ملاك الطالب - خاص ترك برس

شيع البارحة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى جانب زوجته أمينة أردوغان وكبار من مسؤولي الحكومة جثمان المفكرة والكاتبة الراحلة آلاف آلاتلي التي انتقلت إلى رفيقها الأعلى، بعد صراعها مع المرض، عن عمر ناهز الـ ٧٩ عاما، بحسب ما أفادت وزارة الصحة التركية. وأقيمت عليها صلاة الجنازة في باحات جامع السلطان أيوب في إسطنبول.  

وخلال جنازة آلاتلي أعرب الرئيس التركي عن بالغ حزنه على فقدانا واصافا إياها بـ "رفيقة الدرب"، وقال "إنها أكبر أخواتنا... لطالما علمتنا أن الأرض هي أمنا". وذكر وزير الشؤون الدينية السابق أ. د. محمد غورماز -الذي أمّ المصلين في صلاة الجنازة- أن آلاتلي كانت صاحبة كلمة بليغة وخطاب ذا صدى. وأفاد بأنها كانت مفكرة تحمل هموم أمتنا وحضارتنا، غير أن علمها وثقافتها لم يورثاها كبرا، وأنها الأخت الكبرى لكل المفكرين وللأجيال الجديدة.

من هي آلاف آلاتلي؟

آلاف آلاتلي هي مفكرة وكاتبة وأديبة تركية ذات أصول روملية[1] ولدت في ولاية إزمير ١٩٤٤. تلقت تعليمها الثانوي في العاصمة اليابانية طوكيو حيث كان يعمل أبوها ملحقا عسكريا. حصلت على درجة البكالوريوس في الاقتصاد والإحصاء من جامعة الشرق الأوسط التقنية في أنقرة، ومن ثم درجة الماجستير من جامعة فاندربيلت في الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ذلك شرعت بدراسة الفلسفة واللاهوت في مرحلة الدكتوراة في كلية دارتموث في ولاية هانفورد. في عام 1974 شدت الرحال عائدة إلى وطنها حيث عملت كمحاضرة في كلية الاقتصاد بجامعة إسطنبول، وكخبير اقتصادي كبير في منظمة تخطيط الدولة في أنقرة (DPT). كان يصب اشتغال آلاتلي على كل من اللاهوت والفكر  واللغة وتاريخ الحضارات.

نالت آلاف آلاتلي خلال مسيرتها الفكرية العديد من الجوائز والتكريمات المحلية والدولية. في عام ١٩٨٦حازت على وسام الحُريَّة الفلسطيني من الرئيس الراحل ياسر عرفات وذلك لدعمها القضية الفلسطينية، حيث ترجمت أعمالا لإدوارد سعيد كـ "مسألة فلسطين" و"تغطية الإسلام". في عام 2006 نالت جائزة رواية العام المئوي لميخائيل شولوخوف في موسكو. وحصلت على الجائزة الرئاسية الكبرى للثقافة والفنون في مجال الأدب عام 2014. ومُنحت الدكتوراة الفخرية من جامعة بولنت أجاويد في عام 2012؛ وكذلك من جامعة سليمان ديميريل عام 2017.

شغلت آلاتلي مناصب عدة، منها منصب رئيس مجلس أمناء مدرسة كابادوكيا المهنية بين عامي 2005 و2017. اعتبارًا من عام 2017 واصلت العمل كرئيس مجلس أمناء جامعة كابادوكيا. وفي عام 2018 عُينت عضواً في مجلس السياسات الرئاسية للثقافة والفنون.

عكست ألاف آلاتلي في إرثها الفكري الواقع الاجتماعي والسياسي للمنطقة بشكل عام وتركيا بشكل خاص، فقد أرخت آلاتي تاريخ تركيا الحديث بشكل دقيق من خلال رواياتها التي كانت كمحاولة لإنعاش ذاكرة الشعب التركي. وتناولت رواياتها النظام العالمي الجديد، والموقف الاستعماري الغربي، والاحتكارات العالمية، وتآكل القيم في المجتمع التركي، ومسألة اللغة. بالرغم من أن آلاتلي عرفت برواياتها إلا أن أعمالها قد تنوعت بين الرواية والكتاب والمقالة والترجمة. ومن أبرز أعمالها آلاتلي: "الاستبداد المستنير"، "هل ما زال الياسمين فواحا؟، "المعذِّب"، "فليحيا الموت"، "قطة شرودنغر، الكابوس"، "قطة شرودنغر، الحلم"، ومجموعة روائية تحت عنوان "على خطى قوقل" تتكون من جزئين؛ " الرحمة لا التنوير" و "رقابة العالم". ومن أعمالها أيضا "تركيا النووية"، و "اليوم الذي أغلقتُ فيه هوليوود".

وهكذا يكون الشعب التركي قد ودّع في الثاني من شباط من عام ٢٠٢٤ مفكرة كبيرة دافعت عن خصوصية أمتها وحاولت فهم معضلاتها وعلاجها بعقار من أرضها وليس بعقار مستورد من خارجها.


ملاك الطالب - باحثة في تاريخ الأديان تعمل في معهد التفكر الإسلامي في أنقرة.

[1] من روملي  Rumeli وهي الأراضي الأوربية التي كانت خاضعة للدولة العثمانية.

عن الكاتب

ملاك الطالب

باحثة في تاريخ الأديان تعمل في معهد التفكر الإسلامي في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس