جلال سلمي - خاص ترك برس

أعلنت وزارة الخارجية التركية، على لسان وزيرها "مولود تشاوش أوغلو"، السبت الماضي، 13 شباط/ فبراير 2016، عن وصول دفعة من الطائرات الحربية السعودية إلى قاعدة "إنجيرليك" العسكرية القريبة إلى الحدود التركية، للبدء في محاربة "داعش" وبعض المنظمات الإرهابية الأخرى.

ولم يحدد تشاوش أوغلو الموعد الأكيد لانطلاق العمليات العسكرية السعودية المزمعة، كما أنه لم يوضح ماهية المنظمات الإرهابية الأخرى التي مر ذكرها في تصريحاته، الأمر الذي دفع بعض الخبراء السياسيين في تحليلاتهم إلى وصف حزب الاتحاد الديمقراطي بأحد المنظمات الإرهابية الأخرى المعنية في التصريحات.

وبهذا الصدد، أوضح الخبير الاستراتيجي "محمد تازكان" أن التطورات الجارية في سورية، أصبحت أشد التطورات تعقيدًا في الآونة الأخيرة، مبينًا أنه عقب استهداف القوات التركية المسلحة لبعض عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي ومطالبة داود أوغلو الحزب بإخلاء قاعدة "منغ" العسكرية على الفور، وإلا سيستمر القصف التركي، أضحى ظاهرًا للعيان أن ثمة صفحة جديدة من صفحات الأزمة السورية قد فُتحت.

وأضاف تازكان، في مقاله "المملكة العربية السعودية وعلاقتها بحزب الاتحاد الديمقراطي"، نُشر في صحيفة "ميلييت"، 15 فبراير 2016، أن قدوم الطائرات العسكرية السعودية إلى قاعدة "إنجيرليك" أوحى بأن هذه الصفحة الجديدة ستشهد تحرك عسكري إقليمي في سورية، لمحاربة "داعش" وغيرها من المنظمات الإرهابية، ومساندة الثورة السورية التي تُركت يتيمة وحيدة في الميدان منذ انطلاقها وحتى يومنا هذا.

وفيما يتعلق بإمكانية استهداف الطائرات السعودية لعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي، أشار تازكان إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي لا يُشكل خطر جغرافي سياسي مباشر على المملكة العربية السعودية وكيانها الجغرافي، ولكن يُشكل خطر استراتيجي عميق على أنقرة التي تعاني من حظر جوي لطائراتها العسكرية فوق سورية، بعد استهدافها للطائرة الروسية المخترقة لأجوائها في نوفمبر من العام المنصرم، وهذا ما يلمح إلى الأذهان خطة تركيا الرامية إلى تطبيق سياسة التكامل مع المملكة العربية السعودية، بحيث ستدعم تركيا الأخيرة لوجستيًا وستعمل الأخيرة على استهداف الأهداف المشتركة للجانبين جويًا، بمعنى إلى جانب "داعش"، ستستهدف المملكة العربية السعودية عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي أيضًا، لأنه إلى جانب كونه يشكل خطرًا استراتيجيًا على المصالح التركية، فهو يساند نظام الأسد والخطط الروسية ويحارب قوات المعارضة المعتدلة في سورية، وبذلك يلعب نفس الدور الذي تلعبه "داعش".

ومن جانبه، نقلت صحيفة "أقشام" التركية، عن مصادر مطلعة في وزارة الخارجية التركية، قولها إن تركيا والمملكة العربية السعودية اتفقتا على التحرك المشترك في سورية، وإن اقتصر الطرفان على توضيح أن "داعش" هدفهم الأساسي، فهذا لا يُغني عن إمكانية استهدافهم لقوات الأسد والمنظمات المساندة لها، بما فيها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي أضر كثيرًا بخط سير الثورة السورية منذ انطلاقها وحتى الآن.

وعزت الأطراف المعنية إمكانية استهداف الطائرات الحربية السعودية قوات الأسد وعناصر حزب الاتحاد الديمقراطي، إلى سعي تركيا والسعودية إلى إحداث توازن عسكري ملحوظ على الساحة السورية، يساهم في دفع روسيا وإيران إلى القبول بحل الأزمة السورية سياسيًا بشكل متوازن.

وذكرت صحيفة "ًيني مساج" التركية، في تقريرها "الطائرات السعودية في قاعدة "إنجيرليك"، 14 فبراير 2016، أن تركيا والمملكة العربية السعودية تسعيان إلى دعم الثورة السورية، وكبح الخطط الرامية إلى تقسيم سورية، لتأمين المنطقة وحدودها الإقليمية استراتيجيًا، مشيرةً إلى أنه في ضوء هذا الهدف لا بد من الإيقان أن حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يحمل الخطط الانفصالية الأساسية في سورية، في مرمى هدف الجهتين.

وفي سياق متصل، ألمح الباحث السياسي "أوكان مدرس أوغلو"، في مقاله "تركيا جادة"، نُشر في صحيفة "يني شفق"، 16 فبراير 2016، إلى أن حزب الاتحاد الديمقراطي أحد العناصر المضادة لخطط تركيا والمملكة العربية السعودية تجاه سورية، وعدم استهدافه من قبل الطائرات السعودية التي جاءت لمساندة الثورة السورية وإيقاف تدهور حالتها لصالح دول أخرى، أمر غير محتمل، لأن مساندة الثورة بشكل جيد، مرهون باستهداف جميع العناصر التي تحارب ضدها، بما فيها حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يحارب الثورة علنًا.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية السعودية "عادل الجبير" صرح بأن الأسد سيرحل بالمفاوضات أو بالقتال، ويمكن أن يُستنتج من هذه التصريحات، أن الطائرات السعودية لن تستهدف "داعش" فقط، بل يمكن أن تستهدف نظام الأسد والعناصر المساندة له، وعلى رأسها حزب الاتحاد الديمقراطي، حسب حاجة الميدان السياسي والعسكري لذلك.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!