ترك برس

غدا المصطلح السياسي "الإرهاب" من أكثر المصطلحات السياسية التي تمتاز بالازدواجية المعيارية، وبات يُستخدم من قبل معظم الدول حول العالم حسب معيار توافق أو عدم توافق مصالحها مع المنظمات المسلحة خارج إطار الدولة، ففي حال تواقفت هذه المصالح تُصبح المنظمات العسكرية منظمات ثورية ديمقراطية ولكن في حال تعارضت مصالحهم مع هذه المنظمات تُصبح على الفور منظمات إرهابية قاتلة.

وفي ذلك السياق، أوضحت الكاتبة السياسية "أوزلام البيراك" أن الإرهاب لغويًا؛ يعني إثارة الرعب في المجتمع، وتتعدد مصادر هذا الرعب، ويمكن تعداد حوادث الطرق وجرائم السرقة وجرائم القتل كأمثلة لمصادر الإرهاب المتعارف عليها قبيل الثمانينات، ولكن مع حالة الانتشار الواسعة للجماعات العسكرية المسلحة خارج إطار الدولة في أواخر الثمانينات وبداية التسعينات، وتنفيذ هذه الجماعات العسكرية لبعض العمليات العسكرية في بعض الدول، مثيرين بذلك حالة رُعب شديدة، أصبح يُطلق مصطلح الإرهاب على هذه الجماعات، وأضحى يُعرف الإرهاب على أنه أسلوب رُعب تستخدمه بعض الجماعات المُسلحة، منفذة عددًا من الجرائمغير الإنسانية، لتحقيق أهدافها التي تسعى إليها.

وأردفت البيراك، في مقالها "الإرهاب في سورية"، نُشر في صحيفة "يني شفق"، بتاريخ 17 شباط/ فبراير 2016، مبينةً أن استخدام أسلوب الجرائم غير الإنسانية أصبح المعيار الفاصل بين الجماعات العسكرية "الإرهابية" و"الثورية"، وهذا يعني أن الفصائل العسكرية التي تحارب من أجل تحقيق هدف نبيل، قد يكون نيل الحرية من نظام مُستبد، وتستخدم خلال حربها الوسائل الإنسانية تُعرف على أنها فصائل ثورية، أما الفصائل العسكرية التي تحارب من أجل تحقيق أهداف ضارة بالمصالح العامة لشعب أو منطقة ما وتستخدم عددًا من الأساليب غير الإنسانية في تحقيق ذلك تُعرف بأنها فصائل إرهابية.

وألمحت البيراك إلى أن المعيار المُعرف للإرهاب واضح، ولكن تقوم بعض الدول الفاعلة في سورية بإجراء عملية تحوير واضحة له، حيث تصنف المنظمات الفاعلة في سورية، على أنها منظمات إرهابية أو ثورية، حسب خدمة هذه المنظمات لها ولمصالحها، وليس حسب الهدف والوسائل التي تستخدمها هذه المنظمات في تحركاتها العسكرية، مشيرة إلى أن ذلك بدا جليًّا في توصيف روسيا لقوات المعارضة المعتدلة بالمنظمات الإرهابية، بينما وصفت حزب الاتحاد الديمقراطي الذي يحمل في طياته عددًا من الأهداف الانفصالية غير السامية التي تضر بمصالح الشعب السوري ومطالبه العادلة، والذي يستخدم العديد من الوسائل غير الإنسانية في تحقيق هذه الأهداف، على أنه منظمة ثورية، ومرد ذلك إلى مسايرة حزب الاتحاد الديمقراطي لخططها الرامية إلى تقويض ثورة الشعب السوري.

وأضافت البيراك موضحة أن الولايات المُتحدة الأمريكية أيضًا تسير على نفس المنوال الروسي، وتصر في إعلانها على أن حزب الاتحاد الديمقراطي حزب إرهابي، مع أنها تعي تمام الوعي أن الأساليب العسكرية التي يستخدمها، والتي اعتبرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" جرائم بشعة بحق الإنسان، ترقى إلى جريمة "التطهير العرقي" التي يحرمها القانون الدولي تحريمًا شديدًا، هي أساليب إرهابية تستدعي تعريفه على أنه حزب إرهابي يجب محاربته مثل محاربة "داعش" تمامًا.

ومن جانبه، بيّن الخبير في قضايا الإرهاب "نهاد علي أوزجان"، في مقاله "ماذا يعني حزب الاتحاد الديمقراطي بالنسبة لحزب العمال الكردستاني؟"، نُشر على الموقع الإخباري التركي "خبر 7"، بتاريخ 26 كانون الثاني/ يناير 2016، أن جميع العناصر الفاعلة في سورية، تعلم جيدًا أن حزب الاتحاد الديمقراطي هو امتداد تنظيمي لحزب العمال الكردستاني في سورية، وفي حين أن بعض هذه العناصر، مثل تركيا، تُعرفه على عنصر إرهابي، تُعرفه بعض العناصر الأخرى التي تيقن أكثر من تركيا بأنه عنصر إرهابي، على أنه حزب "ثوري ديمقراطي"، مضيفًا أن لا عتاب على روسيا في تعريف حزب الاتحاد الديمقراطي على أنه حزب ثوري، لأن أساليبها العسكرية في سورية، فاقت حد وصفها على أنها إرهابية، ولكن إصرار الولايات المُتحدة على تعريف حزب الاتحاد الديمقراطي بأنه حزب "ثوري ديمقراطي"، معللةً ذلك بكون حزب الاتحاد الديمقراطي الحزب الأكثر  جدارة في محاربة "داعش"، هو الأمر الأكثر إثارة للجدل في المنظور الأمريكي نحو القضية السورية.

ويتساءل أوزجان في مقاله قائلًا هل أن إثبات الجدارة في محاربة "داعش" هو المعيار الحقوقي المنطقي الذي تستند إليه الولايات المُتحدة لتعريف حزب الاتحاد الديمقراطي على أنه حزب ثوري، أم أن هنالك معيار سياسي ضمني ترتكز عليه أمريكا لاستخدام حزب الاتحاد الديمقراطي في إشعال حرب استنزاف قوى المعارضة، تلك الحرب التي اتبعتها أمريكا منذ قيام الثورة السورية، وما زالت تدعمها بوتيرة أكبر إلى يومنا هذا؟

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!