ترك برس

تتوالى أصداء تفكيك شبكة تجسس لصالح جهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، وسط إدلاء زعيم الخلية وهو ضابط أمن سابق في تركيا، باعترافات حول تلقيه تعليمات من الموساد.  

واعتقلت قوات الأمن التركية يوم الثلاثاء الماضي، 7 أشخاص من أصل 8 مشتبه بهم، على خلفية ارتباطهم بـ"الموساد"، في عملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات التركي ومديرية أمن إسطنبول.

وكشفت وسائل إعلام محلية، وعلى رأسها صحيفة "تركيا" المقربة من الحكومة، تفاصيل أكثر تتعلق بالخلية التي كان يترأسها حمزة تورهان آيبرك، وهو مدير أمن سابق فُصل على خلفية انتمائه لتنظيم فتح الله غولن المحظور في تركيا، بجانب شكوك تتعلق باستخدامه نفوذه في عمليات تهديد واعتداء.

ومن ضمن روايات متباينة، قيل إن العامل الحاسم وراء إقالته من منصبه يعود إلى تعرضه لإطلاق نار أصاب قدمه أثناء وجوده مع زوجته في إحدى حانات إسطنبول. وقد كشفت التحريات الأمنية لاحقا بأن الفاعل كان ينتمي إلى جماعة فتح الله غولن، مما أثار الشبهات حول ارتباط آيبرك نفسه بالجماعة، حسب الصحيفة.

يُذكر أن آيبرك قد بذل جهودا مستمرة، منذ ذلك الحين، في تقديم الالتماسات والطعون إلى المحكمة العليا طلبا لإعادته إلى منصبه، وفقاً لما نقلته "الجزيرة نت".

قصة التجنيد

وأوضحت صحيفة "تركيا" أن الاحتكاك الأول بين آيبرك والموساد كان بعد إبعاده عن وظيفته في 2019 عبر وسيطة تدعى فيكتوريا، إذ خضع لتدريبات سرية في العاصمة الصربية بلغراد.

وخلال هذه الفترة، اختُبر بتقديم معلومات عن مؤسسات وأفراد فلسطينيين يقيمون في تركيا مقابل مبلغ مالي، في تكتيك يُعرف بـ"الطُعم"، كما اتضح أن آيبرك أعطى معلومات عن أشخاص وشركات من أصول شرق أوسطية، بجانب المعلومات المتعلقة بالفلسطينيين.

وبعد عودته من بلغراد، تقول الصحيفة، بدأ آيبرك بتشكيل فريقه المكوّن من 7 أشخاص غيره، وتركزت جهودهم على تتبع أشخاص وسيارات ومؤسسات فلسطينية بالدرجة الأولى وبعض الشركات العربية، بينما اتضح أن عملية التواصل بينه وبين الموساد كانت تجري بأنظمة اتصال مشفرة وسرية، بجانب تسلّمه للحولات المالية عبر العملات الرقمية تجنبا لدخوله دائرة السجلات الرسمية، كما أعطاه الموساد لاحقا صفة مخبر بدلا من عميل.

اعتمدت طريقة آيبرك في تجسسه على استخدام منصبه السابق في عمليات التحري والاستفسار عن المعلومات، إذ اتُّهم في حالات عديدة بمضايقة الأشخاص المعنيين، والاعتداء عليهم بحجة عمله لدى جهاز أمني.

وحسب مصادر استخبارية، فإن آيبرك كُلّف بتأسيس فريق يضم بين أعضائه موظفين حكوميين بخلفيات أمنية، إذ اتضح تورط كل من محمد يتيموفا، الذي كان يعمل في دائرة الضرائب العامة بإسطنبول، وأوزجان شاهين، المفصول من الخدمة الأمنية على خلفية تحقيقات بجريمة استغلال وظيفته لأغراض واعتداءات جنسية، بالعمل لصالح الموساد تحت قيادة آيبرك.

وضمت الخلية كذلك الضابط المتقاعد إرجان كاما، وأومر بوراك جيزر، الذي يُعتقد أنه ترك الخدمة في جهاز الشرطة حديثا، بالإضافة إلى فوندا كادايفجي أوغلو، التي تعمل في مهنة حارس أمن خاص، وهاكان كاباجا الذي أُقيل من الخدمة الأمنية بسبب تورطه في قضية رشوة.

في نهاية العملية، ضبطت السلطات الأمنية في تركيا 4.5 كيلوغرامات من المواد المخدرة، بالإضافة إلى أسلحة غير مرخصة، ونقود، وأجهزة مراقبة وتنصت كانت موجودة داخل منازل الموقوفين.

ولا تزال التحقيقات جارية لتحديد حجم المعلومات التي استطاع المشتبه بهم الحصول عليها ومدى تأثيرها على الأمن القومي، من خلال تحليل البيانات والمواد المضبوطة.

أسلوب التضليل

عُرف مدير الأمن السابق في منطقة غونغورن في إسطنبول حمزة تورهان آيبرك، بظهوره الإعلامي المستمر في البرامج الصباحية، ولا سيما تلك المتعلقة بالسياسة والموضوعات الاستخبارية بصفته "الخبير الأمني"، وكان دائم الثناء على المقاومة الفلسطينية وطريقة عملها، كما أشاد بأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكان دائم الإدانة لهمجية الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه في قطاع غزة.

وبالرجوع إلى حساب آيبرك الشخصي على منصة إنستغرام، نجد العديد من المنشورات والمشاركات التي تعبّر عن تضامنه مع الشعب الفلسطيني ومعارضته للمواقف الإسرائيلية.

في تصريحاته للجزيرة نت، شدد الخبير الأمني رمضان تشاير على أن الخلية استعانت بتقنيات التضليل للحصول على معلومات عن أفراد وشركات من الشرق الأوسط، إلا أن هدفها الرئيس كان الجالية الفلسطينية الموجودة في تركيا، وتحديدا الأشخاص الذين تربطهم علاقة بحركة حماس.

وأكد أن استخدام آيبرك لأسلوب الظهور الداعم في الإعلام ودعمه للقضية الفلسطينية ليس بالأمر الغريب، إذ تعتمد أجهزة الاستخبارات العالمية على هذه الإستراتيجية بشكل متكرر، غير أنه توقع أن تؤدي هذه الحادثة إلى مزيد من اليقظة والاستعداد من الاستخبارات التركية، لمواجهة مخاطر مشابهة في المستقبل.

وأشار إلى أن هذه العملية تُعدّ استمرارا لنهج تركيا الحازم في مواجهة التحديات الاستخباراتية، منبها إلى أن هذه الخطوة تأتي عقب نجاح السلطات التركية في اعتقال 34 فردا مشتبها بهم في التعاون مع الموساد الإسرائيلي في يناير/كانون الثاني الماضي، وتفكيك شبكات تجسس تابعة لفرنسا وإيران مؤخرا.

وحذَّر الخبير الأمني من إستراتيجية جديدة تنتهجها الاستخبارات الإسرائيلية لتوسيع شبكة عملائها؛ تتمثل في استغلال منصات التواصل الاجتماعي لبناء علاقات تمهيدية، يتبعها تنظيم لقاءات في أماكن عامة؛ مثل: الفنادق والمطاعم لتقييم استعداد وميل المستهدفين للتعاون مع الموساد، مؤكدا ضرورة الحذر لتجنب الانزلاق إلى فخ هذه الأساليب الاستقطابية.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!