ترك برس

ذكر أستاذ القانون الدولي في جامعة برينستون الأمريكية "ريتشارد فولك" أن التطورات الخارجية المهمة المحيطة بتركيا تستدعي عدم تجاهلها على حساب التطورات الداخلية، وذلك في مقاله "تقييمات عامة لاستقالة داود أوغلو" على موقع الجزيرة ترك، قيّم الأكاديمي العريق صديق داود أوغلو الحيثيات المحيطة بالاستقالة وبتركيا بشكل عام.

يقول فولك: "إنني كأجنبي مطلع على التطورات السياسية في تركيا، أملي الوحيد تجاه تلك التطورات هو توحد الشخصيات الصادقة حول أهداف مشتركة فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية التركية بأسرع وقت ممكن، وأن يتم حل معضلة القيادة الناتجة عن استقالة داود أوغلو دون تشتيت جهود تركيا داخليا".

ويُعرب فولك عن قلقه تجاه حاضر تركيا ومستقبلها عقب أزمة الزعامة التي أحاطت بحزب العدالة والتنمية منذ إعلان داود أوغلو عزمه الاستقالة عن زعامة الحزب ورئاسة الوزراء، مشيرا إلى أن في ذلك دلالة على اتجاه تركيا نحو إجراء تغيّرات جذرية على صعيد السياسة الداخلية التركية، "مما ينذر بغيمة سوداء من عدم الاستقرار، كما أن الأزمة الحالية بلا ريب أثرت ولو قليلا على التقدم الاقتصادي والتحرك السياسي الخارجي لتركيا".

يظهر الإعلام المقرب من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" الأزمة أمام الرأي العام على أنها أزمة تعطل النظام البرلماني وليست أزمة شخصيات، حسب فولك، الذي يضيف أن معظم الباحثين السياسيين الأتراك المقربين من جناح الرئيس أردوغان طرحوا طلب أردوغان استقالة داود أوغلو على أنه قرار صائب بلا منازع، إذ سيعود بالخير على تركيا وستظهر جوانبه الإيجابية في الأيام المقبلة.

يرى فولك أن تصريح داود أوغلو بأنه ترك رئاسة الوزراء مضطرا، يحمل في طياته بعض التناقضات مع تقييمات المحللين، موضحا أن السبب المحتمل والأقرب للصواب فيما يتعلق باستقالة داود أوغلو هو رغبة الهيئة العليا لإدارة حزب العدالة والتنمية في إبقاء أردوغان قائدا أعلى لحزب العدالة والتنمية، لإتمام التغييرات التي يُخطط لإجرائها من خلال تقدير ومساندة جميع أعضاء الحزب لها.

ولا يعتقد فولك أنه يمكن الجزم بذلك، لكن كافة الشواهد تؤكّد أن اتخاد داود أوغلو قرارات بعيدة عن رأي أردوغان وعدم تناغمه الكامل مع هدف أردوغان في تغيير النظام، هما العاملان الأساسيان اللذان تسببا في ضغط أردوغان على داود أوغلو للاستقالة بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

يقيم فولك استقالة داود أوغلو بأنها أولى الخطوات التي تظهر للرأي العام والعالم أن تركيا بدأت بتحركها الفعلي نحو النظام الرئاسي، مبينا أن الأحداث الماضية أظهرت الكثير من الخطوات التي قام بها أردوغان للتدخل في عمل الحكومة، ومن ثم تقديم داود أوغلو عقب هذه الأحداث استقالته سواء برغبته أو قسرا، تظهر على الملأ التحركات الجادة لبدء تحول تركيا من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي.

ويشير فولك إلى أن الرجل الذي سيخلف داود أوغلو سيكون ظل أردوغان الفعلي في الحكومة وسيكون خاليا من الشهرة الدولية التي كان عليها دواد أوغلو، موضحا مرة أخرى أن سعي أردوغان لتغيير نظام الحكم بإرساء نظام رئاسي قوي، يجعله بحاجة إلى رئيس للوزراء مقرب له، لتسهيل الإجراءات الدستورية المتعلقة بتغيير نظام الحكم بسرعة وسلاسة.

وفي ختام مقاله، يرى فولك أنه على الرغم من جدية هذه القضية، إلا أنها يجب أن تبقى في المرتبة الثانية بين أولويات تركيا، لا سيما في ظل تكرار الهجمات الإرهابية من قبل حزب العمال الكردستاني، واحتدام الحرب مع داعش التي أصبحت تستهدف المدن الحدودية، ففي ظل تلك التطورات الخطرة أصبح جل ما تحتاجه تركيا هو الإسراع في تجاوز هذه الأزمة الداخلية، حتى تحافظ على طاقتها دون تشتت وتتمكن من التفرغ للأحداث الجارية في محيطها.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!