برهان الدين دوران - صباح / سيتا

في الفترة التي سبقت انتخابات مايو 2023، كتبت أن صراع “المرشح المشترك” بين حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد قد تحول إلى معادلة “خاسرة”، بالنسبة لأكشينار  أدى فرض كليجدار أوغلو لترشحه والقضاء على امام اوغلو و منصور يافاش إلى قيامها من الطاولة السداسية والرجوع اليها بعد محاولة لإعدام سمعتها، هذا التنافس على المرشحين هو أحد القضايا التي جعلت كلا من أكشينار وكليجدار أوغلو يخسران في الانتخابات، بالطبع خسرت جميع مكونات المعارضة، لكننا سنرى أكشينار تجيب على الهزيمة الثقيلة بعد مؤتمر حزبها، إن النقاش حول “التغيير” الذي أثارته خسارة كليجدار أوغلو في الانتخابات يؤدي الآن بحزب الشعب الجمهوري إلى معادلة “خاسرة” مماثلة، ومن شأن تغيير كاسح بما في ذلك تغيير الرئيس، أن يجلب فوضى من شأنها أن تكلف الانتخابات المحلية أيضا ثمنا باهضا، إن حزمة التغيير بدون رئيس لن ترضي الناخبين المحبطين والغاضبين الوقت أيضا محدود للغاية، ولهذا السبب فإن سعي إمام أوغلو إلى “محاسبة عميقة الجذور” و”قيادة التغيير” هو على رأس الحديث اليومي في البلاد باعتباره “أزمة حزب الشعب الجمهوري”، وأصبح سؤال “ماذا سيحدث لهذه المعارضة؟” الشغل الشاغل لكل وسائل الإعلام.

كليجدار أوغلو، الذي أصبح رئيسا للحزب بالكلمة السحرية “التغيير”، هو هدف دعوات “التغيير” بمعنى “ترك الرئاسة” هذه المرة بعد 13 هزيمة انتخابية، من الواضح أن الأزمة الحالية لحزب الشعب الجمهوري متعددة الأوجه، يتم تناول القيادة والأيديولوجية والهوية والسياسة وبناء الرؤية في حزمة التغيير، يريد كليجدار أوغلو أن يكون “قائد” التغيير، وأن يكون على رأس حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات المحلية ويقرر ما إذا كان سينسحب وفقا لنتائج الانتخابات أم لا، ويحسب أن انشغال حزب الشعب الجمهوري بالمنافسة الرئاسية قبل الانتخابات المحلية سيؤدي إلى خسارة بلديتي إسطنبول وأنقرة، ويقال إن الناخبين سيتفاعلون مع رحيل إمام أوغلو عن رئاسة بلدية إسطنبول وأن حزب العدالة والتنمية سيستغل هذه الفرصة بشكل جيد، وفقا لتسريبات من محادثات كليجدار أوغلو وإمام أوغلو يبدو أنه تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن إعداد خريطة طريق في الوقت الحالي، إن فكرة أن إمام أوغلو يجب أن “يترشح لإسطنبول ويصبح رئيسا بعد الفوز” تزداد سخونة، من الواضح أن هذه الفكرة ستعزز موقف كليجدار أوغلو، سيقوم كليجدار أوغلو بتهدئة ردود الفعل الأولية من خلال اللعب على الوقت وبعد ذلك سيتم إعادة انتخابه كرئيس في المؤتمر وسيحدد المرشحين لرئاسة البلدية في الانتخابات المحلية.

لقد رأينا مهارة كليجدار أوغلو في تحديد خارطة الطريق خلال اجتماعات الطاولة السداسية، كليجدار أوغلو الذي نجح في جمع “ائتلاف كبير” ضد أردوغان وجعل أكشينار تقبل ما أراد في هذه العملية، وضع الآن إمام أوغلو وحزب الشعب الجمهوري في معادلة “خاسرة” جديدة، وفي ظل خطر الحظر السياسي فإن مساحة المناورة السياسية المتاحة لإمام أوغلو ضيقة، إذا ترك منصب رئاسة البلدية من أجل رئاسة الحزب فإنه يخاطر بفقدان كليهما، إن احتمال فرض حظر وتوقيته يعقِّد اتجاه خيار إمام أوغلو السياسية،إن استهداف رئاسة البلدية أو الرئاسة العامة للحزب لا يقضي على المخاطر، علاوة على ذلك ليس من الواضح ما هو منظور إمام أوغلو للتغيير بالنسبة ل «حزب الشعب الجمهوري».

إن الحجة القائلة بأنه “لو كان مرشحنا يافاش أو إمام أوغلو بدلا من كليجدار أوغلو، لكنا قد فزنا” لا يمكن إلا أن تكون عزاء المعارضة اليوم، لا ينبغي الاستهانة بما فعله كليجدار أوغلو للفوز برئاسة حزب الشعب الجمهوري، إذا كان إمام أوغلو مرشحاً فما الذي يمكن أن يفعله بشكل مختلف؟ ليس لديه نفس المزاج الذي كان عليه عندما تم انتخابه رئيسا لبلدية إسطنبول، كما أن أدائه في رئاسة البلدية لمدة 4 سنوات ضعيف للغاية، وكما وقعت المعارضة في فخ مناظرة “المرشح المشترك” قبل انتخابات مايو وقع حزب الشعب الجمهوري الآن في مأزق “أي نوع من التغيير”؟ تكمن الصعوبة في أن عدم وجود تغيير شامل هو خسارة بذاته، ولكن هناك خطر كبير من فقدان مثل هذا التغيير أيضا، الحكومة التي فازت بالأغلبية في كلا من البرلمان والانتخابات الرئاسية تعمل بالفعل بشكل كبير جداً، وهذا يؤكد إنها معادلة “خسارة” كاملة للمعارضة.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس