روبرت فورد - وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير ترك برس

هل بإمكان ترامب إبقاء الأتراك والأكراد في صفه؟

عندما يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان واشنطن الأسبوع المقبل، سيمضي مع الرئيس دونالد ترامب وقتًا طويلًا في مناقشة مستقبل "وحدات حماية الشعب" (YPG)، المفضلة أمريكيًا في الحرب ضد تنظيم الدولة (داعش). وبمساعدة الولايات المتحدة على مدى العامين ونصف العام الماضيين، استعادت القوات المناهضة لداعش التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب نحو 7400 كيلومتر مربع من شمال شرق سوريا من الجماعة الإرهابية. ومن وجهة نظر الرئيس أردوغان، تساعد هذه الاستراتيجية، التي تبنتها إدارة أوباما والآن ترامب، جماعة إرهابية كردية تهدد أمن تركيا وسلامة أراضيها – الأمن والسلامة التي يفترض أن يساعد الناتو على الدفاع عنهما. وسيكون رد أردوغان المحتمل: مزيد من الضغط على حلفاء أمريكا الأكراد في سوريا، حتى لو كان هذا الضغط يقوض هدف واشنطن في الحد من التهديد العربي المتطرف في شرق سوريا.

وتظهر الأحداث الأخيرة مدى تعقيد هذا الأمر بالنسبة لإدارة ترامب. فبعد قصف تركيا لمواقع وحدات حماية الشعب في شمال العراق وسوريا في 25 أبريل/ نيسان، التقى ضابط عسكري أمريكي مع قائد معروف لحزب العمال الكردستاني- جماعة إرهابية بالنسبة لتركيا منذ وقت طويل جدًا، وعلى قائمة المنظمات الإرهابية العالمية بالنسبة للولايات المتحدة منذ عام 1997. أثار الاجتماع غضبًا عارمًا في تركيا وسخطاً من الرئيس أردوغان. ولكن أظهر إعلان يوم الأربعاء- أن الولايات المتحدة ستسلح وحدات حماية الشعب- أن أردوغان فشل في إقناع الأمريكيين بتغيير مسارهم مع حزب الاتحاد الديمقراطي – وحدات حماية الشعب، على الرغم من الضغط الشديد. وهنا، تعد زيارته لواشنطن صعبة بالنسبة للحكومتين.

في الواقع، ليس أردوغان مخطئًا في توحيد تصنيف الجماعات الكردية المختلفة. ففي مقابلة مع عثمان أوجلان في عام 2013، شقيق زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، ادعى عثمان أنه وشخصيات أخرى من حزب العمال الكردستاني أسسوا حزب الاتحاد الديمقراطي- وهو الذراع السياسي لوحدات حماية الشعب- في عام 2003 في جبال قنديل العراقية- المقر الرئيسي لحزب العمال الكردستاني. كما أن حزب الاتحاد الديمقراطي عضو في اتحاد الجماعات الكردية، الذي تأسس في عام 2005 في جبال قنديل من قبل مجلس الشعب الكردستاني- وهو منظمة حزب العمال الكردستاني التي أضافتها وزارة الخارجية إلى المنظمة الإرهابية العالمية في كانون الثاني/ يناير 2004. الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي لاتحاد الجماعات الكردية هو جميل باييك، القائد بالنيابة لحزب العمال الكردستاني. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نشطاء ومقاتلي وقادة حزب العمال الكردستاني يتصدرون الرتب العسكرية في حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب. حيث قال مقاتل من وحدات حماية الشعب لصحيفة وول ستريت جورنال إنه كان مع حزب العمال الكردستاني من قبل، وأن المقاتلين تناوبوا بانتظام بين الكيانات المسلحة لحزب العمال الكردستاني. وقال رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني- وهو حليف وثيق للولايات المتحدة ضد داعش- في مارس/ آذار 2016 إن حزب الاتحاد الديمقراطي وحزب العمال الكردستاني هما في الأساس نفس الكيان.

ومع ذلك، لا تزال إدارة ترامب (وأوباما من قبلها) تؤكد في الآونة الأخيرة ومن قبل (8 آذار/ مارس)، أن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني كيانات منفصلة. ولكن هذا ليس له أساس من الصحة في الواقع الملموس. وبالنظر إلى الروابط العضوية بين وحدات حماية الشعب وحزب العمال الكردستاني، من المرجح أن توفر المنطقة المستقلة لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا عمقًا استراتيجيًا لحرب حزب العمال الكردستاني المستمر والمستقبلي ضد تركيا، وهو أمر يعيه أردوغان ويخافه. وهناك تقارير من تركيا بأن مسلحين أكراد مع حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي نسقوا ودربوا في مناطق شمال شرق سوريا تسيطر عليها وحدات حماية الشعب؛ لشن هجمات في إسطنبول وأنقرة وبورصة في عام 2016.

بالاعتماد على وحدات حماية الشعب في المعركة ضد داعش، تساعد الولايات المتحدة جماعة إرهابية ضد أخرى. هذا على الرغم من سياستها طويلة الأمد المتمثلة في عدم العمل مع أي منظمة على قوائم الإرهاب العالمية، كما تفعل مع وحدات حماية الشعب، التي هي رديفة بشكل فعال لحزب العمال الكردستاني. وبطبيعة الحال، يجادل البعض بأنه لا ينبغي لحزب العمال الكردستاني أن يكون على قائمة المنظمات الإرهابية الأمريكية. ومن شأن إجراء مناقشة متعمقة بشأن شروط شطب حزب العمال الكردستاني من قوائم الإرهاب أن يتطلب شهورًا. في الوقت نفسه، ومع ذلك، فإن تجاهل قيود قائمة المنظمات الإرهابية في السلوك الرسمي للولايات المتحدة مع منظمة مدرجة مثل حزب العمال الكردستاني والجماعات التابعة لها يعكس عدم انتظام سياساتها، مما يقلل من مصداقية أمريكا في مكافحة الإرهاب.

كما أن افتتان أمريكا بحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني يسمح لها أيضًا بتجاهل بعض الحقائق غير المريحة التي ستلاحقها بعد فترة طويلة من طرد داعش من الرقة. في حين أن منظمة حزب العمال الكردستاني علمانية، لكنها ليست ديمقراطية. فقد قمعت منافسين سياسيين، واحتجزت نشطاء سياسيين أكراد آخرين، واحتجزت وضيقت على صحفيين مستقلين. وما هو أكثر من ذلك، سيسبب تركيزها على المساواة بين الجنسين وإصرارها على فرض أجندة سياسية مشاكل للحكم المستقبلي للرقة وغيرها من المدن ذات الأغلبية العربية التي تساعدها الولايات المتحدة الآن على طرد داعش منها.

بالنظر في قضية ليلى محمد، عضو حزب الاتحاد الديمقراطي وناشطة في حقوق المرأة من بلدة تل أبيض على الحدود التركية السورية. في محادثة، تحدث مسؤول أمريكي كبير بافتتان عن تفانيها والتزامها بقضية المرأة في سوريا. وبالرغم من اعتراضات بعض القادة العرب في الرقة، عينت قوات سوريا الديمقراطية ذات الأغلبية من حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب السيدة ليلى محمد رئيسة لمجلس إدارة الرقة الجديد الذي سيحكم الرقة بعد طرد داعش.

لكن الرقة- أكثر من دمشق وحمص وحلب- معروفة لدى السوريين كمدينة عربية محافظة، حيث تحتفظ العديد من المجتمعات بصلات مع القبائل الممتدة على طول نهر الفرات وشرقًا إلى الصحراء السورية باتجاه العراق. وأيضًا تسود الأعراف التقليدية، بما فيها تلك التي تحكم أدوار ومهام المرأة. ويجد الكثير من الأمريكيين القيود المفروضة على النساء العربيات محل اعتراض، ويثني على نشاط السيدة محمد. ولكن كان من الواجب أن تعطي حرب العراق واشنطن درسًا، بأنها لا يمكنها أن تفرض معاييرها الاجتماعية والسياسية على المجتمعات المحافظة في الشرق الأوسط دون أن تحرض على رد فعل مضاد إن كان ذلك بشكل مباشر أو عن طريق حلفاء محليين.

إن استطلاعات الرأي العربية في السنوات الأخيرة تجعل من هذا التوتر أمرًا عاديًا. حيث أظهر استطلاع غير رسمي لمقاتلي داعش في عام 2014 أجرته شركة اتصالات لبنانية أن الدفاع عن الطوائف السنية التي تتعرض للمهاجمة كان السبب الرئيسي وراء تجنيد أشخاص من بلدان إسلامية أخرى. وأبرز استطلاع الرأي الذي أجراه مركز أصداء "استطلاع بيرسون مارستيلر للشباب العربي" لعام 2016 كيف تغذي النقاشات حول أفضل طريقة لتفسير الإسلام وتصوراته- التي يتم فرضها من الثقافة الغربية على المجتمعات العربية- تجنيد المتطرفين. حيث يقف كل من التنافس العرقي العربي الكردي الذي طال أمده والأجندة الإيديولوجية لحزب الاتحاد الديمقراطي- مثل فرض المساواة بين الجنسين- وراء تعزيز تجنيد المتطرفين بعد أن ينتقل تنظيم داعش إلى التمرد بعد سقوط الرقة.

في الوقت الراهن، لا يزال تنظيم داعش في الرقة ولم ينتقل بعد إلى وضع تمرد واسع النطاق. ولكن لن يطول الأمر حتى يتوجب على واشنطن أن تقرر من سيسيطر ويحكم الرقة وشرق سوريا، ومن سيدفع ثمن ذلك. وكما قال كولن باول لجورج بوش الابن عام 2003، إذا أطاح بوش بصدام، ستمتلك أمريكا "العراق"، وعليها أن تتحمل مسؤولية ذلك. وقد يكون لدى أمريكا قريبًا ألف جندي إضافي في شرق سوريا، ويسيطر حلفاؤها على أراضٍ جديدة من داعش كل أسبوع بدعم من الولايات المتحدة، بما في ذلك كتيبة مدفعية بحرية وضربات جوية منتظمة. وتوجد حتى قوات حفظ سلام أمريكية منتشرة في منبج وعلى مقربة من تل أبيض لمنع المقاتلين الأتراك والعرب السوريين والأكراد السوريين من إطلاق النار على بعضهم البعض. وتلقي أمريكا الآن بقبضتها على شرق سوريا بشكل فعال.

وعن علم وضعت إدارة أوباما أمريكا في هذا الاتجاه، ولكن سيدفع ترامب- الذي تكلم عن بناء الأمة في حملته الانتخابية- فواتير باهظة الآن. وستزداد الصعوبات الأمريكية سوءًا إذا أثارت تركيا المزيد من المشاعر المعادية لحزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب في هذه المنطقة ذات الأغلبية العربية. وبالتالي، سيتوجب علينا عقد اتفاق مع أردوغان.

وفي الختام، الأهم من ذلك كله هو: يعتقد الأكراد السوريون- مثلهم مثل العديد من قبلهم في الشرق الأوسط- أن الأميركيين سيحمونهم من أعدائهم. وقد نسوا التجربة المريرة لمصطفى بارزاني، الزعيم الكردي العراقي الذي دعمه الأمريكيون في السبعينيات ضد النظام البعثي العراقي، وضحوا به في عام 1975 عندما عقد شاه إيران المدعوم من الولايات المتحدة صفقة مع بغداد. حيث أوقف هنري كيسنجر إمدادات الأسلحة الأمريكية إلى برزاني، واجتاحت القوات العراقية كردستان العراق؛ مما اضطر مصطفى برزاني- والد الرئيس مسعود بارزاني- للفرار إلى الولايات المتحدة ومات في منفاه. لهذا السبب، يجب على الأكراد السوريين اليوم ألا يتوقعوا الأفضل من الأميركيين؛ خاصةً مع رؤساء مثل أوباما وترامب.

عن الكاتب

روبرت فورد

السفير الأمريكي السابق في سوريا


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس