محمود حاكم محمد - خاص ترك برس

بعد اغتيال السفير الروسي لدى أنقرة مساء يوم الاثنين الموافق 19 ديسمبر/ كانون أول الجاري، اتفق المحللون السياسيون إلى أن الهدف الأساسي وراء عملية الاغتيال هو ضرب العلاقات التركية –الروسية، ولكن هل كانت العلاقات التركية –الروسية هي المستهدفة من عملية الاغتيال؟

خلال العقد الحالي مرت الجمهورية التركية بقيادة رئيسها رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية أقصى ما قد تواجهها من تحديات لكي لا تعود إلى تركيا السابقة (الدولة المطيعة للغرب) كما يسميها الرئيس أردوغان والحزب الحاكم.

فأحداث غازي بارك التي انطلقت بحجة نقل الأشجار من ميدان تقسيم وبناء ثكنة عسكرية عثمانية في 28 مايو/ أيار 2013 من إسطنبول لتنتشر في باقي المدن التركية الكبرى، كانت أقصى ما قد تواجهها الحكومة حزب العدالة والتنمية من ثورة شعبية تُدار من قبل الدول الغربية.

وأحداث 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013 كانت محاولة انقلاب أخرى تحت عنوان "عمليات الفساد والرشوة"، حيث استخدم فيها رجال الأمن والسلك القضائي المنتسبين للتنظيم الموازي (جماعة غولن)، كانت أقصى ما قد واجهها الحكومة التركية من ناحية خيانة الأمن والقضاء الموالي للتنظيم الموازي الإرهابي.

أما محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في 15 يوليو/ تموز الماضي التي حاول من خلالها التنظيم الموازي إسقاط الحكومة المنتخبة عسكرياً كانت أقسى وأقصى ما واجهته تركيا الجديدة من تحدي. ولن أكون مبالغًا إذا قلت أن الدول الغربية قد ماتت من غيظها بعد فشل المحاولة الانقلابية الأخيرة مما جعلها ترفع الستار عن عداوتها وكرهها الحقيقي تجاه تركيا.

لم يبقَ لدى الدول الغربية سلاح تستخدمه لإعادة تركيا تحت عصا الطاعة سوى الاقتصاد. لذا عمدت على خطة تخفيض قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي بهدف ضرب الاقتصاد التركي. ولكن الشعب التركي أدرك هذه الخطة ووقف بجانب حكومته المنتخبة، فقام بصرف الدولار الذي يمتلكه. أما الحكومة قامت بإجراءات عديدة أبرزها اعلان أنه سيتم طرح مناقصات الدولة بالليرة التركية وأن المعاملات التجارية والبنكية بينها وبين روسيا والصين وإيران ستكون بالعملات المحلية  لتلك الدول.

هذه الخطوات التي إتخذتها الحكومة التركية خففت الضغط الممارس على الاقتصاد التركي، مما جعل الدول الغربية تأمر كلابها الوفية (حزب العمال الكردستاني وحركة غولن) بالتحرك فوقعت الهجمات التفجيرية الإرهابية خلال الفترة الأخيرة وتلاها إغتيال السفير الروسي لدى أنقرة.

إذا الهدف الأساسي من عملية الاغتيال هو ضرب الاقتصاد التركي عبر زعزعة العلاقات التركية – الروسية. فلو أن الإدارة الروسية وقعت في الفخ الذي نصب لها ولتركيا ولم تعلن أن علاقاتها مع تركيا لن تتأثر بسبب تلك العملية، لكان مشروع جعل المعاملات التجارية بين تركيا وروسيا والصين وإيران بالعملات المحلية بدلاً من الدولار، قد أصبح حبراً على ورق مما كان سيؤدي إلى هبوط الليرة التركية بشكل صاعق وبالتالي  إنهيار الاقتصاد التركي. ومن لا شك فيه أن الخطوة التالية كانت ستكون ممارسة الضغط على دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة قطر لقطع الدعم الخليجي عن تركيا، ليضطر الأخير في النهاية إلى الخضوع والعودة تحت عصا الطاعة الغربية.

من المؤكد أن الدول الغربية لن تتوانى عن استخدام أي طريقة لإعادة تركيا إلى سابق عهدها وهذا بعني أن هنالك مخطط كبير في انتظار تركيا.

 

                                                        المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن ترك برس

عن الكاتب

محمود حاكم محمد

باحث في الشأن التركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس