ترك برس

تمر علينا اليوم، 10 شباط/ فبراير 2016، الذكرى الثامنة والتسعين لوفاة السلطان العثماني "عبد الحميد الثاني" الذي عُرف بثباته ومثابرته في حماية حدود الدولة العثمانية وإنشاء العديد من مؤسسات التقدم والتطور داخل حدود الدولة العثمانية.

وُلد السلطان عبد الحميد الثاني، بتاريخ 22 أيلول/ سبتمبر 1842، في إسطنبول، وكان الابن الثاني للسلطان عبد المجيد الأول "1823 ـ 1861".

كان عمه السلطان "عبد العزيز خان" شديد الإعجاب به وبنباغته وبراعته السياسية والدبلوماسية، فكان يحرص على اصطحابه في معظم جولاته الدبلوماسية، الأمر الذي أضفى لعبد الحميد كم هائل من الخبرة السياسية والدبلوماسية للتعامل مع القوى المنافسة والمحالفة للدولة العثمانية.

قُتل السلطان عبد العزيز على إثر مؤمرة حاكتها الإمبراطورية البريطانية بالتعاون مع بعض وزراء السلطان عبد العزيز، وعلى رأسهم الصدر الأعظم "مدحت باشا"، بعد قتله حاول المتآمرون تسليم مقاليد الحكم لابن أخيه أخ السلطان عبد الحميد "مراد الخامس"، ولكن الاضطرابات العقلية التي كان يعاني منها مراد الخامس، حالت دون بقاءه على العرش طويلًا، فولت الفئة المتآمرة السلطان "عبد الحميد الثاني" سدة الحكم، بتاريخ 31 آب/ أغسطس 1876، وسط مراسم رسمية جعلت منه السلطان العثماني الرابع والثلاثين.

حارب عبد الحميد الثاني كافة حركات القومية المُفتتة لروح الوحدة الإسلامية والتي خرجت تحت سقف القومية والمطالبة بالاستقلال القومي الذاتي، ودعا إلى إعادة روح الاعتصام الإسلامي لصد القوى التي تستهدف الوحدة الإسلامية، لتحقيق مأربها في نهب مقدرات العالم الإسلامي.

وحرص السلطان العثماني على تشييد العديد من المدارس والكليات العلمية، وقد بلغ عدد هذه المدارس والكليات أكثر من 15  ألف، وكان الهدف الأساسي لذلك، هو رفع مستوى التعليم والقضاء على الأمية، وبفضل هذه المؤسسات، ساهم السلطان عبد الحميد في رفع مستوى القراءة والكتابة إلى عشرة أضعاف عما كان في السابق.

وأصدر السلطان عبد الحميد الثاني عددًا من القوانين التي تكفل الحقوق المتساوية بين المسلمين وبين المسلمين وغيرهم من القوميات الأخرى التي تعيش تحت ظل الدولة العثمانية.

فكر السلطان العثماني عبد الحميد الثاني في إنشاء جسر مرور فوق مضيق البسفور وإنشاء مشروع مرور تحت المضيق أيضًا، ولكن افتقار الدولة العثمانية للموارد والإمكانيات حالت دون تحقيقه لتلك الأهداف التي توصف الآن بأنها مشاريع عملاقة.

شرع السلطان عبد الحميد الثاني في إنشاء سكة الحديد الواصلة لكافة أرجاء العالم الإسلامي، والتي أُطلق عليها اسم "سكة الحجاز" إذ كان يُخطط لها أن تصل ما بين إسطنبول والحجاز.

تعود شبكة الهاتف وشبكة خدمة البريد "البي تي تي"، عام 1840، والتي تتمتع من خلالهما تركيا، إلى يومنا هذا، بخدمات نقل وتواصل مميزة، إلى عهد السلطان عبد الحميد الثاني، حيث قام بإنشائهما وورثتهما تركيا وعملت على إدامتهم بخدمات أكثر تطورًا، وبقيت هاتان الشركات، إلى اليوم، قائمتان على أصولهما، تحفظان البصمة المميزة التي تركها السلطان عبد الحميد الثاني في عالم التطور والتقدم.

وتذكر الوثائق التاريخية أن السلطان عبد الحميد حرص على تشييد المستشفيات ودور العجزة، أهم هذه المؤسسات دار العجزة الموجودة بالقرب من "أوك ميداني" بإسطنبول، والتي أُسست عام 1895، وما زالت إلى يومنا هذا تقدم الخدمات للعجزة والمسنين.

وفي سياق تقييم حرص السلطان عبد الحميد الثاني على دعم التقدم والتطور المادي والبشري، يشير البروفسور في قسم هندسة الاتصالات "سليمان دوغان"، في لقائه الصحفي مع صحيفة "تركيا"، بتاريخ 9 فبراير 2016، إلى أنه يمكن تصنيف السلطان عبد الحميد الثاني على أنه من أكثر السلاطين العثمانيين الذين خدموا التقدم التكنولوجي داخل حدود الدولة العثمانية، إذ أن الإنجازات التكنولوجية التي تمت في عهده لم تتم في عهد أي من السلاطين العثمانيين.

ويتابع دوغان مبينًا أن السلطان عبد الحميد الثاني علم جيدا ً أن التطور الشامل لدولة ما لا يمكن أن يتم إلا من خلال تطوير الموارد البشرية، فعمل على إنشاء العديد من المدارس والكليات، وتطوير وسائل الاتصالات والمواصلات، لتسهيل عملية التنقل والأبحاث للعلماء والباحثين، فعمل على إنشاء شبكات اتصالات وبريد ونقل ضخمة.

ويبين دوغان أن السلطان عبد الحميد الثاني أظهر من خلال الآثار التكنولوجية التي تركها، مدى حرصه على التقدم التكنولوجي والتطور البشري لإنشاء دولة ذات دعائم قوية.

تُوفى السلطان عبد الحميد الثاني بتاريخ 10 فبراير 1918، تاركًا خلفه رسالة مهمة فحواها "بالاتحاد والتقدم العلمي تحيا الأمم، ودونهما فالفناء حليفها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!