ندرت أرسنال – يني شفق - ترجمة وتحرير ترك برس

الأخبار التي تناقلها موقع "ديبكا فايل" صاحب الجذور الضاربة في أرض الموساد الخصبة عن حصول انقلاب في القصر الملكي السعودي نُقل على إثره الملك سلمان للمستشفى، فتحت الباب على مصراعيه للإعلام  والمواقع الاجتماعية لتتساءل عما يكون حدث حقيقة في الرياض. فقامت بعض الصحف بإرسال صحفييها إلى الرياض فيما حاولت أخرى أن تصور ما حصل على طريقة المجلات الصفراء ورسمت لقُرائها صورة ما حدث وكأنه صراع بين الأمراء الشباب عُشاق الفخامة والإسراف وبين الملك الذي تدعو قوانينه للتقنين والتوفير. ( الأمراء الشباب بدون طمأنينة ، 11-10 ، خبر ترك). المتابع للأحداث في الفترة الأخيرة لا بد أنه لاحظ أن الملك سلمان ترأس اجتماعًا وزاريًا يوم الإثنين ليُظهر للملأ أن صحته وعقله سليمان ويوصل رسائل معينة، حيث قال: "ما زلت على رأس مملكتي ولن أسمح بأي فوضى".

حسنا هل فعلا حصلت محاولة انقلاب في قصور الرياض أم لا ؟!

جواب هذا السؤال على قدر من الأهمية بحيث يحمل في طياته معلومات استراتيجية لدول المنطقة ولتركيا كما هو للقوى العُظمى. وسأترك لكم متعة قرأة القصة كاملة في الاسفل ولكن قبل الختام سأعطيكم رأيي "نزاع العرش ما زال مستمرًا في الرياض وأحداث الانقلاب ما زالت مستمرة كذلك".

طوفان على وشك الانفجار

بعد ظهور الملك سلمان وإيصاله لرسالة فحواها: "أنا على قيد الحياة" كتب أحد أهم الكتاب الأمريكان مقالا عنونه بـ"طوفان على وشك الانفجار في السعودية".

('A cyclone brews over Saudi Arabia, 13/10, David Ignatius, Washington Post.)

ولمن لا يعرف إغناتيوس، فهو رئيس الجلسة الذي حاول أن يُسكت أردوغان عندما انفعل قائلا جملته الشهيرة "دقيقة واحدة" (في منتدى دافوس).

يتناول إغناتيوس في مقالته الحديث عن مكتوبين ساخطين على العرش وعلى أداء الملك ويُتداولان بكثرة في القصر الملكي السعودي، أحدهما والذي يبدو أن صاحبه أحد الأمراء (الكبار/ القدماء) يقول إن الملك سلمان لا يستطيع القيام بواجبات المملكة كما ينبغي، هذا الأمير والذي يبدو أن له ثقله في موازين العرش السعودي وله أهميته على الصعيديين المحلي والدولي  يُرجح أن يكون أحد اثنين: إما الأمير تركي بن فيصل أو الأمير بندر بن سلطان، وكلاهما يتمتع بأهمية في خصوص "الأمن القومي" أو بلغة أُخرى يتميز  بتبنيه مواقف قريبة من واشنطن.

لا مشكلة في الملك، لكن  المشكلة في ولي العهد.

فبمجرد  وصول الملك سلمان للعرش كان أول عمل قام به تعيين الأمير محمد بن نايف وليًا للعهد وملكًا المستقبل والذي بدوره اختار محمد بن سلمان وكيلا له.

الأصوات التي تعالت في الإعلام وخصوصا الغربي منه بأن الملك "عديم جدوى" نجدها ممولة وبشكل كامل تقريبا من قبل الأمير نايف؛ الأمر الذي يُستشف منه أن ميزان القوى في القصر الملكي قد أتى على الأمير سلمان. فالمؤسسات الأمريكية بما فيها البيت الأبيض ومنذ تولي الملك سلمان للعرش أخذت بعين اعتبارها عُمر الملك وحالته الصحية وبنت كل خططها على أن الأمير نايف هو "ملك المستقبل "وحاولت باستخدامها هذا الأمير أن تؤثر على الملك سلمان الذي تبنى رؤية مُخالفة لواشنطن والذي شدد أكثر من مرة على استقلالية الرياض. هذه الأمور جعلت قوة الأمير نايف تظهر للعيان خصوصا وأنه ابن ملك! فالسياسة السعودية مهمة جدا لواشنطن، ولن تسمح بملك يسبب لها القلق وستمنع حتى من وصوله لولاية العهد.

من الممكن ان نفهم إذن أن الأمور قد تخرج عن سيطرة الولايات المتحدة وأن الشروط تستوجب تولي أمير " مناسب لولاية العهد" وقوي بنفس اللحظة ليدير زمام الأمور وتستدعي خروج لاعبين قدامى للساحة من جديد لتحمي العرش من الدسائس والانقلابات. في الحقيقة إذا أمعننا النظر سنرى أن ابن الملك سلمان يتولى الزمام في القصر الملكي ويشكل رجل القصر الثاني بعد والده. (أمر ثانوي: خوف السعودية على العرش هو ما دفعها لقبول الجلوس مع طهران على طاولة المفاوضات بخصوص الوضع السوري).

الأمير سلمان يُشبه من؟

لمذا لا ترى الليبرالية الغربية وعلى رأسها واشنطن أن الامير سلمان رجلها المناسب ولماذا لا تتوقع منه أن يسير على خططها؟!

الأمير سلمان هو بنفس الوقت وزير الدفاع وله لقاءات متعددة مع موسكو ومستعد للجلوس مع الروس لمناقشة أمور طهران وأزمة سوريا، أضف لذلك أنه قريب من الكرملين بخصوص صفقات السلاح وتجارة الطاقة. (الأمر الذي يمزق قلب واشنطن أن تتولى موسكو إدارة الطاقة الرخيصة (غاز الاردواز الصخري/ البترول) وأن يحصل هبوط جديد في التسعيرة التي عينتها واشنطن). وبرأي المختصين " ذوي النظرة العالمية" فإن واشنطن تنظر وبقلق إلى تولي قادة تمت تنشئتهم محليا في بلدانهم أو بلغة أكثر صراحة تنظر بتوجس إلى هؤلاء الذين قد يخلقون "استقلالًا" عن واشنطن.

والان أعزائي  لو قُلنا "بخيال سياسي": لو أن ملكًا منصاعًا للولايات المتحدة تولى العرش، فبأي شكل سينظر هذا الملك لوجود الروس في سوريا وما الذي قد يفعله. لا تتعجلوا الإجابة، بداية لنفكر في ما الذي فعلته السعودية بخصوص الوجود الروسي في سوريا ويمكن اعتباره مهمًا من ناحية استراتيجية... ستهتدون للإجابة بالتأكيد.

ولو حدث أن دخلت السعودية بحرب "مزيفة" مع الروس في سوريا هل ستستطيع كل دول العالم أن تدرك الحقيقة!  

عن الكاتب

ندرت أرسنال

صحفي وكاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس