محمود حاكم محمد - خاص ترك برس

استطاع حزب الشعوب الديموقراطي (الإمتداد السياسي لحزب العمال الكردستاني PKK) في الانتخابات التركية الأخيرة التي جرب في السابع من يونيو/ حزيران الماضي اجتياز السد الانتخابي بحصوله على 13% من أصوات الناخبين في تركيا وأن يصبح رابع أكبر حزب سياسي في تركيا. حيث ساهمت في ذلك الأخطاء التي قام بها حزب العدالة والتتنمية خلال مرحلة السلام (سواء بقصد أو بدون قصد) على ارتفاع نسبة الأصوات في المناطق الكردية، من خلال إظهار حزب الشعوب الديمقراطي على أنه هو الذي يسير عملية السلام من خلال لقاءاته التي يجريها مع أوجلان في أعين أكراد تركيا، وجعلهم يعتقدون أن الحكومة التركية تطيع أوامر حزب الشعوب الديمقراطي في شأن جميع الإجراءات الإصلاحية التي تقوم بها حكومة العدالة والتنمية تجاه الشعب الكردي.

بالإضافة إلى ذلك ساهمت أصوات اليساريين الأتراك (بنسبة 2 – 3 %) في عملية اجتياز حزب الشعوب الديمقراطي العتبة الانتخابية في الانتخابات التركية الأخيرة، حيث استطاع الرئيس المشارك للحزب صلاح الدين دميرطاش من خلال وسائل الإعلام اليسارية وعلى رأسها دوغان ماديا (التي تعتبر من أكبر الوسائل الإعلامية في تركيا) أن يقنع تلك الفئة أنه لن يكون هنالك ما يحول بين الرئيس رجب طيب أردوغان وتفرده بالسلطة المطلقة في تركيا من خلال تحويل النظام الشبه برلماني (وهو النظام الحالي في تركيا) إلى نظام رئاسي سوا دخول حزبه البرلمان التركي.

ولكن التصريحات التي أدلى بها بعض نواب حزب الشعوب الديموقراطي بعد أيام من تأديتهم لليمين الدستوري، جعل الكثير ممّن أدلوا بأصواتهم لصالح الحزب في الانتخابات الأخيرة يصابون بخيبة أمل كبيرة. حيث قالت فيغان يوكسك داغ الرئيس المشارك للحزب في ولاية أورفا ذات الأقلية الكردية "نحن نسند ظهورنا بحزب الاتحاد الديمقراطي PYD (الذراع المسلح لحزب العمال الكردستاني في سوريا) ووحدات حماية الشعب YPG ووحدات حماية المرأة YPJ (الإرهابية)، ولا أرى ما يمنع إشهارانا لهذا الأمر والدّفاع عنه". إلى جانب تصريحات عبد الله زيدان النائب في البرلمان التركي من نفس الحزب (HDP) الاستفزازية التي هدّد من خلالها الدولة التركية بقوله "إنّ تنظيم حزب العمال الكردستاني (PKK)  يملك القدرة على خنق تركيا ببصقة".

أدّى إصرار حزب الشعوب الديموقراطي على استمرار عمليات العنف في تركيا من خلال التظيمات الإرهابية الانفصالية (حزب العمال الكردستاني والتنظيمات التابعة له) وإعلانه ذلك دون تدرد وإنهائه لـ"عملية السلام" التي كان الهدف منها جعل العمال الكردستاني ينهي مسيرته المسلحة وحصول الأكراد على حقوقهم من عبر ممثليهم في البرلمان التركي، جعله يفقد فرصة ذهبية في أن يصبح ممثل الأقليات في تركيا وعلى رأسها الأكراد في البرلمان التركي ويرفع نسبة مؤيديه في الانتخابات المقبلة حيث أن دميرطاش كان يدعي قبل الانتخابات الأخيرة أن حزبه الذي سيجعل العمال الكردستاني يترك السلاح وليس حزب العدالة التنمية وأنهم سيعملون على تعزيز حقوق المواطنة وواجباتها.

شريحة كبيرة من مناصري حزب الشعوب الديمقراطي مستاؤون جدا (اليساريون الأتراك بشكل خاص)، وهذا قد يؤدي إلى عدم اجتياز الحزب للسد الإنتخابي في حال حصول انتخابات مبكرة التي تلوح في الأفق الأمر الذي سيؤدي تلقائيا تشكيل حكومة منفردة من حزب العدالة والتنمية، إذا تم بالفعل إجراء الانتخابات المبكرة.

عن الكاتب

محمود حاكم محمد

باحث في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس