هلال قبلان – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير – ترك برس

كنا نُطرد من أمام المدارس، كنا نُطرد من المستشفيات والبلديات ومن أمام المؤسسات المدنية، كنا نُطرد من القطاع الخاص، وكنا نُطرد من البرلمان، وقد شعرنا كلنا نحن المحجبات، بألم يعتصر قلوبنا، عندما طُردت مروة قاواقجي من قاعة البرلمان لأنها ترتدي الحجاب، برغم أنه تم انتخابها كغيرها بأصوات الشعب، وقالوا يومها "هنا ليس مكان لتحدي الدولة"، ولم يسمح لها النواب المراهقون حتى بالاقتراب من منصة حلف اليمين.

يومها قالوا "ألزموا هذه المرأة حدها"، ولم تكن مروة هي المرأة الوحيدة التي قاموا بتعنيفها في البرلمان، وإنما قاوموا بنفس الشيء مع ليلى زانا، التي قامت برفع شارة ملونة بألوان الأصفر والأحمر والأخضر بعد حلفها اليمين وهتفت "لتعش الأخوة الكردية التركية".

كانت هذه الأمور بالنسبة للكماليين، أمورا تؤدي إلى بطلان حلف اليمين، ولهذا لم يُقبل يمينها، ونوديت مرة أخرى من قبل رئيس البرلمان الذي قال لها "ابنتي، اسحبي كلامك"، وردت عليه زانا قائلة "أنا قلت الإخوة"، لكن ذلك لم يكن كافيا، وأجبروها على قول "اسحب كلامي" مرتين، ثم سمحوا لها بأنْ تحلف اليمين مرة أخرى، لكنها قالت أثناء حلف اليمين "أنا وأصدقائي نحلف اليمين تحت ضغط الدستور"، ولهذا أجبروها مرة أخرى على سحب كلامها، وهذه الواقعة بقيت شاهدة ومسجلة في التاريخ.

ولهذا لم يكن المجلس في الماضي مجلسا مدنيا، وإنما كان مجلسا اضطهاديا لا يستطيع فيه الأرمني ولا الروماني أنْ يفصح عن هويته فضلا عن أفكاره، لكن هذا تغيّر، كما تغيرت العديد من الأمور الأخرى، في عهد حزب العدالة والتنمية.

رفعوا القضايا ضد المحجبات، وترك حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية البرلمان أثناء الحديث عن عملية السلام والمصالحة الوطنية مع الأكراد، فبينما كان اردوغان يتحدث عن "السلام" تركوا البرلمان وخرجوا، إلا أنهم اليوم، اضطروا على هضم كل تلك الأمور، ولم يستطيعوا القيام بأي ردة فعل بعدما دخلت أول نائبة محجبة إلى قبة البرلمان مرة أخرى عام 2013.

دخلت يوم أمس روضة قاواقجي، الأخت الأصغر لمروة قاواقجي، وارتدت نفس الملابس التي ارتدتها أختها الكبيرة عندما تم طردها من البرلمان، ونفس الحجاب وحلفت اليمين، وهذا المشهد هو مشهد فخر لنا جميعا، ونحن مدينون فيه إلى كل الصابرات اللواتي صبرن رغم الألم والاضطهاد والعنف، فاليوم هو يوم نصر لهن ولكفاحهن، كما أنّ هذا الأمر يعود الفضل فيه إلى إصرار اردوغان وثباته، رضي الله عنهم جميعا.

عن الكاتب

هلال قابلان

كاتبة في صحيفة يني شفق


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس