برهان الدين دوران - سيتا

في الأسبوع الأخير من الانتخابات تصعد وسائل الإعلام الغربية كما هو متوقع حملتها ضد الرئيس أردوغان، كما يظهر محتوى مماثل لعنوان مجلة الإيكونوميست المتغطرس “أردوغان يجب أن يرحل”، والذي يتجاوز الانحياز إلى المعارضة في فورين بوليسي ولوبوان ولوباكسبرس ودير سبيغل وواشنطن بوست، لم نكن نتوقع أن تنشر وسائل الإعلام الغربية التي أعلنت انتخابات 14 مايو “أهم انتخابات في عام 2023” لصالح أردوغان، إنهم لا يحبون أردوغان وسياساته النشطة القائمة على المصالح الوطنية لأنهم يريدون تركيا “خاضعة ومطيعة”، في بعض الأحيان ينزعجون من حقيقة أنه سوف يستريح وأحيانا يقوم بتحركات ستكون فعالة في التوازنات المتغيرة للنظام الدولي.

ومن الواضح أيضا أن فوز كليجدار أوغلو يفيد العواصم الغربية، إنهم يجدون حكومة معارضة تضع صواريخ S-400 في التخزين وتتصرف غربيا في العلاقات مع روسيا وتقول نعم لمطالب الناتو وتتبع سياسة مختلفة فيما يتعلق بوحدات حماية الشعب أكثر ملاءمة لمصالحهم الخاصة، إنهم لا يهتمون بما إذا كانت هذه في مصلحة تركيا أو ما إذا كانت قضايا من شأنها زعزعة استقرار المنطقة، لهذه الأسباب فإن التعليقات المتحيزة في وسائل الإعلام الغربية لا تفاجئ أحدا في الواقع، لا مجال للتعليقات الإيجابية حول أردوغان في هذه الإعلام، وحتى عند الحديث عن الأهمية الاستراتيجية والدبلوماسية المتنامية لتركيا فإنهم يستخدمون كلمات “الخطر والصعوبة والتوسع” بحذر، لقد وقفوا بالفعل إلى جانب المعارضة في كل انتخابات أجريت في تركيا على مدى العقد الماضي، في الواقع وصل تحليل الخطابات التي تنتجها وسائل الإعلام الغربية التي تدعي أن تركيا أصبحت “استبدادية في عهد أردوغان” إلى مستوى سيشكل أدبيات أكاديمية جادة.

لقد ضاعفوا الحجة والاتهام لدرجة أنهم أعادوا طبع استشراق إدوارد سعيد عدة مرات، لم يبق “الفاشية الإسلامية” ولا “العثمانية الجديدة” العدوانية، ولا “التركي التوسعي (السلطان)” ولم يبق لقب “بوتين الآخر”، والآن مع خسارة أردوغان في الانتخابات يتخيلون “خلق موجة ديمقراطية من شأنها الإطاحة بالأنظمة الاستبدادية الأخرى في جميع أنحاء العالم”، إن بعد هذا النهج عن الواقع أمر لا جدال فيه.

خلال عقدين من حكم حزب العدالة والتنمية أنتجت تركيا تجربة توفر الاستقرار في الأزمات في المناطق المحيطة بنا وتحترم خيار الشعوب، وقد نجحت في مكافحة العواقب السلبية للحروب الأهلية، وتهديد المنظمات الإرهابية ومشاكل تدفقات اللاجئين، إن تعزيز تركيا وإذا لزم الأمر التوتر مع حلفائها الغربيين يرتبط بإدارة أزمات المنطقة بشكل أفضل، لقد أثبتت الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي مرارا وتكرارا مدى نفاقها ومصلحتها الذاتية في أجندة “تعزيز الديمقراطية” في الشرق الأوسط وأفريقيا، يعرف العالم كله الآن أن أولئك الذين سمحوا للربيع العربي بالتحول إلى شتاء كانوا يقصدون مصالحهم الضيقة من خلال خطاب “الديمقراطية”، إن التحول الكارثي لغزو أفغانستان والعراق هو أحد الأسباب الرئيسية لانهيار النظام الليبرالي، لذلك فإن خطاب “إذا فاز كليجدار أوغلو، ستأتي الديمقراطية” في وسائل الإعلام الغربية هو حملة مضادة سيجدها الناخبون الأتراك قديمة ولن يحترموها، علاوة على ذلك فهم يدركوا أن هذا الخطاب يعني: “لقد تخلصنا من التركي الصعب الذي يريد مستوى متساويا من علاقات التحالف”، في الواقع إذا فاز كليجدار أوغلو فإن الناخبين ليسوا قلقين فقط من أن المعركة ضد حزب العمال الكردستاني ومنظمة غولن الإرهابية ستضعف وأن أمننا قد يتعرض للخطر.

هم قلقين من أن تركيا ستجد صعوبة في حماية مصالحها الوطنية في شرق البحر الأبيض المتوسط وبحر إيجه وسوريا وليبيا ومناطق أخرى، في مقالتي بالأمس قلت إن السياسة يجب أن تتفاعل مع تدخل مجلة الإيكونوميست في الانتخابات الديمقراطية في تركيا، لقد حذر التحالف الجمهوري من التدخل في انتخاباتنا ولكن حتى الآن لم يكن هناك صوت من المعارضة، ليس من المستغرب أن أولئك الذين لا يقولون “اخرسوا” لتصريحات قادة حزب العمال الكردستاني من قنديل لا يقولون كلمة واحدة لوسائل الإعلام الغربية.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس