ترك برس

أدى استهداف جماعة الحوثي في اليمن السفن الإسرائيلية العابرة لمضيق باب المندب بالبحر الأحمر، إلى اختلال في سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية، الأمر الذي أثر سلباً على الحركة التجارية لدول المنطقة والتي تعد تركيا واحدة منها.

وقبل اندلاع الأحداث الأخيرة في قطاع غزة، كانت هناك عدة مسلمات تخص أمن وسلامة التجارة الدولية ومساراتها المهمة، ومن بينها مضيق باب المندب على البحر الأحمر، حيث مرور السفن العابرة من دول الخليج النفطية إلى أوروبا وآسيا.

ولكن في واحدة من صور التوظيف الجيوسياسي، وتحديدا في 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قلبت جماعة الحوثي تلك المسلمات رأسًا على عقب، حيث استهدفت أكثر من سفينة لها علاقة مع إسرائيل، وذلك في محاولة للضغط عليها لوقف الحرب على غزة والسماح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى هذا القطاع المحاصر، بحسب تقرير لـ "الجزيرة نت".

ولم يكتف الحوثيون باحتجاز إحدى السفن المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي، ولكنهم استهدفوا عدة سفن كانت تحمل بضائع ومنتجات لإسرائيل، مما أثر بشكل واضح على حركة السفن في تلك المنطقة.

وعلى الإثر أعلنت أكثر من شركة ملاحة عن تغيير خططها الخاصة بسير رحلاتها البحرية، بحيث تكون بعيدة عن مسار باب المندب القريب من اليمن، كما أن أسعار النفط بدأت تتأثر، فحملت وسائل الإعلام أنباء عن ارتفاع أسعار النفط أمس الاثنين، بسبب المخاطر التي تهدد الشريان الحيوي لتجارة الخام الدولية.

تأثير تهديدات الحوثيين على التجارة الدولية

تقرير الأونكتاد لعام 2022، والذي جاء تحت عنوان "استعراض النقل البحري" أشار إلى أن التجارة البحرية العالمية عام 2020 تراجعت بنسبة 3.8% جراء جائحة كورونا، إلا أنها عام 2021 ارتفعت مرة أخرى بنسبة 3.2%، وبلغت الشحنات البحرية الإجمالية 11 ألف مليون طن.

ويتوقع -حسب التقرير- أن تشهد التجارة البحرية معدل نمو خلال الفترة 2023-2027 بنحو 2.1%، ولكن تهديدات الحوثيين بالبحر الأحمر قد تؤثر على نتائج هذه التوقعات سلبا وفق مراقبين.

وقد تكون القراءة السريعة لآثار عمليات الحوثيين منحصرة في نسبة التجارة العالمية المارة من مضيق باب المندب، والمقدرة بنحو من 10%-12%، ولكن الحقيقة هي أن التداعيات السلبية كثيرة، فمؤخرًا أعلنت الشركة البريطانية للنفط والغاز توقف تسيير ناقلاتها من هذا المضيق.

كما أن تقديرات صندوق النقد الدولي -بتراجع التضخم على مستوى العالم عام 2024- ستكون محل شك، فالصندوق ذهب إلى أن التضخم سيتراجع إلى 4.8%، بعد أن كان 5.9% عام 2023.

ولكن -في ضوء الآثار الناتجة عن عمليات الحوثيين بالبحر الأحمر- يتوقع خبراء أن تزيد تكلفة النقل، وتزيد تكلفة التأمين على البضائع والسفن، مما يعني زيادة أسعار السلع والخدمات، والتأثير المباشر على موجة التضخم بالأسواق العالمية.

ما مدى تضرر تجارة المنطقة؟

مازالت عمليات الحوثيين بالبحر الأحمر في بدايتها، ولم تواجه برد فعل من قبل أي جهة، وبالتالي سيتوقف الأمر على استمرار تلك العمليات، وخاصة أن جماعة الحوثيين تستهدف فقط السفن المتجهة لإسرائيل، وقد يتوسع الأمر ليشمل دولا أخرى داعمة لتل أبيب خاصة إذا تعرضت لهجوم خارجي.

ومؤخرًا، أعلن الحوثيون أن عملياتهم في البحر الأحمر مستمرة، حتى يُسمح بدخول الغذاء والدواء لأهالي غزة، كما يقولون.

ولكن على مستوى التجارة الخارجية أو البينية لدول المنطقة، فيخبرنا التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2022 أن إجمالي التجارة الخارجية للمنطقة في حدود 2.6 تريليون دولار تقريبًا، يسيطر النفط على أغلبها.

وبشكل عام، يمكن أن تتأثر التجارة الخارجية للدول العربية المطبعة مع إسرائيل (مصر، الأردن، الإمارات، البحرين، المغرب، السودان) بالإضافة إلى تركيا التي لها نصيب كبير في العلاقات التجارية مع تل أبيب.

ما الأهمية التجارية لباب المندب والبحر الأحمر؟

تكمن الأهمية التجارية لمضيق باب المندب بكونه مكملًا لرحلة المرور من قناة السويس، وبدون استخدام باب المندب تفقد قناة السويس ميزة المرور بها، والتي تتمثل في اختصار مسافة وقت المرور، وبالتالي اختزال تكاليف الوقود والنقل.

ولعل أهم ما يمر عبر مضيق باب المندب من آسيا إلى أوروبا هو النفط والغاز، حيث يمر النفط والغاز الخليجيين من قناة السويس وباب المندب إلى آسيا وأوروبا، والمعلوم أن المنطقة العربية تنتج قرابة 25% من النفط العالمي.

وتنحصر الممرات البديلة للبحر الأحمر في طريق رأس الرجاء الصالح أقصى جنوب القارة الأفريقية، وهو ما سيؤدي لارتفاع تكلفة النقل، بسبب طول الوقت المستغرق.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!