صلاح الدين تشاكرغيل - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

في آخر تطورات الأحداث المتلاحقة فيما يتعلق بالطائرة الروسية التي اخترقت الأجواء التركية المحرمة 10 مرات ولمدة 5 دقائق، يقول الرئيس الروسي معلقا: "لا يمكن تصديق أن تركيا لم تعلم بأن الطائرة المُخترقة لأجوائها كانت طائرة روسية". لا نعلم إلى أي حد سيتمسك بوتين بالأصول، لكنه وبكل تأكيد يعتقد أنه سيحصل على نتائج حقيقية من حربه النفسية، فهو يعمل جاهدا ليركب موجة الإسلاموفوبيا من أجل طمأنة الغرب إلى أنه يحارب داعش، وأن قائد أمة الثمانين مليون يعمل على أسلمة بلاده؛ لهذا هو شبيه بداعش، وقال في ذلك: "إن قائد تركيا الحالي يعمل على أسلمة البلاد".

لم يحصل ما توقعته الدول الإمبريالية الرأسمالية بعد حادثة دافوس التي بدأ فيها أردوغان صفحة جديدة في السياسة عندما قال: "دقيقة واحدة"، ليقف وبكل صلابة أمام كذب ادعاءات الرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز، فلقد توقعوا انتفاض شعبيته وتأييد الشعب لأردوغان بعد تلك الحادثة، كما وفشلت الجهود الدولية بالانقلاب عليه في أحداث حديقة غيزي. والآن يسعى بوتين إلى حشر أردوغان بالزاوية عبر إلصاق تهمة الدعشنة عليه، ليستفيد من السمعة السيئة والمرعبة لداعش، فخلال العامين المنصرمين دأبت كل من روسيا وحليفتها إيران على إظهار أردوغان كحليف وداعم لداعش.

وعلى نفس خُطى بوتين يسير المرشح الأمريكي عن الحزب الجمهوري في الانتخابات القادمة دونالد ترامب ونظراؤه في نفسا لحزب أيضا، ويقولون: "إذا تم انتخابانا سنجعل من منع المساجد ومحاربتها ماركة مسجلة لنا". ويرد أردوغان على اتهامات بوتين بأسلمة البلاد ويقول: "بأي منطق يقول بوتين إننا نؤسلم البلاد التي يقطنها 99% مسلمين؟ أفلا يُعد من الغريب اتهام روسيا بمحاولة تنصير الشعب الروسي؟".

لا تندرج اتهاماتهم بالأسلمة إلا تحت بند الخزي والغباء، فمن يتهم بمثل هذه التهم يدعي أنه يحترم حرية الاعتقاد، فأين الإسلام من هذه الحرية؟ كان بوتين يوزع الورود على مسلمي روسيا، كما ويحترم قيم الشعب الروسي في اتباعه لبروتوكولات البطريارك الروسي رغم أنه عميل سابق للنظام الشيوعي. ولهذا فإن اتهاماته لأردوغان بأسلمة البلاد لا تنزل إلا منزل الغباء والفُكاهة، فأردوغان لم يأتي من خارج الشعب، بل كان وما زال قائدا ولد من رحم المعانة الطويلة للشعب التركي، فكيف يمكننا أن نشرح هذا لمن لا زال يعيش مخاوف الشيوعيين والملحدين والعلمانيين؟ نتمنى من بوتين أن يعيد التفكير بشكل أكثر صفاء ويقيّم علاقته التنافسية مع أردوغان بشكل أكثر موضوعية بعيدا عن العواطف وقطع العلاقات بدافع العداء.

يعي أردوغان وبشكل واضح أن داعش وشبيهاتها لا تمثل الإسلام رغم ادعائهم ذلك، كما ويعلم كل المسلمين هذه الحقيقة خير المعرفة، لكن هذا لن يدفع المسلمين لأن يقولوا: "إننا مسلمون ولكننا لسنا بإسلاميين!"، فقول أي شخص بأنه مسلم يعني هذا أنه سيدخل إطار وجهة النظر العالمية ليتم تصميم حياته وقيمه العقائدية بنا على ذلك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس