ترك برس

خلال زيارته الأخيرة للسودان جدد الرئيس أردوغان حرص بلاده على ترميم قصر السلطان علي  دينار الذي يقع في قلب مدينة الفاشر في اقليم دارفور السوداني، كما أكد اهتمام تركيا بالمحافظة على الإرث الثقافي المشترك الذي يربطها بالسودان في مدينتي الفاشر وسواكن وصيانته.

وتم اختيار تأهيل القصر ضمن بروتوكول التعاون بين ولاية شمال دارفور والحكومة التركية، الذي يتضمن أيضاً تقديم خدمات فى مجالات الصحة والتعليم والمياه والثروة الحيوانية وتنمية وتطوير الكوادر البشرية بجانب ترميم الآثار.

وتقول وكالة الأنباء السودانية إن هذه ليست المرة الأولى التي يبدي فيها الرئيس التركي اهتماما بإقليم دارفور، فعندما زار السودان في مارس 2006، عندما كان رئيساً للوزراء للمشاركة في القمة العربية الثامنة والعشرين، توجه إلى إقليم دارفور في ذروة الحرب الدائرة هناك، لكي يعبر عن امتنانه لوقفة السلطان على دينار الصلبة إلى جانب الخلافة الاسلامية العثمانية والتزامه بمساعدتها ضد البريطانيين خلال الحرب العالمية الأولى.

أثناء الحرب العالمية الأولى كان السلطان علي دينار على علم تام بأخبار وخطط دولة الخلافة لخوض الحرب، الأمر الذي دفعه لمناهضة الحكم الإنجليزي المصري في كل من مصر والسودان، وبذلت دولة الخلافة في تركيا جهدا مقدرا لإعلام على دينار بمجريات الأمور فيها واتصلت به على مستوى عال وزودته بتفاصيل الأحوال والأحداث حينها.

وفور نشوب الحرب العالمية بين تركيا وبريطانيا أبدى السلطان انحيازه وميله نحو الأتراك علنا واتخذ موقفا عدائيا من الحكم الثنائي في 1915، وأعلن فض ما بينه وبين الحكومة الثنائية من معاهدات واتفاقيات. وأفصح عن انضمامه رسميا للأتراك الذين كان على صلة وثيقة بهم.واستشهد السلطان على دينار في موقعة " برنجيه " ضد الجيش البريطاني الغازي في نوفمبر 1916 مع عدد من مرافقيه وقادته.

وقد عبر أردوغان عن امتنانه لهذه لموقف خلال زيارته قائلا "إن العلاقة الأزلية التي تربط تركيا بدارفور تجعل تركيا في مقدمة الدول التي ستقدم المساعدة لهذا الإقليم. وأنكر أردوغان تعرض سكان دارفور للإبادة الجماعية وذكر أن تعاليم الدين الإسلامي التي تدعو إلى التراحم والتسامح لا يمكنها أن تجعل المجتمع المسلم يمارس إبادة جماعية ضد بعضه بعضا.

ووافقت دار الوثائق التركية على تبادل الوثائق التاريخية الخاصة بفترة الحكم التركي للسودان مع دار الوثائق السودانية للاستفادة منها وترجمتها للغتين العربية والانجليزية خاصة تلك المتعلقة بسلطنة الفور.

وقد بدأ العمل في تشييد قصر السلطان علي دينار في عام 1912تحت إشراف أحد المهندسين الأتراك يطلق عليه الحاج عبد الرازق، وقد قدم من بغداد خصوصاً لبناء القصر. وعاونه في هذه المهمة العسيرة مهندسان مصريان إضافة إلى نجارين يونانيين.

بنيت قواعد المتحف من الأحجار الصلبة وجدرانه من الطوب الحراري المتماسك، بينما بنيت أسقفه من أخشاب “الصهب” (نوع من أشجار السافنا) مسنودة بالرمل الأحمر، أما الأبواب والنوافذ فصنعت من خشب القمبيل الذي استخدم للمرة الأولى في المنطقة بتأثير من الإغريقي توماس.

بعد بنائه، تحول القصر إلى معرض للهدايا والغنائم التي كانت ترد إلى السلطنة، لمجاورته لمقر سكن السلطان، لكنه تحول بعد اندثار دولة السلطان إلى مقر رسمي للكولونيل كيلي قائد القوات البريطانية في دارفور، بعدها صار المقر الرسمي لمديرية دارفور، ثم ناديا للضباط، حتى وضع الرئيس الأسبق جعفر نميري حدا لتقلب القصر، عندما أصدر قرارا عام  1977بتحويل القصر إلى متحف تابع لإدارة الآثار.

ومن أهم الآثار الموجودة في متحف القصر ثلاثة قوائم خشبية ضخمة لحمل نحاس السلطان وهو عبارة عن طبلة ضخمة تزن نحو  200 كيلو غرام ومحيطها حوالي مترين إلى  ثلاثة أمتار، وكانت هذه الطبلة السلطانية الضخمة تستخدم لإعلان الأوامر والحرب وفي حالات المناسبات السلطانية.

وفي الداخل، تتمدد عشرات الحجر التي كان السلطان ونساؤه وخدمه وحشمه يتجولون فيها، والتي حولتها إدارة المتاحف إلى ما يشبه المعرض.

وعلى الرغم من تحوله لمتحف منذ قرابة 40 عاما،وإدراجه ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي فإن القصر يعاني الإهمال الطويل.

ويقول البروفيسور حسن مكي أستاذ التاريخ بجامعة إفريقيا العالمية،إن السلطان علي دينار يعد من أشهر السلاطين الذين حكموا إقليم دارفور. واسمه بالكامل هو السلطان علي ابن السلطان زكريا بن السلطان محمد الفضل. وربما ولد علي دينار بين عامي 1865-1870 بقرية الشاواية غرب مدينة نيالا.

ويقول مؤرخون إن السلطان المتدين ظل يرسل المحمل إلى الأراضي المقدسة وهي تحمل كسوة الكعبة ومؤنا للحجاج لمدة عشرين عاما، بعد إن عطل الإنجليز القافلة التي كانت تذهب من مصر إلى مكة المكرمة.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!