ترك برس

بعد صدور نتائج انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015 دخلت تركيا مرحلة الغموض وعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي النسبي نتيجة لهذه النتائج التي أظهرت عدم إمكانية تأسيس حكومة حزب العدالة والتنمية حكومة بمفرده وأنه بحاجة إلى التوافق والتفاهم مع أحد الأحزاب من أجل تأسيس حكومة ائتلافية تجمع بينه وبين الحزب الآخر.

وفي أي دولة ديمقراطية تأسيس الحكومة الائتلافية ليس بالأمر السهل بل يحتاج إلى العديد من الجلسات التفاوضية والتفاهمية ويحتاج إلى وقت طويل لتطبيق مراحله البروتوكولية والرسمية وهذا ماتبين بشكل عملي من خلال محاول أحمد داود أوغلو تأسيس الحكومة الائتلافية بالتفاوض مع حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية ولكن باءات جميع محاولته بالفشل.

وعلى الرغم من تنبؤ العديد من الخبراء الاقتصاديين بهبوط الاقتصاد التركي ودخوله أزمة اقتصادية ضخمة، إلا أن الإحصاءات الخاصة بخط سير الاقتصاد التركي أثبتت عكس ذلك وأثبتت صحة مقولة وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي المُتكررة في أكثر من لقاء وتصريح صحفي "الاقتصاد التركي قادر على التعافي في ظل حالتي الغموض وعدم الاستقرار السياسيين اللتان تحكمان تركيا في المرحلة الحالية".

حسب مؤسسة الإحصاء التركية فقد حقق الاقتصاد التركي في الفترة الماضية نموًا بنسبة 3,8% وعلى الرغم من انخفاض قيمة الليرة أمام الدولار ووصول قيمة الدولار الواحد إلى 3,23 ليرة إلا أن هذا الانخفاض لم يستمر لفترات طويلة إذ استطاعت الليرة التركية التعافي في بدايات شهر أيلول/ سبتمبر والآن أصبحت قيمتها 2,88، ويتنبأ خبراء اقتصاديون استمرار التقدم الاقتصادي وانخفاض الليرة التركية بعد قيام تركيا بتنويع علاقتها الاقتصادية وتكثيفها واستمرار دعم الميزانية المُخصص للنمو الصناعي والزراعي والخدماتي وهذا ما يكفل استمرار التقدم الاقتصادي بعيدًا عن التأثر بالحالة السياسية.

ويُشير الباحث الاقتصادي في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" أردال تاناس كاراغول، في مقال تقييمي له بعنوان "هبوط وصعود الاقتصاد التركي" نُشر في جريدة يني شفق بتاريخ 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2015، إلى أن "الاقتصاد التركي حقق تقدم ملموس في الفترة الأخيرة على الرغم من جميع الأخطار السياسية التي تُحيط به وهذا ماأزعج الكثير من الأعداء المتربصين بتركيا، الأمر الذي دفعهم إلى زيادة دعم الجماعات والمنظمات الإرهابية وما تحركات حزب العمال الكردستاني المُكثفة في الفترة الأخيرة وتفجيرات أنقرة إلا أبسط الأدلة التي يمكن الاستدلال بها على حقد هؤلاء الأعداء".

ويضيف كاراغول أن "الاحصاءات تُبشر بالخير ولكن هذه الإحصاءات والنتائج الإيجابية تحتاج إلى استقرار سياسي جيد ولا تعني التفجيرات الأخيرة بأن تركيا في حالة عدم استقرار سياسي جسيم ولكن هذه التفجيرات تأتي في إطار عدم وجود حكومة سياسية قوية وهذا ما يستدعي إجراء الانتخابات البرلمانية بأسرع وقت ممكن والحصول على حزب أغلبية يستطيع تأسيس حكومة بمفرده كما كان في السابق".

وكما تتطرق الباحثة الاقتصادية خديجة كاراهان إلى مُجريات الاقتصاد التركي في الفترة الأخيرة من خلال مقال تقييمي بعنوان "السياسة والحداثة" نُشر بتاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 2015 في جريدة يني شفق، وحسب كاراهان؛ استمر الاقتصاد التركي في النمو والتقدم وكما استمر العجز في الحساب الجاري المفتوح، الذي يعني الفرق بين حجم الصادرات والواردات التركية، بالانخفاض بشكل إيجابي لصالح تركيا حيث أصبح مليار و865 مليون دولار وهذا كفيل بالتعريف بمدى مستوى التقدم الاقتصادي الذي استطاعت تركيا تحقيقه ما بعد 7 يونيو دون أن تتأثر بحالة عدم الاستقرار السياسي الذي ادعى الكثير إمكانية تأثر تركيا سلبًا منه.

وترى كاراهان أن "الاقتصاد التركي أصبحت له ركائز وأسس قوية تجعله يتعافى ويبتعد عن التأثر السلبي السريع بمجرد تغير الوضع السياسي أو حدوث أزمة سياسية أو عسكرية، ويعود الفضل في جعل الاقتصاد التركي قوي ويتحمل لمثل هذه الرضوض إلى حكومة حزب العدالة والتنمية الذي أسسته على أساس التنوع في العلاقات التجارية وتكثيفها الأمر الذي جعل الطلب العالمي على السلعة التركية يفوق عرضها وجعل على الاقتصاد التركي فائض في الطلب العالمي، ولا نستطيع إغفال جودة السلع التركية وموقع تركيا الجغرافي الاستراتيجي والقريب لأكثر من منطقة تجارية عالمية جعلا حكومة حزب العدالة والتنمية تُنوع العلاقات التجارية وتُكثفها بشكل يسير وبشكل يشمل أكبر عدد من الدول عبر العالم وأكبر مثال على ذلك الجولة الأخيرة للرئيس رجب طيب أردوغان الذي زار من خلالها اليابان ووقع معها اتفاقيات اقتصادية مُنوعة ومُكثفة".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!