- أصبح للإمبراطورية العثمانية مركز تجاري من أعظم مراكز التجارة في العالم.

- استقرار الإسلام وانتشاره في أوروبا.

- أصبح الإسلام أحد أهم محركات السياسة العالمية من جديد، وبات للمسلمين دوراً أساسياً في شتى الأحداث العالمية.

- تحوُّل الملايين من سكَان جنوبي شرقي أوروبا إلى الإسلام.

- بدء عصر النهضة العلمية الحديثة.

- فتحت مدينة القسطنطينية للعثمانيين الطريق لان يصبحوا قوة بحرية هائلة وبناء الاساطيل.

- دراسة بعض الحكومات الاوربية فنون القتال العثمانية من نظام الإنكشارية وقوات المشاة الخفيفة.

بلا شك ما زال تأثير دخول الإسلام إلى القسطنطينية حاضراً إلى يومنا هذا، إذ كان بداية لتفوق الحضارة الإسلامية على أوروبا، وقد أجبر الغرب على القبول بالسيادة الإسلامية، واليوم بعد مرور 562 عاماً ما زالت تركيا تمثل قوة إقليمية كبرى لا تقل قدراً عن باقي دول أوروبا، نتيجة لفتح القسطنطينية الذي جعل منها صلة وصل بين أوروبا وآسيا، مما أكسبها أهمية جيواستراتيجية كبيرة.

وكونها أكبر المدن في تركيا، وثاني أكبر مدينة في العالم من حيث عدد السكان، تعد إسطنبول اليوم قلب تركيا النابض، والمركز الاقتصادي الأهم لتركيا، حيث تسهم بحوالي 22% من الناتج القومي التركي، وتنتج قرابة 55% من الصادرات التركية، وتوفر فرص عمل لأكثر من 20% من الأيدي العاملة في تركيا، كما تتجاوز ضرائبها نسبة 40% من مجموع الضرائب في الدولة، لذا تعد مدينة إسطنبول الأكثر مساهمة في إغناء خزينة الدّولة التركية.

زادت أهمية مدينة إسطنبول في السنوات الأخيرة عقب المشاريع الضخمة التي قامت بها حكومة حزب العدالة والتنمية، مما جعلها أحد أقوى المدن من حيث البنية التحتية.

وتمتلك اليوم إسطنبول جسران من أهم الجسور في العالم، وتعمل الحكومة الآن على إنشاء جسر ثالثا في إسطنبول فوق مضيق البوسفور، وسيكون هو المشروع الأكبر في تاريخ الجمهورية التركية، حيث سيكون الجسر الأطول في العالم، كما تمتلك اثنين من أكبر المطارات في تركيا، كما يتم العمل الآن على إنشاء مطار ثالث في إسطنبول، حيث سيكون أكبر مطار على مستوى العالم، وسيجعل منها حلقة وصل بين كل من أفريقيا والشرق الأدنى وآسيا الوسطى وأوروبا وأمريكا.

وتحتل مدينة إسطنبول اليوم المركز الخامس عالميا في ترتيب المدن الأكثر جذبا للسياح، إذ تعد من بين أفضل المدن روعة وأهمية من الناحية التاريخية على صعيد العالم، وتملك إسطنبول اليوم من المرافق السياحية ما يكفي لاستقبال 30 مليون سائحاً.

يبلغ عدد سكان إسطنبول اليوم حوالي 14 مليون و160ألف، وبهذا الرقم تسبق إسطنبول وحدها من حيث عدد السكان 130 دولة مثل اليونان، تونس، بلجيكا، النمسا، السويد.

عن الكاتب

أسامة حساني

محرر في وسائل التواصل الإجتماعي في ترك برس


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس