ترك برس

رأى الكاتب والمحلل السياسي السوري، عماد مفرح مصطفى، أن موسكو تريد من معركة حلب تحقيق إنجازين مهمين، كانت تطمح إليهما منذ بداية تدخلها في سوريا، الأول تشكيل كيان كردي على طول الحدود الجنوبية لتركيا، بما يحمل ذلك من إشغال أنقرة بالورقة الكردية سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، ومحاصرتها بالنفوذ والوجود الروسي في الشمال والجنوب.

وأضاف مصطفى في مقال له بعنوان "معركة حلب التداعيات والمآلات"، نشرته الجزيرة نت، أنه "في حين يرتبط الإنجاز الآخر بإبعاد تركيا عن الملف السوري وقطع خطوط إمدادها للمعارضة السورية، وتشكيل فاصل جغرافي كردي بين سوريا وتركيا، وحرمان الأخيرة من أي فرصة لإقامة منطقة آمنة على الحدود السورية".

وأشار مصطفى إلى أن الخشية الكبرى التي تنتاب المعارضة حاليا تتعلق بإمكانية وجود توافق غير معلن بين واشنطن وموسكو حول مصير حلب على حساب المعارضة وإنهاء وجودها هناك، أملا في التأثير على الخيارات التركية بما يخص دعم المعارضة والوضع السوري بشكل عام، ومحاربة "تنظيم الدولة".

وقال الكاتب، "صحيح أن معركة حلب شبيهة من حيث التعقيد وتداخل المصالح وتناقضها بأي معركة أخرى في سوريا، إلا أن هذه المعركة بالذات تمتاز بالحدية ووضوح رسائلها الإقليمية مع توفر الرغبة الروسية الواضحة في جعل معركة حلب ورقة ضغط على الجار التركي، فخسارة المعارضة للمدينة والريف الحلبي، سيعني وصول قوات الأسد والميليشيات الإيرانية "الطائفية"، إلى الحدود التركية، بما يحمل ذلك من تهديد للعمق التركي، هذا إن لم تستفد "قوات الحماية الشعبية الكردية" الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من الأوضاع، وتستولي على مدينة إعزاز، ومن ثم تقوم بربط مناطق سيطرتها على طول الحدود الجنوبية التركية وتثبيت حضورها على الخارطة السورية".

وأوضح أن كل الأطراف تدرك حجم الاستحقاقات التي سيمليها واقع التغيرات الميدانية بعد معركة حلب في المشهد السوري وانعكاساته، وهي استحقاقات قد لا تنتهي بمحاولة روسيا محاصرة نفوذ أنقرة وتأسيس وقائع جديدة على حدودها الجنوبية، وتأمين أجزاء منها لصالح قوات الحماية الشعبية الكردية، بل قد تتجاوز موسكو "البوتينية" كل ذلك، وتقدم على توفير غطاء جوي وسياسي لكيان كردي يمتد من جبال قنديل إلى عفرين، مع تحويله إلى قاعدة خلفية تساند حزب العمال الكردستاني في صراعه المسلح داخل تركيا.

وخلص مصطفى إلى أن "واقع الحال أن كل القوى المحلية والإقليمية والدولية تتحسب لخسارتها في حلب، والتي قد تفتح الباب أمام هزائم أكبر في سوريا. لكن مهما تكن خسارة تلك القوى الدولية والإقليمية، فهي لن تكون بمستوى الخسارة السورية الممزوجة بطعم الدم والألم والتشرد والخذلان الدولي لشعب أراد الحرية والكرامة. لذا يدرك السويون اليوم أن معركة حلب تعني معركة وجود بالنسبة لبلدهم ونسيجه الاجتماعي وكيانه المستقبلي، معركة ستنتصر فيها حلب بأهلها وتاريخها وحضارتها".

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!