بولنت آرانديتش – صحيفة تقويم – ترجمة وتحرير ترك برس

بدأت عمليات المداهمة والمؤامرات التي حاكها عناصر تنظيم الكيان الموازي ضدّ مؤسّسات الدّولة التركية تنكشف واحدةً تلو الأخرى. فقد صرّح نائب رئيس الوزراء التركي والنّاطق الرسمي باسم الحكومة التركية قبل يومين، أنّه بدأ يشكّ في وقوف عناصر تنظيم الكيان الموازي وراء محاولة اغتياله قبل أربعة أعوام. وإنّ تصريح أرنتش هذه، دليل على تطوّرات جديدة سوف تشهدها هذه القضية.

لقد تعرّفت على بولنت أرنتش قبل عدّة سنين وأعلم أنّ هذا الرّجل ينصت لصوت قلبه وحدسه لا يخطئ أبداً. ومن غير المتوقّع أن يتحدّث هذا الرّجل عن عبث أو أن يكون حديثه عن مداهمة غرفة عمليات القوات المسلحة محض صّدفة.

كما أنّني أعتقد أنّ المنصب الذي يشغله في الحكومة التركية، يخوّله الاطلاع على الأمور الخفيّة بعد عملية المداهمة، حيث من المتوقّع أنّه اطّلع على مجريات الأمور وعمل على تحليلها وربط المستجدّات ببعضها البعض، حتّى خلُص إلى التّصريح الأخير وأعلن عن توقّعاته بأنّ عناصر الكيان الموازي هم من قاموا بتدبير تلك المداهمة على أهمّ غرفةٍ تابعة للدّولة التركية التي فيها تُحفظ معظم أسرار الدّولة.

وإنّ عملية مداهمة غرفة العمليات لها علاقة بأحداثٍ هامّة جرت في تلك الفترة. فقد جرت حملة اعتقالاتٍ واسعة في السّابع من كانون الثّاني/ يناير عام 2009 تحت اسم "حملة ضدّ مخطّط أرغاناكون" حيث تمّ آنذاك اعتقال كلّ من رئيس مجلس التعليم العالي السابق "كمال غوروز" والجنرال "اردال شنر" والجنرال "كمال ياووز" والأمين العام السّابق لمجلس الأمن القومي الجنرال "تونجر كيليتش" بالإضافة إلى البروفسور الدّكتور "يالتشين كوتشوك".

كما تمّ إيقاف عمل الرئيس الفخري لجهاز القضاء التركي "صالح كانادوغلو"، حيث أنّ كل هذه الأحداث تمّ تفسيرها آنذاك على أنّها عبارة عن تحضير الأرضية المناسبة لقضيّة الأرغاناكون.

وفي 29 كانون الثاني من العام 2009 قام رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" في تلك الفترة بعملٍ فخور، رفع شأن الدّولة التركية حين قال جملته المشهورة في المنتدى الاقتصادي العالمي "دافوس" (ONE MİNUTE) حيث ندّد بشكلٍ قوي بالإرهاب الإسرائيلي بحقّ الشّعب الفلسطيني.

وبعد حادثة دافوس، ظهر جليّاً التّعاون اللصيق بين جماعة فتح الله غولن والحكومة الإسرائيلية. ففي شهر آذار/ مارس من العام 2009 تمّ اعتقال الصّحفي "محمد هابيرال" وبعدها بعدّة أيام تمّ اغتيال رئيس حزب الاتحاد الكبير "محسن يازيجي أوغلو" عن طريق إسقاط المروحيّة التي كانت تُقِلّه خلال حملته الانتخابية. وفي 27 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه حدثت عملية مداهمة غرفة عمليات القوات المسلحة التركية.

لماذا تمّ استهداف غرفة عمليات القوات المسلحة؟

إنّ عملية مداهمة هذه الغرفة كانت تستهدف الاطلاع على الوثائق والملفّات السرّية، وكان الهدف الأسمى لهذه العمليّة هو استهداف رئيس هيئة أركان الوقات المسلحة التركية آنذاك "إلكر باشبوغ"، وكذلك فتح شرخٍ بين رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وإلكر باشبوغ.

النّائب العام "مصطفي بيلغيلي" هو من أصدر قرار تفتيش غرفة عمليات القوات المسلحة، وتجدر الإشارة إلى أنّ بيلغيلي هو نفسه من صوّت لصالح فتح الله غولن عندما كان يُحاكم في قضيّة معاداة العلمانية ونظام الدّولة، حيث ساهم بشكلٍ كبير آنذاك في تبرئة غولن من هذه القضية.

الخلاصة: عندما ننظر إلى الأحداث التي قام بها عناصر تنظيم الكيان الموازي من محاولة السيطرة على الجهاز القضائي وعمليّات التّنصّت على المسؤولين ومحاولة اعتقال رئيس الاستخبارات التركية "هاكان فيدان" وتسريب ما جرى في محادثات أوسلو بشأن عملية المصالحة الوطنية بين الحكومة والأكراد واحتجاز شاحنات المساعدات للسّوريّين في مدينة أضنة وعمليّات التّنصّت التي جرت في وزارة الخارجية، نجد أنّ كل هذه الأحداث تهدف إلى خدمة الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية.

فهل من المعقول أن تكون عملية مداهمة غرفة العمليّات بعد حادثة دافوس بعدّة أيام محض الصّدفة؟

عن الكاتب

بولنت إرانداتش

كاتب في صحيفة تقويم


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس