يوسف قابلان - يني شفق

مقالي الأول الذي نشرته بداية الإبادة الجماعية في غزة كتبت: "إسرائيل تريد محو فلسطين من الخارطة ومحو الفلسطينيين من التاريخ ومن هذا العالم". لن يكون هذا من أجل مستقبل مخيف، لكن من المحتمل جدًا أن يتحقق.

لقد مرت أربعة أشهر على الإبادة الجماعية في غزة، وتتزايد احتمالات تحقق مخاوفي هذه. وهذا يخيفني أكثر كل يوم

ويقف وراء فكرة محو فلسطين من الخريطة وتدمير الفلسطينيين نهائيا هي ما يسمى بالشبكة اليهودية ورجال عملياتها المتنكرين بزي الأكاديميين الخاضعين لسيطرتها

وأبرز هؤلاء هو المدعو يوفال نوح هراري مؤلف كتاب الإنسان الإله من الهومو سابينس إلى الهومو ديوس. هذا الرجل موجود في جامعة تل أبيب، لكنه يوجه أجندة الفكر العالمية لأن اليهود يملكون أقوى أدوات الإعلام والدعاية في العالم.

لقد أشادت هذه المخلوقات المنحطة بقتل الأطفال الفلسطينيين.

في هذا المقال، لا أتحدث عن الأكاديمية والإنسانية،، بل عن شبكاتهم الخاصة وعن الشبكة الفكرية للقوة اليهودية، التي تسعى لوضع الأسس النظرية لهيمنة اليهود على العالم وهي شبكة فعالة في العالم. سأتحدث كيف تقوم هذه الشبكة بإعداد المشاريع التي تجر العالم إلى الجحيم، وخاصة الإسلام. أود أن أبين بإيجاز في هذا المقال كيف خلقوا خرائط طريق نظرية حول كيفية جعل العالم عبدا للقوة اليهودية.

أزمة أوبك وما بعدها

ما الذي يمكن فعله لوقف المجزرة في غزة؟

قررت دول العالم الكبرى، ما يسمى بالدول الإسلامية الكبرى، فرض حصار اقتصادي على إسرائيل. أنا لا أتحدث عن القوى الكبرى الغربية أو الشرقية، مجرد قيام الدول العربية بإغلاق صمامات النفط سيكون كافيا لتوجيه ضربة اقتصادية ضخمة لكل من إسرائيل والدول الإمبريالية التي تغض الطرف عن مجازر إسرائيل التي تبثها مباشرة على شاشة التلفزيون أمام أعين العالم.

وهذا ليس بالحدث المستحيل، فهناك أمثلة صارخة للغاية في التاريخ الحديث. أبرزها هي "أزمة أوبك" في السبعينيات. الملك السعودي فيصل بن عبد العزيز يصطحب هنري كيسنجر- العقل المدبر للنظام اليهودي الرأسمالي العالمي، والذي كان أيضًا وزيرًا للخارجية الأمريكية آنذاك- يصطحبه إلى آبار النفط ويقول له: “إذا لم توقفوا جرائم القتل والاحتلال التي ارتكبتموها في فلسطين، سأفجر آبار النفط هذه. وهذا لن ينفعك ولا ينفعنا!

وبالفعل الملك الراحل فيصل يُطبق ما قاله. أُغلقت الصمامات واندلعت أزمة اقتصادية كبيرة في العالم. وكان بوسع الفلسطينيين أن يتنفسوا الصعداء نسبياً لفترة من الوقت، لكن النظام الرأسمالي اليهودي العالمي يضع استراتيجية الحرب على الإسلام على جدول أعماله كاستراتيجية عالمية، ويتساءل المثقفون اليهود في أمريكا وأوروبا عن كيفية منع الإسلام من التمرد ضدهم. النظام اليهودي الرأسمالي العالمي، فكر في هذه القضية.

رجال العمليات متنكرون بزي أكاديميين تحت قيادة اليهود!

رد الفعل الأول يأتي من برنارد لويس، المؤرخ اليهودي الخسيس من أصل بريطاني يكتب فقط عن الهيمنة العالمية لليهود. هؤلاء ليسوا مؤرخين وأكاديميين. رجال مثل هنري كيسنجر وبرنارد لويس هم حرفيًا "رجال العمليات": يهود يعملون لصالح المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية، ولكنهم يؤدون واجباتهم في حماية مصالح اليهود وحفظها، أو بشكل أكثر دقة، يقومون بتنفيذ "العهد الدولي الخاص باليهود". المشروع اليهودي للهيمنة على العالم، والمتحدثون باسمه والحراس عن سلطته هم رجال منحطون.

قد انتشرت أنواعهم بسرعة في جميع أنحاء العالم. أبهرتهم القوة والثروة التي يمتلكونها، فإنهم يجعلون ألمع الأكاديميين في العالم عبيدًا لهم ويجعلونهم يترددون في استخدام القوة اليهودية لمصالحهم الخاصة

إن تأثير السكان اليهود الذين لا يصل عددهم الإجمالي على الأرض إلى 30 مليوناً، يتناسب عكسياً مع عدد سكانهم: أصغر أقلية في العالم تهيمن على أغلبية العالم في كل مجال

مجلات العمليات ووسائل الإعلام

إن الصحف الأكثر قراءة وتأثيراً في العالم، مثل نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وفايننشال تايمز، وول ستريت جورنال، ودي تسايت، هي تحت سيطرة حفنة من الشبكات التي أسسها المثقفين اليهود. مجلة فورين أفيرز التي تصدر نصف شهرية، ومجلة ذا أتلانتيك التي تصدر شهريا، ومجلة ذا ناشيونال إنترست التي تخضع لسيطرة الشبكة اليهودية، وسي إف آر (لجنة العلاقات الخارجية). وأيضا منظمات مثل مؤسسة راند، إحدى المنظمات التي تقف وراء انقلاب 28 فبراير في تركيا، لذلك مثل هذه الأجهزة الإعلامية لمراكز الفكر هي التي تشكل الاقتصاد والسياسة الدينية في العالم.

في تركيا، تُسمى مؤسسات الفكر والرأي بمراكز الفكر. ذلك خطأ. هي لقتل الفكر والعقل. هذه الشبكات لا تنتج أفكارا، بل تنتج مواد للسياسة، وهي تدرب عبيدا فكريين طوعيين يعززون مصالح مراكز القوى التي لا تتردد في استخدام الأكاديمية كعبد لترسيخ هيمنتها العالمية

غضب المسلمين

مقال بعنوان "غضب المسلمين" نُشر في مجلة أتلانتيك الشهرية في الثمانينات، بعد أزمة أوبك التي ذكرتها أعلاه، لرجل العمليات برنارد لويس، الذي يلقب بالمؤرخ الكبير، يقول إن النظام العالمي أنهى الحرب الباردة وبدأت الحرب على الإرهاب، وأشعل فتيلها ووضع الأسس النظرية لاستراتيجية الحرب على الإسلام، والتي أخطأت بقولها ذلك

فمن ناحية، أغوى النخب التركية العلمانية وسيطر عليها بقوله: "لم تكن هناك إبادة جماعية للأرمن"، ثم قال: "لا يمكننا السماح للأتراك بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. هذا هو برنارد لويس الذي قال: "إذا قبلنا الأتراك في الاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد الأوروبي سيصبح مسلماً في غضون قرن من الزمان".

هؤلاء ليسوا مثقفين أو أكاديميين، بل رجال عمليات الشبكة اليهودية العالمية متنكرين في زي أكاديميين وأيديهم ملطخة بالدماء! والأمثلة على هؤلاء الرجال كثيرة في التاريخ، ولكن هذا موضوع مقال آخر.

بالنهاية أقول احذروا من رجال العمليات الخسيسين المتنكرين في زي الأكاديميين وشبكاتهم العالمية.

عن الكاتب

يوسف قابلان

كاتب تركي


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس