برهان الدين دوران – صحيفة صباح – ترجمة وتحرير ترك برس

أظهر تنظيم داعش أنه يمتلك مساحة كبيرة للحركة من خلال تفجيري مانشتسر وكابول، إلى جانب استمرار نزيف الأراضي الذي يعيشه في سوريا والعراق مع مرور كل يوم. وأصبح من الواضح أنه سيُطرد من الأراضي التي أعلن عليها قيام خلافته. ومع ذلك فهم يحاول إطالة عمره بالاستفادة من الصراع بين المتنافسين على الحلول مكانه.

وفي هذا السياق، أدلى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتصريحات في غاية الأهمية حول حصول اتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية، وداعش. وقال لافروف إن طائرات روسية قصفت مواكب مقاتلي داعش وهم متجهون إلى تدمر عبر ممر فتحته لهم قوات حماية الشعب.

تسعى قوات حماية الشعب للسيطرة على الرقة بكلفة أقل. أما داعش فهو يريد نقل مقاتليه إلى الجنوب نحو حماة وحمص. من جانبها تتقدم قوات النظام نحو دير الزور بعد سيطرتها على مرتفعات قرب تدمر. وروسيا قصفت مقاتلي داعش المتجهين نحو الجنوب كي لا يثيروا المتاعب لقوات النظام.

على جبهة روسيا- الأسد، يعتزم الطرفان الالتقاء مع قوات الحشد الشعبي العراقي، المدعوم إيرانيًّا، على الحدود السورية بعد وصولها إليها. والمتحدث باسم الحشد كريم النوري قال، يوم الاثنين، إن قواتهم وصلت الحدود السورية وأنها مستعدة لقتال داعش إلى جانب النظام.

وبما أن الولايات المتحدة قصفت موكبًا لقوات النظام في التنف يوم 18 مايو/ أيار الماضي وأظهرت أنها ستحمي قوات المعارضة على الحدود الأردنية، لم يبقَ أمام النظام إلا التقدم في مسار دير الزور. وبهذا فإن الوطيس بدأ يحمى على الحدود السورية العراقية على الطريق إلى عمليتي الموصل والرقة، بين اللاعبين الأصليين (الولايات المتحدة، روسيا، إيران)، وعلى الجانب الآخر بين وكلائهم أيضًا (وحدات حماية الشعب، نظام الأسد، الحشد الشعبي).

لنتذكر، كان هدف استراتيجية مكافحة داعش إسقاط الموصل والرقة من جهة، وقطع الارتباط بين سوريا والعراق من جهة أخرى. ومع الاقتراب من تحقيق هذا الهدف بدأ الصراع يتزايد بين القوى المتنافسة من أجل السيطرة على دير الزور. فالتقاء قوات النظام، التي تسيطر على مركز دير الزور مع الحشد الشعبي العراقي، سيعني إتمام إيران تشكيلها الهلال الشيعي. ومن المعلوم أن ذلك سيزعج الولايات المتحدة، التي أعلنت أنها ستعزل وتطوق إيران.

إنشاء إيران الهلال الشيعي في العراق وسوريا ولبنان سيناريو يخيف إسرائيل ودول الخليج على حد سواء. ولهذا فإن مصير دير الزور لا يعني داعش فقط على أنها آخر معقل له، بل جميع القوى المتدخلة في الحرب السورية (الولايات المتحدة، روسيا، إيران، تركيا).

وقد تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام إحدى الأدوات التي تملكها، وهي حزب العمال الكردستاني، من أجل عرقلة إقامة الهلال الشيعي. وهناك تقارير تقول إن واشنطن حركّت "بيجاك"، ذراع حزب العمال في إيران، ضد الأخيرة. وقد يكون الاشتباك بيين بيجاك والقوات الإيرانية قرب الحدود مع تركيا والذي أسفرعن مقتل ضابطين إيرانيين مؤشرًا على هذا التوجه. فإذا تحول هذا التوجه إلى جزء من السياسة الأمريكية سيكون لزامًا على حزب العمال الكردستاني وأذرعه (وحدات حماية الشعب، بيجاك)، أن يتقبل الدخول في مرحلة من التوتر- الصراع الخطير مع إيران- الأسد.

لكن لا يبدو من الممكن لخطة الولايات المتحدة في استخدام حزب العمال ضد إيران أن توقف وكلاء طهران (الأسد والحشد الشعبي). كما أن وحدات حماية الشعب مدينة لدعم نظام الأسد وإيران غير المباشر لها في إقامة الكانتونات شمال سوريا. ويبدو الاحتمال بعيد جدًّا في دخول حزب العمال- وحدات حماية الشعب، التي تعيش حالة حرب مع تركيا، في قتال مع إيران.

وحدات حماية الشعب ليست ذلك اللاعب القادر على تحمل كل هذه الأعباء رغم الدعم الأمريكي الكبير بالأسلحة. ولهذا يشعر ترامب أنه بحاجة لمراجعة جدية لسياستي استخدام وحدات الحماية وعزل إيران,  وإلا فإنهما ستبقيان ذكرى تخطيطات فاشلة لإدارته.

عن الكاتب

برهان الدين دوران

مدير مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" في أنقرة


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس