محمد عاكف صويصال - يني شفق

عدت من السعودية بعد زيارة استمرت منذ بداية هذا الأسبوع. وبهذه الزيارة، أكون قد زرت هذا العام جميع دول الخليج تقريبًا، مرة واحدة على الأقل.

حظيت هناك بفرصة لمعرفة وجهة نظرهم حول تركيا قبل وبعد الانتخابات. ونظرًا لعدم وجود مهمة رسمية لنا، تمكنا من إجراء محادثات ودية مفتوحة مع مختلف شرائح المجتمع، من رجال أعمال وأعضاء المنظمات غير الحكومية، وأكاديميين ومفكرين وصحفيين.

أولاً، أود أن أشير إلى أنه كانت هناك موجة كبيرة من التضامن مع تركيا، والدعم الفكري والدعاء لأردوغان للفوز بالانتخابات، ولا يزال هذا التقدير والحب مستمرًا بشكل قوي حتى اليوم.

ومع ذلك، هناك احتمال كبير لخلق حوادث من شأنها إثارة العداء بين الأتراك والعرب، كالحادث الذي وقع مؤخرًا في إحدى ولاياتنا. فالغرب يسعى إلى تقويض هذا التضامن الكبير بين المجتمَعين، ولن يتوانى عن تجربة كل السبل لتحقيق ذلك.

على الرغم من أن نفطنا هو السياحة، وعلى الرغم من أن السياح العرب ينفقون في الرحلة الواحدة ثلاثة أضعاف ما ينفقه السياح الأوروبيون، فلا زلنا نرى الجهود المبذولة للترحيب بالسياح الأوروبيين وجعلهم محور الاهتمام، بينما تتم محاولة تنفير العرب وتشويه سمعتهم. يجب التصدي لهذه التصرفات من قبل كل من يدعم فكرة التنمية الوطنية والإقليمية والمحلية، ناهيك عمن يؤمن بأخوة الإسلام، إلا أنه لا يتم ذلك بشكل كافٍ.

في التسعينيات، كنت أعمل في التجارة في منطقة "لاله لي". في ذلك الوقت، كانت مساهمة العرب في الاقتصاد التركي والسوق المحلي، كما هي عليه الآن في تزايد كبير. إلا أن تصرفات التجار خارج نطاق أخلاقيات العمل، والصورة السلبية التي تم إنشاؤها في الرأي العام عن العرب، أدت إلى جعل دول الشرق الأوسط تقطع العلاقات مع تركيا. ونتيجة لذلك، أعرب العديد من التجار ورجال الأعمال عن أسفهم لعدم قدوم السياح العرب لسنوات عديدة. علينا تذكر تلك الأيام جيدًا، فإن ما يجري اليوم مشابه لما حدث في الأمس. علينا إدراك ذلك حتى لا نقع في أخطائنا نفسها مرة أخرى. فالسمعة والعلاقات لا يمكن اكتسابها بسهولة، لكنها قد تُفقد بسهولة.

يجب دراسة الحدث الأخير بعناية، واتخاذ موقف مناسب حتى لا نكرر الخطأ. لقد أحدث الموقف الذي تعرض له شقيقنا الكويتي ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي في جميع أنحاء دول الخليج، وخاصة الكويت. ولا زال السؤال الأول الذي يطرح علينا عندما نذهب إلى هناك، هو عما إذا كان الأتراك لا يريدون العرب حقًا، طارحين هذا الحادث كدليل على ذلك.

أما عن وجهة نظري في هذه العملية باختصار؛ أعتقد أن الخطوة التي كان يجب اتخاذها -دون الخوض في مسألة من المحق ومن المخطئ- هي "خطوة أردوغان"؛ وفقًا لأسلوب أردوغان في التعامل مع مثل هذه الحوادث، كان على والي المنطقة زيارة العائلة وإظهار دعمه لها، والتأكيد على أن العملية القانونية ستسير بشكل عادل، دون التدخل في إجراءاتها. كما كان ينبغي عليه أن يلاطف أطفال الأسرة ويمسح على رؤوسهم.

حسنًا، لقد حدث ما حدث، لكن الهم أن يعطي وزير الداخلية "يرلي قايا"، الذي أثبت نجاحه في إدارة عمليات مهمة، دروسًا في إدارة العمليات والتواصل لكل من الوالي والمسؤولين المحليين بناءً على هذا الحادث.

إضافة إلى ذلك، لا بد من وجود شرطي واحد على الأقل يتحدث لغة أجنبية في كل مركز شرطة، ويجب تشجيع الموظفين على ذلك من خلال تقديم تعويض لغوي. كما يجب تعميم إدارة الشرطة السياحية بسرعة، فهي تتواجد في عدد قليل من الولايات فقط.

المحادثات المتبادلة تسهم في تعزيز العلاقات السعودية التركية

ذهبت إلى المملكة العربية السعودية لأول مرة هذا الشهر بدون تأشيرة، أو بالأحرى بتأشيرة تُمنح عند الوصول إلى المطار. إن هذا النوع من التأشيرات يساهم في تقارب المجتمعات بشكل كبير، ويجعلك تشعر كما لو كنت تنتقل من ولاية إلى أخرى في بلدك. ومن هنا أتقدم بالشكر والامتنان إلى السيد الرئيس رجب طيب أردوغان وولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان.

استمعنا إلى جهود ولي العهد محمد بن سلمان لتطوير بلاده من الدكتور "عصام حسن كوثر" رئيس الدراسات الاستشارية والتعليمية بجامعة الملك عبد العزيز. علمنا أن الأتراك مرحب بهم في المملكة العربية السعودية، وأنهم يتطلعون إلى الاستثمارات المتبادلة بين الدولتين. وقد أطلق ولي العهد العديد من الحوافز الهامة في هذا الصدد.

دائمًا ما أقول، وسأستمر في القول، إن مصير تركيا ودول الخليج مشترك. يجب أن نكون على دراية بهذا القاسم المشترك، وندعم بعضنا البعض في إطار وحدة المصير. الفرقة والكراهية والحقد هي بذور زرعها الغرب، علينا أن ندرك ذلك ونفكر بهدوء وحكمة قبل اتخاذ أي خطوة.

وأخيرًا، يجب ألا ننسى حادثة إسقاط تركيا للطائرة الروسية خطأً، كمثال على أهمية التفكير الهادئ والحكيم. فقد كان من الممكن أن تؤدي هذه الحادثة إلى عواقب وخيمة، لكن تفكير البلدين بعقلانية واتخاذ خطوات بحكمة أدى إلى فشل المؤامرة التي دبرها الغرب.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس