محمود أوفور – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

الأحداث الأخيرة التي جرت في مدينة تل أبيض والقرى المحيطة بها، تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك، استمرار التآمر على الدّولة التركية. والأغرب من ذلك أنّ هؤلاء المتآمرين يستعملون أكاذيب كبيرة لتنفيذ هذه المؤامرة.

العقول الخفية التي تنظّم هذه المؤامرة عبر أدواتها المتمثلة بتنظيم الدّولة (داعش) وتنظيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري (PYD) ومع دخول تنظيم حزب العمال الكردستاني إلى ساحة المؤامرة، بدأت بتوسيع دائرة المعاملة محاولةً استغلال القومية الكردية لإحراج الدّولة التركية وزعيم إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني. إنّ هذه الاستراتيجية كانت تعتمد منذ البداية على الأكاذيب والتلفيقات.

في الحقيقة إنّ إبراز الهوية الكردية أو ما بات يعرف أخيراً بالممر الكردي في المناطق الشمالية لسوريا، لم تكن سوى أكذوبة أو ألعوبة. فالهدف الرئيسي من تمهيد تنظيم داعش الطريق لعناصر تنظيم الاتحاد الديمقراطي الكردي هو إشعال الفتنة الطائفية والعرقية وتأمين استمراريتها في هذه المناطق. ودليل ذلك أنّ تنظيمي داعش و(PYD) لم يحاربا من يظلم الشعب السوري منذ بداية الأحداث. والغريب أنّ الذين يلتزمون الصمت حيال ظلم النظام الأسدي والدعم الإيراني اللامحدود له، تراهم يتهجّمون ويعدّون الخطط ضدّ الدّولة التي تحاول ترسيخ قواعد الديمقراطية في البلاد مثل تركيا.

كانت اعتداءات بلدة كوباني نقطة تحول جذرية. لكن سلسلة الأكاذيب الكبرى بدأت قبل هذه الاعتداءات. فعلى تنظيم (PYD) والداعمين له من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي أن يجيبوا على الأسئلة التالية.

يدّعون بأنّ تنظيم (PYD) سيجلب السلام إلى هذه المنطقة، فهل عقد هذا التنظيم بعد أن بدأ في المشاركة بالحرب الداخلية في سوريا، اتفاقية مع بشار الأسد بوساطة جلال طالباني؟.

ألم يقم نظام الأسد بصرف رواتب الموظفين الذين يعملون في المقاطعات الكردية بعد إعلان التنظيم لهذه المقاطعات بأنها مناطق مستقلة وتتبع للسيادة الكردية؟.

هل يمكن لتنظيم يقتل شعبه، بناء دولة أو جمهورية ديمقراطية، والأصح كيف ستفسرون قتل وتشريد الآلاف الذين يكنون المحبة والود لمسعود برزاني؟.

المضحك في الأمر أنّ بعض الأطراف يدّعون بأنّ هذا التنظيم الذي تسبب بكل هذا، سيجلب الديمقراطية والحرية لهذه المنطقة. هذا أمر لا يمكن تصديقه. لكن من الواضح أنّ لعبة كبيرة جداً يتمّ التحضير لها في تلك المناطق. وقد رأينا ذلك خلال اعتداءات تنظيم داعش على بلدة كوباني. فقبل الاعتداءات على هذه البلدة، كانت قد بدأت سلسلة الأكاذيب. علينا في هذا الصدد أن نستذكر تصريحات قيادات جيل قنديل وأعضاء حزب الشعوب الديمقراطي آنذاك. فعلى الرغم من استمرار عملية المصالحة الوطنية وعلى الرغم من الرسالة التي بعثها عبد الله أوجلان والتي دعا فيها إلى إلقاء السلاح، فإنّ هؤلاء تعمّدوا توجيه الاتهامات للدّولة التركية واستمروا في إلصاق تهمة دعم ومساندة الإرهابيين في سوريا بالدولة التركية وقياداتها.

قيادات جبل قنديل ظلت تردد تصريحاتها التعسفية بخصوص تجمد وانتهاء عملية المصالحة الوطنية وأنّ العودة إلى الكفاح المسلح باتت وشيكة، وأنّ حزب العدالة والتنمية يمارس الديكتاتورية في الحكم. والحقيقة أنّ هؤلاء ومن خلال هذه التصريحات بدؤوا بتحضير البنية التحتية لأكاذيب بلدة كوباني. ولو نظرنا إلى محتوى الاتهامات التي وجهوها للدّولة التركية، نجد أنّ هذه الاتهامات متطابقة مع الاتهامات التي يوجهها الكيان الموازي لهذه الدّولة.

ولأن تركيا تأخرت في كشف هذه المؤامرة، فإنّها خلفت آثارًا سلبية على الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 حزيران الماضي. لكن الشعب التركي أصبح على يقين بكل شيء فالأحداث الأخيرة في مدينة تل أبيض أظهرت نوايا وحقائق كانت خفية بعض الشيء على الشعب التركي.

علينا أن نتحلّى بالصبر والسكينة وأن نخطو خطانا بكل دقة، لأنّ هناك مشروعًا يهدف لإبقاء الأسد في السلطة وتسهيل تنفيذ مشروع المتآمرين في هذه المنطقة.

عن الكاتب

محمود أوفور

كاتب في جريدة صباح


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس