د. أحمد موفق زيدان - خاص ترك برس

متى سندرك دروس الحاضر بعد أن أعيانا فهم دروس الماضي، ما نحن فيه اليوم بالشام هو بسبب صمتنا على المؤسسة الأمنية والعسكرية التي شكلها ورعاها الاحتلال الفرنسي ممثلة بجيش الشرق يومها، وهو الذي كان يجتمع فيه حثالات الطائفيين الذين قاتلوا أجدادنا في الغوطة وجبال إدلب وحلب وغيرها، فسكت يومها الأجداد بحجة أنهم تعبوا من القتال ويريدون العيش بسلام، فكان أن دفع أحفادهم  اليوم الثمن مضاعفا جدا مما لو رفضوا وصبروا على فرض مؤسستهم العسكرية والأمنية العاكسة لثورتهم وانتفاضتهم، اليوم يتكرر الأمر مجدداً فحين أعيا الغرب والشرق التآمر على الثورة الشامية العظيمة، وأعظم بها من ثورة عالمية كونية، ستدرس في أعظم الكليات والجامعات مستقبلا بإذن الله،  حين أعياهم فرض عملاء لهم أخذوا يلعبون لعباً خطيرة سياسية وعسكرية وأتمنى أن يسعفنا المكان والزمان على تبيان بعضها، ومن له فضل تفصيل وتشريح وتوزيع فليات به،  فإن التاريخ لن يرحم والأجيال ستلعن من كتم علماً يمس حياتها...

الدفع الروسي والأميركي ومعهما النظام العميل في دمشق بتشكيل قوات سورية الديمقراطية وهي  المكونة من غلاة الأكراد إسرائيل ثانية لكن هذه المرة للعرب والترك، ومعهم جماعات تجميلية للوجه القبيح من عرب وغيرهم، الهدف والممارسة حتى الآن  محاربة كل ثوري ومجاهد في الشام، ولم نسمع لهم عن حرب أو معركة واحدة ضد النظام العميل المجرم، ولم نسمع لاستهدافهم من قبل الطائرات الأميركية والروسية ولا من طائرات وقوات النظام العميل الذي تتواتر الروايات الآن عن إرساله الأسلحة والذخائر لهم لقتال المجاهدين والثوار الصادقين، وللأسف وكالعادة لا يخلو الأمر من بعض السذج  والذين قد يكونون قد ظُلموا من بعض الجماعات الجهادية الصادقة فوجدوا في هذا التجمع مجالاً لتنفيس غضبهم عمن ظلمهم، وهنا المسؤولية على الطرفين الظالم والمظلوم في رد المظلمة أولاً وثانياً ألا يتجاوز المظلوم رد مظلمته بالتآمر مع عدوه وعدو الأمة فيكون كمن نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً..

ومنذ ظهور المجلس الوطني السوري، ثم الائتلاف الوطني والآن الهيئة العليا للتفاوض، والمعارضون الحقيقيون يضمرون داخل هذه المجالسن ومع كل اجتماع للمعارضة ومع كل توحيد لجهودها كما يدعون نسمع عن شروط تضعها هذه الدولة أو تلك من أجل القبول بالتشكيل الجديد دون أن نسمع عمن يفرض شروطه على وفد تفاوض النظام، بالإضافة إلى أن هذه التشكيلات وللأسف لا تزال تحسن الظن بمن يطالبها بإعداد الأوراق من أجل الانتقال السلمي والسياسي والديمقراطي، ولا تزال تقبل أن يضحك عليها هؤلاء بينما على الأرض لم يبق لهم شيء مع تقلص مساحات أرضهم، ومع إدراكهم أن هذا النظام لن يسلم البلد إلا ركاماً،  فبعد أن كانت هذه المجالس  ممثلاً شرعياً وحيدا، تراجع تمثيلهم  في الائتلاف والآن في مؤتمر الرياض، ولا أدري ماذا سيبقى لهم مستقبلاً...

الواضح أن القوى الدولية تسعى إلى إشغال وإلهاء المعارضة السياسية بلعبة سياسية طويلة الأمد بينما على الأرض تسعى إلى فرض نظام مجرم قاتل بدعم غزو روسي وإيراني علني وغربي سري ، يرافقه اختراق للمعارضة العسكرية السورية من حيث تشكيل قوة من غلاة الأكراد وضعاف الثوار العسكريين والسياسيين الذين يسهل شراؤهم أو الضحك عليهم، وهنا يكون الخناق قد استكمل على الثورة السورية سياسياً وعسكرياً..

الحل الوحيد أمام الثوار الحقيقيين في الداخل الذين يقاتلون على جبهات عدة، منها جبهة الغزاة الروس والإيرانيين والمليشيات الطائفية الأجنبية، وكذلك النظام المجرم، وعصابة داعش، والآن قوات سورية الديمقراطية ووو، هو بتوحد عاجل لقواتها العسكرية، وهو الوحيد الكفيل بحفظ دماء الشهداء وحفظ الثورة الشامية العظيمة، أما إذا أصرت هذه الجماعات على تطبيق أجندات فصائلية ضيقة فلتهنأ بذل الدنيا والآخرة...

هذا الحل لا يعني الثوار السوريين بقدر ما يهم تركيا أولاً وأخيراً بعد أن غدا اللعب ضدها على المكشوف من قبل  روسياً وهو ما حذرنا منها مراراً وتكراراً، فمواجهة التحرك الكردي المدعوم غربياً وشرقياً لن يكون إلا بتشكيل حلف عسكري ثوري حقيقي وفرضه على الفصائل من أجل حماية الشام وتركيا على السواء وإلا فإن التاريخ لن يرحم وكذلك الشعوب.

عن الكاتب

د. أحمد موفق زيدان

كاتب وصحفي سوري


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس