أ. د. محمد مرعي مرعي - خاص ترك برس

تدخّل بريجنيف الاتحاد السوفيتي البائد بقواته العسكرية لإنقاذ نظام حكم موالي له في أفغانستان حين اقترابه من السقوط عام 1979 ودعم بقاء جنرالا إمعة (طرطور) هو (ببرك كارمل) للاستمرار في حكم البلاد بقوة الجيش السوفيتي وكان ذلك القرار لحظة موعودة من أعداء الإمبراطورية السوفيتية لإنهاكها وإذلالها ثم تفكيكها وتحطيم قوتها وزجّ السوفيات قوة عسكرية عديدها (115000) إضافة إلى عصابات محلية أفغانية (شبيحة) تابعة لهم عديدها 50000، مقابل 200000 ثائر أفغاني وأجنبي قدموا لطرد السوفيات من أفغانستان، واستمرت الحرب 10 سنوات، وفي عام 1989 سحب الاتحاد السوفياتي ما تبقى من قوته العسكرية منهزما دون أي تفاوض أو اتفاق.

وكانت نتيجة الحرب السوفياتية الإجرامية على أفغانستان مقتل 15000 وجرح 54000 سوفيتي ومقتل 18000 شبيح شيوعي أفغاني، مقابل استشهاد 75000 من الثوار وجرح 90000، أما ضحايا الحرب السوفياتية على افغانستان من المدنيين فكانت كارثية باستشهاد 1.5 مليون مدني وجرح 3 مليون وتهجير 5 مليون داخليا و3 مليون خارجيا.

بالعودة إلى رتبة الفريق بشار الأسد - من ملازم إلى فريق - خلال 6 سنوات وريث الحكم على سوريا الذي اندلعت على حكمه ثورة شعبية عارمة عام 2011 ، فقد كرّر التجربة نفسها مع بوتين حاكم روسيا وريثة الاتحاد السوفييتي المندثر، ومقتديا بمثيله الجنرال ببرك كارمل أفغانستان، إذ ما أن بدأت جحافل قوى الثورة تقترب من قصره حتى استدعى إيران فارس الشيعية لإنقاذ نظام حكمه لاعتبارات طائفية بغيضة نابعة من حقد فارسي شيعي ضد كل عربي ومسلم  ومن امتدادات انكسارات إمبراطورية فارس المجوسية ورد الاعتبار للتخلص من عقد تاريخية تجاه الأمتين العربية والإسلامية، وزج الايرانيون قوتهم العسكرية واحتلوا كافة المناطق التي تسيطر عليها عصابات بشار الأسد كما كان حال السوفيات مع ببرك كارمل أفغانستان، ودفعوا مرتزقتهم من الديانة الشيعية من أفغانستان ولبنان والعراق والباكستان واليمن في كافة الجبهات ضد ثوار سوريا بقصد إنهاء الثورة السورية ضد حكم عائلة الأسد ومرتزقتها لكن إيران فارس وشيعتها فشلوا في إنقاذ سلطة آل الأسد من السقوط، ويعرف كل متابع حصيلة العدوان الإجرامي الفارسي الشيعي على الشعب السوري الثائر.

بعد مضي أكثر من أربع سنوات على غزو إيران ومرتزقتها أجزاء من سوريا وما حصل من أعمال القتل والدمار والتهجير، استدعى الوريث بشار الأسد قوى الغزو الروسية التابعة للحاكم فلاديمير بوتين ضد الشعب السوري الثائر، ودخلت قوات روسية قوامها 150 طائرة حربية وعشرات البوارج البحرية العسكرية و10000 مرتزق من الجنود الروس واحتلوا كافة المنطقة الساحلية السورية وبعض المطارات العسكرية التي ما زالت تحت سيطرة عصابات آل الأسد. وكرّر المرتزقة الروس بأوامر بوتين شخصيا ما فعله بريجنيف بالشعب الأفغاني الثائر عبر اتباع سياسة الأرض المحروقة إذ بدؤوا بتدمير المدارس والمساجد والمشافي والأسواق الشعبية والمنشآت الخدمة المدنية كالكهرباء والمياه وغيرها بحيث لا يدع للشعب السوري الثائر مقومات العيش والحياة على أرض سوريا.

لكن، ما زال الشعب السوري الثائر في أقصى قوته ضد قوى الغزو الروسي والاحتلال الفارسي الشيعي ومرتزقته وأتباعه في سوريا كما كان حال الشعب الأفغاني.

فهل تتكرر تجربة ببرك كارمل مدمّر افغانستان الذي انتهى مهزوما وهاربا إلى موسكو، مع بشار الأسد وريث أبيه ومدمّر سوريا بالهروب إلى موسكو كقدوته كارمل؟ وسيندحر الغزاة الروس البوتينيين وحلفائهم الفرس وشيعتهم كما اندحر الغزاة السوفيت؟ والتساؤل الأهم: هل سيأتي قادة ثورة لسوريا مثل: قلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود وبرهان الدين رباني لإنقاذ سوريا من الغزاة، أم أن الائتلاف وملحقاته وأشباهه سيجلبون لسوريا قرضاي أو طالبان أخرى؟ إنه زمن الحكام الصغار (ببرك كارمل + بشار الأسد) الذين ارتضوا بتسليم بلدهم للغزاة الخارجيين في سبيل بقائهم في سلطة حكم ليس لها أي قيمة وشرعية شعبية، ورحم الله أم (أبو عبد الله الصغير) آخر حكام الطوائف في الأندلس حين قالت له بعد أن سلّم مملكته إلى (فيرناندو +إيزابيلا) وجاء إليها باكيا على فقدان حكمه: كفى تبكي كالنساء على ملك لم تستطع أن تحافظ عليه كالرجال!

عن الكاتب

أ. د. محمد مرعي مرعي

جامعة غازي عنتاب، كلية الاتصالات، قسم العلاقات العامة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس