فهمي كورو - صحيفة خبر ترك – ترجمة وتحرير ترك برس

ما يزال المتحدثون باسم الحزب الحاكم يستمرون في تكرار جملتهم "تعلمنا درسا من صندوق الانتخابات"، بينما يكرر المتحدثون باسم المعارضة جملة "استلمنا رسالة الناخب"، وكأنّ الناخبين لم يقوموا بالتعبير عن إرادتهم من خلال التصويت، وإنما من خلال التعبير عن آرائهم ورؤيتهم وأفكارهم.

لا شك أنّ أصوات الناخبين تدل على بوصلة المجتمع، لكن ما يجب علينا القيام به أنْ نقرأ تلك البوصلة بصورة صحيحة، والكل يدعي أنه استطاع "قراءة رسالة الناخب"، لكن هل يا ترى استطاعوا قراءتها بصورة صحيحة؟

هذا السؤال يضيء الطريق أمامنا لمعرفة كواليس البحث عن حكومة ائتلافية، ولفهم إجابة هذا السؤال، هناك طريقة واحدة، وهي الأجوبة التي حصلت عليها مؤسسات البحوث والدراسات على الأسئلة التي وجهتها للناخبين بعد الانتخابات.

يوجد بين أيدينا بحث أجرته شركة "metro-poll" التي كانت توقعاتها هي الأقرب من النتائج التي حصلنا عليها في الانتخابات، وبحثها هذا الذي نتحدث عنه، أجرته في الفترة ما بين 9-13 حزيران، سألت فيه 2483 شخصا في 28 محافظة.

والمفاجئ في هذا البحث، أنّ 58% من الناخبين يعتقدون أنّ "الاقتصاد ما زال يُدار بصورة سيئة" في تركيا، وما وجده الناخبون من وعود انتخابية في الناحية الاقتصادية هي تلك التي قدمتها الأحزاب السياسية، مثل وعد حزب الشعب الجمهوري بتقديم "راتبين كإكرامية للمتقاعدين"، ووعود حزب الحركة القومية بزيادة "الحد الأدنى للأجور"، لكن هؤلاء الناخبون لم يجدوا وعودا اقتصادية حقيقية من قبل حزب العدالة والتنمية، أو لم يدركوها أو لم تصل إليهم.

والأمر الآخر الملفت في التقرير الذي قدمته الشركة، هو أنّ 1% فقط من الأصوات التي ذهبت لحزب الحركة القومية كان سببها وعد الحزب "بالقضاء على عملية السلام" مع الأكراد، وهذا يدل –حسب التقرير- على أنّ موضوع إنهاء عملية السلام والوقوف في وجهها لا يشكل أولوية كبيرة بالنسبة للمجتمع التركي.

والإجابات على سؤال "لماذا لم ينجح حزب العدالة والتنمية بصورة كافية؟" كانت تتمحور حول وجود علامات استفهام على أداء الذين خرجوا أمام المؤيدين لحزب العدالة والتنمية في المهرجانات الانتخابية، ويُفهم أيضا من خلال الإجابات، أنّ الناخب منزعج من شكل استخدام الحزب الحاكم للإعلام.

وهناك نقطة هامة أيضا متعلقة بحزب الشعوب الديمقراطي يشير إليها التقرير، حيث أنّ 52% من الذين تم دراستهم يقرون بأنّ النتائج التي حصل عليها الحزب تشير إلى أنه أصبحا حزبا "تركيا" بامتياز، لكن تحويل ذلك إلى صفة ثابة للحزب، تتطلب إنهاء الاعمال الخارجة عن إطار السياسية، وإغلاق عهد التلقين والإجبار، حسب ما توصل إليه التقرير.

وبالنسبة لحزب الشعب الجمهوري، فلقد خسر ما نسبته 1% من الأصوات في الانتخابات الاخيرة، لكن المؤيدين للحزب لا يرون ذلك "فشلا"، فحسب التقرير، 5% فقط يرون ذلك فشلا، وكذلك يشير التقرير إلى أنّ من تم استطلاع رأيهم يرون أنّ هذا النقصان سببه التصويت لحزب الشعوب الديمقراطي من أجل أنْ يتجاوز نسبة الحسم.

وربما ما يبدو غريبا في التقرير، هو وجود 48% من الناخبين المؤيدين لحزب العدالة والتنمية يُطالبون بنقل مقر رئاسة الجمهورية التركية، و42% منهم لا يؤيدون ذلك، وهذه نسبة ليست قليلة.

والسؤال الأخير، ما هي رؤية الشعب حول نماذج تشكيل حكومة ائتلافية؟

دعونا نبدأ من النموذج الأقل تأييدا، وهو تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعوب الديمقراطي، حيث أيّد هذا التحالف 6% فقط من الذين تم استطلاع رأيهم، بينما حصل نموذج تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية على أعلى نسبة تأييد والتي بلغت 23%، بينما أيّد 20% من الذين أجريت عليهم الدراسة تكوين تحالف بين أحزاب المعارضة الثلاثة، بينما حصل التحالف الأكثر حديثا وتداولا بين الناس، وهو تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الشعب الجمهوري على تأييد 8% فقط.

ولهذا أدعو الذين يقولون "فهمنا رسالة الصندوق" أنْ يلقوا نظرة على تقرير شركة "metropoll" ليفهموا ما يجري بصورة أفضل.

عن الكاتب

فهمي كورو

كاتب في موقع خبر ترك


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس