مولاي علي الأمغاري - خاص ترك برس

بعدما تقدمت وزارة العدل التركية بطلب لرئاسة الوزراء لرفع الحصانة البرلمانية  عن نواب حزب الشعوب الديمقراطي، وإطلاق  مكتب المدعي العام في ولاية ديار بكر تحقيقًا حول عدد من نواب حزب الشعوب بزعامة ديميرطاش، حيث طالب المدعي العام بالولاية،رفع  حصانتهم لمحاكمتهم بتهمة "التحريض على الكراهية" و"الانتساب إلى منظمة إرهابية".

قال الرئيس التركي طيب رجب أردوغان في هذا السياق: "هناك من يعمل على دعم حملات الإرهابيين ومدهم بالأسلحة ويستخدم حصانته البرلمانية من أجل ذلك، كل من لديه قضية من نواب مجلس الأمة ستحال إلى القضاء، وفي حال ثبوت إدانته سوف يحاكم، ليس بالإمكان انتظار فترة انتهاء نيابة النائب في البرلمان، في حال ثبوت أنه يقوم بحمل السلاح إلى التنظيم الإرهابي بعربته مستخدما حصانته النيابية، ولهذا نصر على إقرار قانون رفع الحصانة لمعاقبتهم، لكن حزب المعارضة الرئيسي (حزب الشعب الجمهوري) لا يزال يماطل في هذا الأمر... كل من أجرم يجب أن يدفع الثمن، ينبغي ألا تكون المناورات السياسية عقبة أمام هذه المقترحات، بل يجب تسريع النظر فيه"، عن موقع الرسمي للرئيس أردوغان.

يعتقد الرئيس أردوغان أن رفع الحصانة هو أمر ضروري من أجل مكافحة الإرهاب، كما يرفض بشدة حل الحزب، فوجود حزب الشعوب الديمقراطي داخل البرلمان التركي إنجاز يحسب لحزب العدالة والتنمية وجهوده الكبيرة لتوطيد الديمقراطية بتركيا ومحاربة كل أشكال الانقلابات ومصادرة صوت الشعب وإرادته، فالشعب أراد أن يدخل حزب الشعوب الديمقراطي إلى البرلمان، وعلى الكل في تركيا احترام إرادة الشعب التركي، ولكن الذي يرفضه القادة الأتراك والشعب التركي، هو استغلال الحصانة البرلمانية من أجل تبرير الإرهاب ودعمه بلك أنواع الدعم، والتي تهدف إلى تصوير الجيش التركي والحكومة التركية على أنها "ظالمة"، وإرهابيو جبل قنديل "ثوار وأصحاب قضية وأبرياء".

و لقد أكد أكثر من مسؤول تركي أن  قرار إرسال المذكرات إلى البرلمان ليس  قضية سياسية، بل هي خطوة تتعلق بأمن تركيا ومحاربة الإرهاب.

والحقيقة أن حزب الشعوب الديمقراطي وكما قال أحد الكتاب الأتراك: "انحرف عن مهمته السياسية، وتخلى عن دوره في حل المشكلة عن طريق السياسة والحوار، وتوجّه بدل ذلك نحو سياسة العنف... لقد تخلّى حزب الشعوب الديمقراطي عن مسؤوليته الديمقراطية، حيث يقوم بتسليط ضغوطه على السلطات القضائية والتنفيذية".

وقد اشتكت الحكومة التركية كم مرة من أن ممثلي حزب الشعوب الديمقراطية في البلديات التي تسيرها في جيزره وسيلوبي وسور وشيرناق وايديل وغيرها تساند عناصر بي كي كي في حفر الخنادق وتقديم الدعم والمعلومات.

ورغم ذلك فالرئيس التركي يقف ضد إغلاق الحزب وسحب ترخيصه، ولكن يدعو بكل قوة أن يتم رفع الحصانة عن كل من متهم بتورط في دعم الإرهاب وتمجيده وتبريره.

وعلى من أمثلة هذا الدعم، ما صرح به المتحدث باسم حزب الشعوب الديمقراطي والنائب من الحزب عن ولاية إزمير "إرتوغرول كوركتش"و إن هجمات بي كي كي الإرهابية على قوات الأمن التركية ليست "مسألة إدانة".

ولا شك أن ما يشجع حزب الشعوب الديمقراطي على دعم إرهاب حزب العمال الكردستاني هو الاستقواء حزب دميرطاش بالقوى الغربية على رأسها أمريكا وروسيا وألمانيا وباقي بلدان الاتحاد الأوروبي، وضغط هذه القوى على الحكومة التركية وأردوغان من أجل التخلي على العمل العسكري ضد تنظيم "بي كي كي" الإرهابي والدخول في عملية سلام ثانية، كما جاء في تقرير الأخير للبرلمان الأوروبي عن تركيا، بالإضافة إلى مساندة حزب الشعب الجمهوري لهذا التوجه كورقة ضغط على العدالة والتنمية والرئيس أردوغان لتحقيق مكاسب سياسة.

لكن القادة الأتراك على كلمة واحدة "لن نوقف العمليات العسكرية ضد المنظمات الإرهابية حتى تدفن أسلحتها في التراب وننظف تركيا من كل العناصر الإرهابية"، هذا الإصرار أزعج هذه القوى اللاعبة بورقة الأكراد.

إن داود أوغلو وقبله أردوغان نجحا في توضيح حقيقة مهمة للأكراد بأن حزب العمال الكردستاني الإرهابي يدمر ويخرب مدن جبوب شرق تركيا ويمنع نهضتها وتطوره ولاحقها بباقي المدن التركية، وأن حزب العدالة والتنمية يسعى بكل قواه في تعمير هذه المدن وتطورها وتمتيع سكانها بما يتمتع به باقي الشعب التركي.

وأن إرهاب منظمة "بي كي كي" أكبر سبب في منع تمتع الأكراد في جنوب شرق تركيا بالحياة الكريمة فهم أول ضحاياه، لذا لوحظ في السنتين الأخيرتين أن المنظمة الإرهابية تفقد الحاضنة الشعبية والتي تحتمي بالجيش التركي وترفض التعاون مع المنظمة في تنفيذ عملياتها الإرهابية ضد عناصر الجيش ورجال الشرطة.

وإذا تمت رفع الحصانة عن أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، فستكون خطوة كبيرة وصحيحة في القضاء على الإرهاب بتركيا، وسيفقد تنظيم "بي كي كي" دعم قويا وواضحا جعله يبقى مستمر حتى الان.

ولن يكون رفع الحصانة هذا الأول في التاريخ السياسي التركي الحديث، فقد سبقته أحداث مماثلة في تسعينات القرن الماضي، حيث تم رفع الحصانة البرلمانية عن عدة برلمانيين في قضايا مشابهة.

عن الكاتب

مولاي علي الأمغاري

باحث في قضايا العالم العربي والإسلامي ومتخصص في الحركات الإسلامية وقضايا الإرهاب، ومهتم بالشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس