بتول صويصال بوزدوغان - الجزيرة مباشر

إسرائيل كيان إرهابي

إسرائيل دولة خيالية تحت مسمى “الدولة البوليسية”

على الرغم من عدم معرفة حدود إسرائيل حتى الآن، فإنها قامت على تجميع اليهود من مختلف أنحاء العالم تحت مسمى الدولة اليهودية، لكنها وحتى الآن ما هي إلا عبارة عن صورة فقط، إذ سعت على مدار السنوات الماضية إلى إيهام العالم بأنها دولة متقدمة قوية تسعى إلى السلام، حاولت تثبيت ذلك في الأذهان، إسرائيل التي لا تُقهر.

في المقابل، فإن الشعب الذي ظل تحت الاحتلال لمدة 75 عامًا، والذي يُقتل كل يوم، ويُدفع ويُضرب، ويُهان شرفه وكرامته، ويطارَد أطفاله ونساؤه، يتم تصويره على أنه “فزع وإرهابيون”، في وسائل الإعلام العالمية.

ومن ناحية أخرى، صورة “إسرائيل القوة العظمى التي لا تُقهر”، تهدف إلى زرع الثقة بالنفس لدى الشعب الإسرائيلي الذي صُدم في قوة بلادة البائسة، ولإثارة اليأس والخوف لدى الفلسطينيين، وقمع الرأي العام العالمي.

فعلى سبيل المثال، تم إيهام الفلسطينيين والعالم، بأن الموساد في كل مكان، ولا يمكن لأحد أن يفعل شيئًا دون علمهم، وأن الجميع مراقَب عبر الأقمار الصناعية والكاميرات وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

وعلى الجانب الآخر، خُدع الإسرائيليين بأنهم يعيشون بأمان تحت القبة الحديدية، تخيلوا معي أنه في ليلة وضحاها كسرت حماس كل هذه الأكاذيب وقلبت المعادلة.

إسرائيل لا تُقهر.. إسرائيل لا يمكن أن تحمي نفسها بمفردها

لقد كانت عملية “طوفان الأقصى” بمثابة عملية نفسية أكثر فاعلية على المجتمعات من أسلحة إسرائيل، إذ أظهرت مدى ضعف هذا الكيان وهشاشته، وتحولت حماس من موقف المدافع إلى المهاجم، وهذه لها دلالتان: الأولى التطور الحربي لدى حركة حماس، والأخرى مدى فشل جهاز الاستخبارات الإسرائيلي في الكشف عن عملية بهذا الحجم زلزلت العالم.

والآن لنصل إلى القضية الحقيقية.. لماذا نفذت حماس هذا الهجوم؟

لكسر الصورة النمطية عن إسرائيل، وبالفعل نجحت في هذا الأمر. فعلى مدار أربعة أجيال، وضعت حماس أساسًا عظيمًا للإيمان بالنصر والحرية، وغرسوه في أبنائهم الذين كانوا أطفالًا بالأمس، واليوم هم جنود الحركة ومن نفذوا هذا الهجوم الكبير.

حماس كذلك تُعَد هي المدافع الأول عن الشعب الفلسطيني، وهي إلى جانب عدد من الجماعات الأخرى مثل سرايا القدس، تتمتع بثقة الشعب سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية وحتى الأراضي المحتلة، لذلك جاء رد حماس بقوة دفاعًا عن المسجد الأقصى المبارك الذي يتعرض لانتهاكات من قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، وكذلك اعتداؤهم على الشعب الفلسطيني وممتلكاته الخاصة والمقدسة.

لكن البعض من الذين تمكن الغرب من غزو عقولهم، وأطاعوه دون نقاش، وآمنوا بقوة إسرائيل، لكنهم لم يستطيعوا أن يكتشفوا أن كتائب عز الدين القسام نجحت في اختراق القبة الحديدية، وأصابت أهدافها بصواريخها، ولذلك يزعمون أن تل أبيب كانت تعلم عن هذه العملية، وسمحت بها لأنها كانت تريد تنفيذ مجزرة جديدة في قطاع غزة.

لنفترض ذلك، فكيف يمكن لإسرائيل أن تتغلب على الصدمة التي عاشها شعبها؟ وكيف يمكن لها أن تصلح مفهوم “الدولة التي لا تُقهر” الذي ربطته بوجودها؟

ولأول مرة، يتحول الفلسطينيون من الدفاع إلى الهجوم، هل أنت على علم بهذا؟ إسرائيل لا تحتاج إلى عذر لذبح المزيد من المدنيين، يا شعوب العالم، إذ إنها تقتل الأطفال كل يوم، بزعم محاربة الإرهاب، وتلقي باللوم على حماس، كي تبرر أفعالها الدنيئة، وتبرر لنفسها أسباب الاحتلال الذين يزيد يومًا بعد يوم عن طريق بناء المستوطنات.

انظروا.. من الآن فصاعدًا، ليس هناك ما هو أسوأ بالنسبة للمسلمين في الشرق الأوسط، وإذا كان هناك شيء سيئ سيحدث فسيكون لإسرائيل.

فأي دولة كانت السبب في سفك الدماء بالشرق الأوسط، من العراق إلى أفغانستان، ومن سوريا إلى فلسطين، وفي تونس وليبيا ومصر تباعًا مع الربيع العربي، فستتعثر كل خططهم أمام الصحوة التي تغزو الشرق الأوسط الآن، خاصة أن الرهان كان على بيع الجيل الجديد للقضايا المهمة، وعلى رأسها “القضية الفلسطينية”، لكن هذا الجيل هو الذي تمكن من إبهار العالم بإيمانه بقضيته أكثر من أي جيل آخر.

والوضع الحالي لا يبشر بالنجاح في ما يتعلق بـ”إسرائيل الكبرى” و”الأرض الموعودة”، لأن الكيان الصهيوني ربما يكون على دراية جيدة بالمال والسلطة والسلاح والعنف والاحتلال، لكنهم غير قادرين على تقييم قوة المقاومة.

غريبة للغاية طبيعة الشعب الفلسطيني الحر، إذ تجد طفلًا يبلغ من العمر ست سنوات، يقف بكل قوة أمام جندي إسرائيلي ويقول “هذه أرضي، وسنأخذها منكم يومًا ما”، يا الله، أتسأل كيف يربي الفلسطينيون أطفالهم؟ ومشهد آخر عندما تتلقى المرأة الفلسطينية خبر استشهاد زوجها، تجدها تستقبل الأمر بكل كرامة وفخر ونصر، وتبدأ بالزغاريد، كم هن عظيمات!

لذلك أقول إنه من الصعب جدًّا تهديد شخص بالموت وهو لا يهابه، فهنيئًا لشعب فلسطين.

المؤكد أن أكبر خاسر هو الكيان الصهيوني، إذ انهارت الصورة الذهنية عن إسرائيل، ولم تفلح عمليات تطبيع الدول العربية، وهو ما رأيناه في تضامن الشعوب العربية والإسلامية مع أهل غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليها، عن طريق خروجهم في مظاهرات داعمة لغزة، وكذلك بدء حملات المقاطعة للشركات الداعمة لجيش الاحتلال.

كذلك خسرت الولايات المتحدة التي تواجه تنافسًا اقتصاديًّا مع الصين، إلى جانب حربها الباردة مع روسيا، ومحاولات تقسيم أوكرانيا.

وفي الشرق الأوسط، إذا شنت إسرائيل حربًا على إيران أو لبنان، فسوف تخرج الأمور عن السيطرة تمامًا. وبالنسبة لأمريكا، فإذا ركزت على الشرق الأوسط فبذلك تكون قد فتحت المجال أمام روسيا التي تقاربت مع عدد من الدول العربية والإسلامية في الآونة الأخيرة، خاصة بعد العدوان على غزة، وموقف روسيا من القضية الفلسطينية.

لذلك، فقد استفاد الشعب الفلسطيني الذي بهر العالم بقوة مقاومته وصموده أمام كل من يتعرض له من قصف للمنازل وقتل متعمَّد ومحو عائلات بالكامل، بل والأدهى هي محاولات التهجير القسري.

لقد فعل الفلسطينيون ما عجزت عنه دول وحكومات كبيرة على مدار عشرات السنوات، إذ استطاعوا تجميع الأمة العربية والإسلامية حول المسجد الأقصى، وإحياء القضية الفلسطينية التي هي عصب أمتنا.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس