ترك برس

نشرت صحيفة الشرق الأوسط تحليلا للكاتب والشاعرة التونسية، آمال موسى، قالت فيه إن "الحريات ما زالت مهدَّدَة في تركيا"، وإن الرئيس رجب طيب إردوغان "ضيق على معارضيه وقام بردود فعل أظهرت ميلاً إلى الانفراد بالحكم".

وتطرقت آمال في تحليلها إلى تصريح لرئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، رد فيه على الأحزاب المعارضة التي رفضت نتائج الاستفتاء في تركيا بأن الشعب قال كلمته وانتهى الأمر، وذلك في سياق رفض اللجنة العليا للانتخابات في تركيا الطعون التي تقدمت بها بعض الأحزاب المعارِضَة التي شكَّكَت في نزاهة الاستفتاء.

واعتبرت الكاتب أن الحديث عن نهاية الأمر أو بدايته مسألة نسبية جداً، خصوصاً أن النسبة التي تحصّل عليها أردوغان لا تؤهل أي أحد لإنهاء الأمر، فالرجل صحيح أنه تحصَّل على إذن شعبي للقيام بالتعديلات التي يريدها على الدستور، ولكن هذا الإذن متواضع في قاعدته الشعبية، ويجب ألا نحمِّلَه أكثر من معانيه ودلالته.

وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا عن فوز أنصار "نعم" للتّعديلات الدستوري بنسبة 51.4% مقابل 48.6% صوتوا بــِ"لا" من المقترعين في الاستفتاء العام الذي أجري يوم الأحد 16 أبريل/نيسان الجاري.

وأشارت آمال إلى أن أردوغان كسب جولة جديدة من جولاته التي انتصر فيها إلى الآن، فالرجل سياسي براغماتي يعرف كيف يفرق خصومه ومتى يرفع سقف المطالب والأفكار عالياً، وهذه للأمانة ميزة ليست في متناول الجميع، خصوصاً في هذه المرحلة التي تقلَّص فيها عدد السياسيين من أصحاب الحنكة والدهاء.

وأضافت أن الموضوعية تقتضي الاعتراف بأن نتائج الاستفتاء، وإن كانت لم تجلب له الانتصار الساحق، ونسبة عالية من الموافقين على إجراء تعديلات دستورية، فإنه لا يمكن الإنكار أن تلك النتائج قد حملت الفوز على علاته لأردوغان، وهو ما يضعف الأحزاب المعارضة في الوقت الراهن وما سيُقويها مستقبلاً يضعفها.

لأن الشعب فعلاً قال كلمته، والدعوة إلى انتخابات مبكرة لن تؤتي أكلها، ولن تستطيع المعارضة التركية تغيير الواقع الآن، في حين أنه لو لم يعرف إردوغان كيف يتعامل مع هذا الفوز الضئيل في نسبته، فإنه لا شيء يؤكد أن الأمر انتهى على حسب كلام رئيس الوزراء بن علي يلدريم.

وأوضحت الكاتبة: نعني بذلك أن في السنوات الخمس الأخيرة تحديداً قد ضربت تركيا بشكل متتالٍ تجربتها في مجال تقديم أنموذج إسلامي حديث في الحكم والتصورات والطموحات، فالحريات ما زالت مهدَّدَة في تركيا، وكما يقال ضيق إردوغان على معارضيه وقام بردود فعل أظهرت ميلاً إلى الانفراد بالحكم.

ورأت أن المعارضة في تصاعد ولو بشكل غير مؤثر فعلياً، ويبدو أن الموقف المساند الذي وجده في محاولة الانقلاب الذي تعرض له في العام الماضي عِوَض أن يستثمِره أردوغان في إصلاحات تُعيد له جاذبية سنوات صعوده الأولى، فإنه اختار توسيع امتيازاته وتقوية صلاحياته في القضاء والجيش والبرلمان.

وأردفت أنه لا شك في أن الاستفتاء آلية ديمقراطية أيضاً، ولكن موضوعات تعديل الدستور ليست لصالح تركيا الحريات والفصل بين السلطات، خصوصاً أن إردوغان بهذه الطريقة التي تنتصر للنظام الرئاسي يكون بصدد الانقلاب على طبيعة النظام الذي أوصل حزبه للحكم والسلطة.

وتابعت: صحيح أن صلاحيات أردوغان التنفيذية ستقوى جداً، ولكن عيون العالم ستكون عليه وبهذا الاستفتاء تكون تركيا قد منحته آخر فرصة لامتلاك الحكمة، وعدم الزج بها في ديكتاتورية ما قبل أكثر من ثلاثين عاماً.

وأشارت إلى أن التوترات في المنطقة لن تساعد إردوغان على الحذر والحكمة، حتى وإن كانت تهنئة روسيا وإيران له بالفوز في الاستفتاء ذات دلالة. ذلك أن الحراك الحاصل في الأزمة السورية لم يبُحْ بأسراره، والسر الوحيد الذي يجمع ويفرق دول المنطقة وأطراف التوتر هو ما يسمى تقاطع المصالح الظرفية، لا أكثر ولا أقل.

وختمت آمال موسى بالقول إن ما يشغل بال الأحزاب المعارضة وكل من يشعر بالقلق على مستقبل الديمقراطية في تركيا هو: إلى أي حد يمكن أن تؤثر الصلاحيات التنفيذية التي سيمنحُها الدستور بعد التعديل لأردوغان على الانتخابات المقبلة في 2019؟! وهل المستقبل السياسي قد تمت حياكته على مقاس ووجود وطرائق فوز حزب العدالة والتنمية مهما كانت الظروف المقبلة؟!

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!