ترك برس

قالت دراسة جديدة لمركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، والمرتبط بالموسسة الأمنية والعسكرية، إن إدارة الرئيس أوباما تسعى من وراء اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا إلى منع التقارب التركي مع المحور الروسي التركي، وإلى منع التصعيد بين تركيا والتنظيمات الكردية الذي قد يؤدي إلى تآكل المكاسب التي حققتها في شمال سوريا، وتفكك قوات سوريا الديمقراطية التي تدعمها.

وتناولت الدارسة التي صدرت اليوم عن المركز، واطلع عليها ترك برس، فرص نجاح اتفاق الهدنة في سوريا، وقالت إن اللاعبين الدوليين والإقليميين يتمنون اليوم أكثر من أي وقت مضى نجاح الهدنة، فالإدارة الأمريكية ترغب في تسجيل إنجاز ملموس يحسن من إرث أوباما مع انتهاء فترته الرئاسية واستعدادا للانتخابات.

أما تركيا فترى في الاتفاق ضمانا للحد من الطموحات الكردية للاستقلال في شمال سوريا، ويضمن لها الوضع الحالي دورا رئيسا في تشكيل مستقبل سوريا بسبب وجودها العسكري على الأرض، ونفوذها على قوات المعارضة، وعلاقاتها مع الولايات المتحدة وروسيا وإيران.

وبحسب الدراسة التي أعدها الباحثان أودي ديكيل القائم بأعمال رئيس المركز، والدكتور أوفير فينتير  فإن روسيا وإيران اللتين تكبدتا خسائر بسرية ومادية باهظة بسبب الحرب المستمرة، قد ترضيا بتثبيت وضع الأسد في "سوريا المفيدة"، وبسبب الشرعية التي يمنحها الاتفاق لتحييد قوات المعارضة ما لم تفك ارتباطها بجبهة فتح الشام.

وفيما يتعلق بفرص نجاح الهدنة، قالت الدراسة إن جميع اللاعبين المتورطين في الأزمة السورية تراودهم شكوك عميقة حول فرص نجاح الاتفاق وهذه الشكوك لا ترجع إلى التجربة السابقة لوقف إطلاق النار، بل إلى تراكم عوامل تعمل ضد الخط الحالي:

وأول هذه العوامل الغموض الكبير حول القضية الرئيسة وهي مستقبل بشار الأسد، فالخطة الأمريكية الروسية التي نشر جزء منها فقط تركز على الرد الفوري على العنف المستمر والأزمة الإنسانية، والحرب على داعش وجبهة فتح الشام، لكنها لن تتطرق إلى عمق الأزمة.

وبالإضافة إلى ذلك فإن الرسائل التي وجهتها الولايات المتحدة وروسيا لحلفائهما حول وضع الأسد كانت غامضة. فخلال المؤتمر الصحفي لكيري ولافاروف تم التأكيد مرارا وتكرارا على الدور الرئيس للأسد في الحفاظ على الهدنة دون التطرق صراحة إلى مصيره. وفي المقابل فإن الرسالة التي بعث بها المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا مايكل راتني إلى المعارضة السورية تمنت تعهدا بأن الهدف من الاتفاق تمهيد الطريق لتغيير سياسي حقيقي، يتجسد في " سوريا جديدة بدون بشار الأسد.

وثاني هذه العوامل هو التحديات المعقدة التي تقلل من قدرة الولايات المتحدة وروسيا على التدخل لتنفيذ الهدنة، فهناك علامات استفهام حول مدى التزام الشركاء الرئيسيين بالاتفاق، وهذا ينطبق على المعارضة السورية المسلحة التي تتميز بالانقسامات الداخلية وعدم وجود قيادة مركزية قوية قادرة على فرض سلطتها على جميع الأطراف. وفي المقابل، فعلى الرغم من الوعد الروسي بكبح جماح القوات الموالية للنظام السوري، فإن الاتفاق لا يتضمن آليات محايدة للتنفيذ والعقاب ومتفق عليها في حال خرق الأسد وحلفائه للاتفاق.

لكن الدراسة استدركت أن هناك عوامل مهمة ذات وزن قد تساعد على نجاح اتفاق الهدنة، أولها أن النظام والمعارضة على حد سواء أُنهكا من معارك الاستنزاف التي وقعت في حلب في الأشهر الماضية، وأدت إلى إجهاد الطرفين، وبدا للطرفين أن استمرار المعارك عديم الجدوى. وثاني هذه العوامل أن الولايات المتحدة وروسيا عمقا من التنسيق بينهما، وتوصلا إلى تفاهم بأنهما ملتزمتان بكبح جماح حلفائهما.

وبالنسبة الإسرائيل فإن القضية الرئيسة التي ينبغي أن تقلقها على خلفية الاتفاق، كما يقول الباحثان، تتعلق بالواقع على الأرض في جنوب سوريا. فخلال الأيام الماضية سقطت قذائف هاون على الجولان من جانب قوات الأسد أو من قوات المعارضة، كما أطلقت صواريخ مضادة للطائرات على طائرات الجيش الإسرائيلي التي كانت تحلق في القنيطرة، ومن ثم فهناك احتمال لتدهور الوضع.

وقالت الدراسة إن على إسرائيل أن تتأكد من أن المعارضة لن تنجح في جرها إلى المواجهة الداخلي في سوريا بإطلاق قذائف الهاون، ما قد يؤدي إلى رد إسرائيلي ضد قوات الأسد. وفي الوقابل من المحتمل أن يكون الأسد ازدادت ثقته بنفسه بعد الهدنة التي يعدها انجازا له ، ويتطلع إلى توسيع الهدنة إلى الجنوب. وفي حال صمود اتفاق الهدنة، فإن ذلك سيشجع نظام الأسد وحلفاءه إيران وحزب الله على استنساخ التجربة في الجنوب على افتراض أن إسرائيل ستختار عدم الرد حتى لا ينظر إليها على أنها تنسف الهدنة.

وخلصت الدراسة إلى أن الحفاظ على الوضع الراهن في جنوب سوريا يتطلب تصديق التفاهمات مع روسيا والولايات المتحدة حول حق إسرائيل في الاستمرار في فرض الخطوط الحمراء الأمنية، وفي مقدمتها منع وجود قوات لميليشا حزب الله في الجنوب السوري، وتسلل النفوذ الإيراني إلى بالقرب من حدود الجولان. كما أن على إسرائيل العمل بالتنسيق مع الأردن على تحقيق التزام الولايات المتحدة وروسيا باحترام مصالح تل أبيب وعمان في جنوب سوريا في أي تسوية فورية أو مستقبلية للأزمة السورية. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!