ولاء خضير - ترك برس

"اتاتورك" هو مؤسس جمهورية تركيا الحديثة، ويعد منقذها وبطلها القومي في أعين مناصريه، ويُعّد عدو الإسلام، ومحطم الخلافة في أعين خصومه، وديكتاتور حكم البلاد بالنار والحديد في أعين الليبراليين ! .
برز اتاتورك كقائد عسكري، ثم قائد سياسي، وألغى الخلافة الإسلامية، وأسس مكانها تركيا الحديثة، التي أصبحت دولة علمانية بكل الجوانب كما أراد لها ذلك .
وأطلق عليه اسم الذئب الأغبر، واسم أتاتورك بالتركية يعني (الأب العظيم) أو (أبو الأتراك)، وذلك للبصمة الواضحة التي تركها عسكريا في الحرب العالمية الأولى وما بعدها، وسياسيا بعد ذلك، وحتى الآن، في بناء نظام جمهورية تركيا الحديثة ذات الطابع العلماني.


ولد  مصطفى علي رضا، ذلك الأبن الريفي في 19 مايو 1881م ، بمدينة سالونيك اليونانية، التي كانت تابعة آنذاك لندولة العثمانية، وكان أبوه موظفا بسيطا في الجمارك، وتاجر أخشاب .

 وفى عام 1888 فقد مصطفى والده، وكان مصطفى يدرس في مدرسة شمس أفندي .
فى عام 1893 التحق بمدرسة الرشدية العلمانية العسكرية العليا، حيث أبدى اعجابه بزى العسكري للتلاميذ، وفى هذه المدرسة لقبه معلم الرياضيات " مصطفى صبرى بيه "باسم كمال ؛ ذلك اللقب الدال على النضخ والكمال، وونبوغه الدراسي.


 ثم التحق بالمدرسة الرهبانية الثانوية العسكرية، بتوصية "حسن بى" الضابط السلانيكى، الذي كان بمثابة أخ أكبر له .
ثم انهى المرحلة الثانوية بتفوق ؛ حيث احتل المركز الثاني على مستوى المدرسة، وفى عام 1899 التحق بالمدرسة الحربية، وفى عام 1905م، تخرج برتبة رئيس اركان حرب، مواصلا التعلم في مدرسة اركان حرب( الاكاديمية الحربية) .


خرج برتبة نقيب في العام 1905م، ثم خاض حروبا عدة، ضمن الجيش العثماني في ألبانيا وطرابلس، وذلك قبل أن تشارك الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، إلى جانب دول المحور، حيث برز نجم الضابط مصطفى كمال كقائد عسكري من طراز رفيع، ليرقى إلى رتبة جنرال في عام 1916م، وهو في الـ35 من عمره فقط.
 
 تزعم مصطفى كمال ما سمي بحرب الاستقلال لتحرير الأناضول المحتل، وظهرت كاريزما الرجل بصورة واضحة حينما رفض أوامر السلطان العثماني بالتخلي عن الواجب، والعودة إلى إسطنبول المحتلة من البريطانيين وجيوش الحلفاء، فاستقال من الجيش، ونظم منذ عام 1919 قوات التحرير، التي قاتلت اليونانيين والبريطانيين والفرنسيين والإيطاليين تحت قيادته، حتى تمكن قبل نهاية صيف عام 1922 من طرد القوات المحتلة من بلاده.

خلال معارك التحرير، وتحديدا في ربيع عام 1920م ، أسس مصطفى كمال المجلس الوطني في أنقرة، من ممثلي القوى الشعبية، ليتحول إلى حكومة موازية لسلطة الخليفة العثماني في إسطنبول .
وفي عام 1921م، أصدر المجلس ما سماه القانون الأساسي، الذي تزامن صدوره مع إعلان النصر وتحرير الأراضي التركية، وفي صيف عام 1922م، وأعلن فيه مصطفى كمال إلغاء السلطنة العثمانية.
 وترشح ليكون أول رئيس للجمهورية التركية الحديثة، وفي عام 1923 وقعت حكومة مصطفى كمال معاهدة "لوزان" التي كرست قيادته لتركيا باعتراف دولي .

قام أتاتورك بتغييرات دستورية مهمة ، وقام بالتعديل عليها، وحذف كافة النصوص الدينية من القانون التركي ، والتي تنص في محتواها بأن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام ، وقام بنزع اسم الله من اليمين ، وإعلان هذا الأمر كأحد العناصر الأساسية التي يقوم عليها الحزب العلماني .

وأعلن علمانية الدولة، وبدأ مصطفى كمال إجراءاته بتغيير أشكال الناس، حيث منع اعتمار الطربوش، والعمامة، وروج للباس الغربي، منع المدارس الدينية، وألغى المحاكم الشرعية.

وأزال التكايا والأضرحة، وألغى الألقاب المذهبية والدينية، وتبنى التقويم الدولي، وكتب قوانين مستوحاة من الدستور السويسري، وفي عام 1928 ألغى استخدام الحرف العربي في الكتابة، وأمر باستخدام الحرف اللاتيني، في محاولة لقطع ارتباط تركيا بالشرق والعالم الإسلامي.

حولت تركيا خلال 15 عاما من حكم مصطفى كمال الى دولة علمانية ، ولكن خصومه يشددون على أنه لم يكتف بإزالة آخر دول الخلافة الإسلامية، لكنه حارب الدين والتدين من خلال النظام العلماني الذي شرعه في تركيا، بل إنه ربط تقدم البلاد وتطورها بالتخلي عن الهوية الإسلامية، وبأنه منع مظاهر الدين على ي مؤسسات الدولة، وأبرزها الجيش.
وبعد أن بدأت حالته الصحية بالتردي عام 1937م، بسبب إصابته بمرض" التشمع الكبدي"، لم ينفع معه أي علاج، و توفي مصطفى كمال بعد مرضه صباح يوم الأربعاء في 10 نوفمبر عام 1938، وبعد وفاته بخمسة أعوام، منحه البرلمان التركي لقب أتاتورك (أبو الأتراك) اعتزازا به .

وتحيي تركيا اليوم في مراسم تُقام في ولاياتها المختلفة، وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج،  الذكرى 77 لوفاة "مصطفى كمال أتاتورك"، مؤسس الجمهورية التركية، حيث اقبل المواطنون اليوم على زيارة ضريح مؤسس الجمهورية التركية في العاصمة أنقرة.
وقد قُرِع صوت الجرس في تمام الساعة 9:05، تزامنا مع الوقت الذي توفي فيه أتاتورك، إذ يقف الأتراك دقيقة صمت على روحه في كافة الأماكن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!