إلهامي اشق - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء الشعبي على التعديلات الدستورية، من الواضح تمامًا أن القضية الكردية ستشغل الأجندة التركية خلال الفترة القادمة. سيرخي تنازع القوى العالمية في منطقة الشرق الأوسط بتداعياته على نحو مؤكد على جميع القوى والعمليات السياسية في المنطقة. ولهذا ينبغي على تركيا أن تصيغ أهم وأولويات أجندتها واضعة في عين الاعتبار السير المحتمل للقضية الكردية وتأثيرات نتائجه الممكن حدوثها.

ما لا يمكن قبوله بالنسبة تركيا هو ارتباط القضية الكردية بالعنف. أكدت أنقرة على لسان مسؤوليها مرات عديدة على أنه ليس لديها أي مشكلة مع قضية كردية خالية من العنف. وهذه النمطية التركية بخصوص القضية الكردية صحيحة ومشروعة. الاعتقاد والتأكيد على أن القضية الكردية الخالية من العنف مسألة يمكن التباحث فيها وحلها لن يقتصر على منح تركيا موقعًا مشروعًا فحسب بل سيوفر لها في الوقت ذاته تفوقًا أخلاقيًّا يفرض على الجميع تقبلها بسهولة.

وإذا كان هناك توافق رئيسي بيننا على هذا السياق فإن أول ما يتوجب عمله هو الإقدام على خطوات في سبيل تطهير القضية من العنف. ولا أعني بتخفيف وإضعاف علاقة القضية الكردية بالعنف تدريجيًّا بدء عملية سلام جديدة. كما أنني لا أقصد استكمال العملية السابقة، أو إطلاق عملية جديدة مع زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في جزيرة إيمرالي عبد الله أوجلان.

ينبغي تحقيق توافق من خلال تناول حقيقة اجتماعية وسياسية قائمة، ألا وهي وجوب عدم اعتبار العلاقات التي يقيمها الأكراد بالمجمل مع القضية الكردية على أنها ككل مناهضة لتركيا.

تنأى الغالبية العظمى من الأكراد المقيمين في تركيا بنفسها عن العنف. ومهما قال القائلون فإن الإرادة السياسية للأكراد في تركيا تعبر عن الرغبة في العيش سوية معها. تحمّل هذه الحالة الاجتماعية والسياسية الأكراد الراغبين بتغييرها مسؤوليات بنفس القدر الذي تحمّله للدولة.

وكما أظهرت الأبعاد الجديدة التي بلغتها القضية الكردية على صعيد الشرق الأوسط أن من غير الممكن للدولة التعامل معها من خلال السياسات الأمنية فقط، فقد اتضح أن استمرار ارتباط حل القضية بالعنف غير ممكن بالنسبة للأكراد. وبالتالي لا مناص للطرفين من اتخاذ مواقف جديدة تتوافق مع الحالة الراهنة. وإذا لم يكونا يرغبان بأن يفرض آخرون عليهما حلًّا كأمر واقع فإن التحول الواجب عليهما إجراؤه هو فتح آفاق لسياسات جديدة بعيدًا عن العنف.

ومن الواضح تمامًا أن الخطوات التي سيتم الإقدام عليها على الساحة العامة ستكون وسيلة لتعزيز السياسة الكردية المناهضة للعنف. تتمتع الحريات في الساحة العامة بأهمية حيوية من أجل تحول السياسة الكردية في إطار عملية مدنية وديمقراطية. ومع ظهور الأكراد بأشكال مختلفة على الساحة العامة سيتحطم الاحتكار الذي يمارسه حزب العمال الكردستاني في السياسة الكردية.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس