مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

لا يملّ الإعلام الغربي والتركي اليساري والتابع لجماعة غولن وبعض المنابر العربية من ترويج أطروحة كاذبة مفادها أن "ما يقع اليوم في تركيا هو حرب بين الأتراك والأكراد"، وأن الجيش التركي يعتدي على المدنيين الأكراد بذريعة ضرب حزب العمال الكردستاني الإرهابي، وبلغت بهم السماجة و"الأردوغانوفوبيا" إلى المساواة بين الواجب المقدس الذي يقوم به الجيش التركي، والغدر الهمجي الذي يحترفه حزب العمال الكردستاني الإرهابي، كما بررت هذه الوسائل أعماله الإرهابية في حق الأكراد قبل الأتراك، وفي حق رجال الشرطة والجنود قبل المدنيين، بل وصل الحد بها إلى تشبيه الجنود الأتراك بجنود الكيان الصهيوني الإرهابي.

حاصل هذه الحملات الإعلامية المنظمة هو الترويج للمنظمات الإرهابية وتبرير هجماتها على العزّل والأبرياء، وتزداد هذه الحملات شراسة وقوة كلما أصر القادة الأتراك على مواجهة الإرهاب ومطاردته في عقر داره، للقضاء عليه ودفن أسلحته، ففي جميع تصريحات رئيس الحكومة أحمد داود أوغلو ولقاءاته التلفزيونية وخطاباته للشعب التركي يشدّد على "أن تركيا تعرف الإرهاب جيدًا، فقد عانت منه كثيرًا ودفعت ثمنًا باهظًا في محاربته، وإنّنا كقادة  مصمّمون على مواجهة التهديد الإرهابي في كل مكان وزمان، إن جميع المنظمات الإرهابية التي تستهدف تركيا يجب أنّ  تعرف أن تصرّفاتها لن تمرّ دون عقاب وأنّنا سنرُدّ  على تصرّفاتهم بكل حزم، لأنّ  لدينا كل الحقّ  لفعل ذلك وفقًا للقانون الدولي".

أما رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان فحزمه في مواجهة الإرهاب بكل أشكاله الإعلامية والفكرية والميدانية معروف، فكلما خاطب الشعب التركي يكرر على مسامعه هذه العبارة: "مواجهة الإرهاب والقضاء عليه هي أولويتنا في الأيام المقبلة"، وفي كلمته قبل مغادرة ولاية "ريزا" التركية في الشهر الماضي قال: "لا مجال للتراخي بشأن مكافحة الإرهاب، سنخاطب الإرهابيين باللغة التي يفهمونها، وسنمضي قُدُما حتى القضاء على الإرهاب".                                                                                                         

وفي تغريدة على موقعه الرسمي على تويتر بيّن هدف التنظيمات الإرهابية حيث قال "إن كل فرد من المواطنين  الـ 78 مليون، يملك الحقوق نفسها، وفي اليوم الذي سننظر فيه إلى جارنا وصديقنا وقريبنا بنظرة تركي وكردي وعلوي وسنّي، نكون قد وقعنا في فخ التنظيم الإرهابي".                                                                

هذا الخطاب أكده الرئيس أردوغان في المظاهرة المليونية يوم الأحد الماضي في ميدان “يني كابي” بإسطنبول، والتي شهدت مشاركة عدد كبير من الزعماء السياسيين ورؤساء منظمات المجتمع المدني، وحملت عنوان: "ملايين الأنفاس تقف صوتًا واحدًا ضد الإرهاب".

شدّد فيها فخامة الرئيس أردوغان على "أن تركيا تواجه مشكلة إرهاب، وليس مشكلة أكراد"، هذه حقيقة ما يقع في تركيا اليوم، تركيا تواجه منظمات إرهابية بأجندة خارجية تريد كبح نهضة تركيا الجديدة وفرملة قطار التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية المسيرة الديمقراطية الناجحة، والتي جعلت شرفاء العالم يعترفون بما حققه حزب العدالة والتنمية التركي طيلة فترة حكمه. 

أما الأكراد حسب الرئيس أردوغان فهم جزء من الشعب التركي، عملت حكومة العدالة والتنمية من اليوم الأول في الحكم على مراعاة مصالحهم وتمتّعهم بحقوقهم وتنمية مناطقهم، لكن إرهاب حزب العمال الكردستاني الشيوعي كان دائما يسعى إلى إفشال هذه التنمية وإحلال ظلام إرهابه عليها.                                                                                                                                          

إن المتتبع لتصريحات القادة الأتراك وزعماء حزب العدالة والتنمية يتضح له بجلاء أن تركيا تضع الإرهاب والإرهابيين العدو الأول الذي يجب التجنيد ضده، وما خروج الجماهير التركية في مظاهرات كبيرة في جميع محافظات الجمهورية التركية تشجب إرهاب حزب العمال الكردستاني الشيوعي وباقي المنظمات الإرهابية ضد المدنيين ورجال الشرطة والجيش، -رافعين شعارًا واحدًا هو "ندعم الجيش والشرطة في محاربة الإرهاب والإرهابيين" - إلا تأكيد لوعي الأتراك بالخطر الذي يهدد أمنهم ونهضتهم ومستقبلهم.

أما خطاب الرئيس رجب طيب أردوغان أمام جماهير ميدان "يني كابي"، فيبرز فيه أمرين مهمّين:

- الأول : تأكيد الرئيس أردوغان على محاربة الإرهاب حيث قال: "أُحيّي الشعب التركي الذي وقف معنا ضد الإرهاب، نعدكم جميعا بأن لا نتخلى عن نضالنا ضد الإرهاب والإرهابيين، وندعوكم للصبر لتجاوز هذه المحنة والامتحان الصعب،... لن نسمح لأي أحد بالنيل من عزيمتنا في محاربة الإرهاب، لن نركع أمام تهديدات التنظيم الإرهابي، وسوف نقوم بإفشال جميع المخططات الإرهابية،... سوف نقوم بالحفاظ على بلادنا ومواطنينا حتى آخر قطرة دم فينا، لقد اجتزنا اختبارات صعبة وكثيرة عبر التاريخ وتفوقنا فيها،... نحن ضد الإرهاب جملة وتفصيلا، وعلينا محاربة الإرهاب بوحدتنا وأخوّتنا"، كانت هذه مقتطفات من خطابه.

- الثاني: تحذير الشعب التركي من الوقوع في التفرقة والتشرذم والنزاع إذا نهجوا سياسة التمييز المذهبي والعرقي، ودعاهم إلى الوحدة والأخوة والتكاتف، والابتعاد عن كل ما يسبب الفرقة والانفصال، قال: "نحن نواجه مشكلة إرهاب وليس مشكلة أكراد، وما يعانيه إخواننا الأكراد هو أمر يخص جميع الأتراك وليس الأكراد فقط، نتمسك بجميع جغرافية تركيا ودولتها وسنحافظ عليها كما وعدنا الشعب التركي بذلك،... لن نسمح بالنيل من جسور الأخوة بين أطياف الشعب التركي،... الإرادة الوطنية هي الوسيلة الناجعة للخروج من الأزمات التي تواجهها تركيا"، ثم أخذ يدعو أطياف الشعب التركي الممثل في هذه التظاهرة المليونية كل طائفة وكل عرق باسمه وترد هي الأخرى بصوت عالي قوي تأكد به حضورها، وأنها "شعب واحد" و"صوت واحد" ضد الإرهاب.

أكدت مليونية ميدان "يني كابي" أن الشعب التركي وراء زعمائه في حربهم ضد الإرهاب والإرهابيين، وأن قطار تركيا الجديدة سيواصل مسيره رغم كل المؤامرات الداخلية والخارجية.

إن ما يفزع أعداء تركيا ويقض مضاجعهم ليس تصميم تركيا على محاربة الإرهاب وأذرعه ومنابعه، بل فاتح تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، لأنه سيكون يوما مشهودًا وتاريخيًا، يعلن فيه الشعب التركي أن انتخابات 7 حزيران/ يونيو قدر فضح الله به أعداء تركيا وأُسقطت به أقنعة كثيرة في الداخل والخارج، وأن انتخابات الفاتح من نوفمبر قدرُ مواصلة تركيا نهضتها الكبرى وفق "رؤية 2023-2053-2071"، إن شاء رب تركيا والأتراك رب العالمين سبحانه.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس