ترك برس

"المطبخ العثماني هو تركيب فريد من التأثر والتبادل بين الثقافات، من الصين وإيران والأناضول والروم البيزنطيين، بقول آخر آسيا والقوقاز والشرق الأوسط  وشمال البحر الأسود وإيجَة والبحر المتوسط وشمال أفريقيا والبلقان وأوروبا"، بحسب البروفيسور التركي أرطون أونصال، صاحب كتاب "تاريخ مأكولات إسطنبول اللذيذة".

يعرّف أونصال المطبخ التركي اليوم بأنه "مطبخ مدينة يحمل طابعًا وطنيًا في جوهره"، أما المطابخ الريفية والمحلية فإنها تكون في المقام الثاني، وقد ذكر أونصال في كتابه "إن اسطنبول بفضل القوة العسكرية والاقتصادية الثروة البشرية التي تمتلكها، ابتكرت تركيبة طهي خاصة لأنها قامت بتقييم العديد من تقنيات الطبخ المتبعة في مناطق البلقان وتراكيا والأناضول والبحر الأسود ومرمرة وإيجة ومنطقة البحر المتوسط وأفضل المنتجات التي فيها.

ويقول إنه عند هجرة القبائل التركية إلى الأناضول تأثرت بالثقافات العربية والفارسية، وأيضًا كان هناك تأثر من مطابخ اليهود والأرمن والروم  مادام لم يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي مثل لحم الخنزير والشراب، ولاننسى أن العثمانيين كان لهم الأثر الكبير في تطور مطبخ اسطنبول. 

آداب تقديم الطعام والأكل والشرب، هي أمر مهم لإدارة الإمبراطورية بنفس القدر الذي كان مهمًا لرؤساء العشائر المتنقلة. وهكذا فإن المطبخ الذي أنشأه عثمان غازي لم يكن مطبخًا قائمًا على الطعام والشراب والتغذية فقط وإنما كان عبارة عن هيكلية لها قواعدها وقيمتها مرتبطة بالسلطان وتدين بالولاء له وهذا أصبح رمزًا، ولهذا السبب فإن مطابخ قصر طوب قابي تلفت الإنتباه بمداخِنها الطويلة وقبابها الكبيرة فهي أكثر من أن تكون مكان للطعام بل هي رمز، وقد أدت دورًا في إظهار كرم وقوة السلطان للعدو والصديق.

مطبخ إسطنبول عرف دائمًا كيفية الوصول إلى تراكيب جديدة مقتبسة من المطابخ  الأجنبية، فعلى سبيل المثال راحة الحلقوم المأخوذة من العرب والإيرانيين التي تأتي بمعنى (تمر بسهولة في الحلق) هي حلوى عثمانية مصنوعة من الهلام المصنوع من النشاء وتسمى (لوقوم)، واستطاع العثمانيون إيجادها وكذلك الأمر في حبوب القهوة التي تأتي من اليمن، حيث أوجدوا القهوة التركية الخاصة بتحميصِها وطحنها وصنعها، ومثلها الكثير.

وعندما يذكر "مطبخ إسطنبول"، لا يجب أن يفهم على أنه مكون من الطعام فقط، بل ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الاستمرارية، لأن مطبخ إسطنبول يعود بتاريخه إلى 8 ألاف و500 سنة، واستمر إلى يومنا.

هناك أيضًا، الاختلاف والتنوع في المحتوى، وهذا يعود إلى الحديقة الخلفية لإسطنبول. وكونها كانت عاصمة  للعديد من الإمبراطوريات، فإن المنتجات في القصور قد وضع أساس أن تكون على أعلى مستوى ولم يقابل هذا الأساس أي اهتمام من قبل العامة. 

وعليكم أن تنظروا إلى تركيبة المطبخ المحلي كتركيبة المطبخ في القصور لأن اسطنبول تمتلك الإمكانيات المادية للإستيراد من الخارج، بالإضافة إلى الموجود وهي عاصمة إدارية وهنالك الكثير من يفهم بالأذواق ومن يستطيع أن يطورها.

هذه النظرة التاريخية كلها ليست على مستقيم تاريخي واحد، وفي نفس الوقت هناك أيضًا أبعاد سياسية واجتماعية وانثروبولوجية واقتصادية. وفق تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني لولاية إسطنبول عن البروفيسور أونصال.

 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!