ترك برس

ذكر تقرير صحفي أن تركيا تركيا ومصر دخلتا في سباق وتنافس على جذب أموال المستثمرين الأجانب الساخنة، وهي الأموال التي تتدافع نحو الأسواق المتعطشة للنقد الأجنبي، باحثة عن العائد السريع والمضمون، عبر الاستثمار في أدوات شبه مضمونة، منها الأذون والسندات التي يتم سدادها عادة من الخزانة العامة للدولة وبضمان الحكومة، وكذا الاستثمار في الأسهم والبورصات وأسواق المال.

التقرير الذي نشره موقع "العربي الجديد" أشار إلى أنه مؤخرا دخلت العديد من الدول الباحثة عن سيولة دولارية سريعة في منافسة نحو استقطاب أكبر كميات من الأموال الساخنة سريعة التحرك، عبر زيادة سعر الفائدة على عملاتها الوطنية لمستويات قياسية وغير مسبوقة، وهو ما يغري قناصي الصفقات وحيتان الأموال وبنوك الاستثمار الباحثين عن الثراء السريع وحصد مئات الملايين من الدولارات، وربما المليارات.

فتركيا رفعت مؤخراً وعبر البنك المركزي التركي، سعر الفائدة على الليرة إلى 50% بزيادة 5% مرة واحدة، وهو المستوى الأعلى في تاريخ الدولة التركية الحديثة منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك تحت بند مكافحة التضخم الذي تجاوز 67% بنهاية شهر فبراير الماضي.

والبنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة على الجنيه المصري إلى 27.5% يوم 6 مارس الجاري بزيادة 6% مرة واحدة، علما بأن تلك الخطوة واكبت قرار تعويم الجنيه وخفض قيمته بنحو 60%. كما رفعت البنوك المصرية التابعة للدولة السعر ليبلغ 30%.

وحلت السودان في المرتبة السادسة ضمن الدول الأعلى بأسعار فائدة بلغت 28.3%، وهناك توقعات بزيادة السعر لمواجهة تضخم مرتفع وتبعات انهيار الاقتصاد وحرب شرسة بين الجيش وقوات الدعم السريع متواصلة منذ أكثر من 10 شهور.

سبق مصر وتركيا والسودان في هذا السباق الماراثوني لرفع أسعار الفائدة بهدف جذب الاموال الساخنة الأرجنتين التي رفعت سعر الفائدة على عملة البيزو لأكثر من 100%، لتسجل المركز الأول عالمياً.

ورغم الرفع المتواصل للفائدة إلا أن هذا لم يفلح في وقف تهاوي البيزو، والذي قررت الحكومة خفض قيمته عدة مرات آخرها منتصف شهر ديسمبر الماضي بنسبة تزيد عن 50% كجزء من خطة الطوارئ لإنقاذ اقتصاد البلاد المتعثر.

يتكرر المشهد في دول أخرى رفعت الفائدة لمعدلات قياسية بهدف جذب الأموال الساخنة والحيلولة دون انهيار قيمة العملات المحلية كما هو الحال في زيمبابوي، التي بلغ المعدل بها 200% ثم تراجع إلى 130%، وفنزويلا 57.8% وغانا 29% وغيرها من الدول التي تشهد انهيارات اقتصادية مثل اليمن ومالاوي والكونغو.

وعلى الرغم من المكاسب القصيرة التي تحققها الدول من جذب الأموال الساخنة، والتي تساهم في تحقيق سيولة دولارية سريعة وتقوية العملة المحلية مقابل الدولار، إلا أنها في المقابل تمثل دمارا للاقتصادات والعملات الوطنية وإرهاقا لموازنات الدول في حال عدم تحويل تلك الأموال من ساخنة، سريعة التحرك والدخول والخروج إلى مشروعات استثمارية وإنتاجية متوسطة وطويلة الأجل توفر فرص عمل للعاطلين.

فهذه الأموال تهرب بسرعة عند حدوث أول خطر سواء داخل الدولة المستقبلة لها أو خارجها، كما حدث عقب اندلاع جائحة كورونا وحرب أوكرانيا ورفع الفائدة الأميركية، وتحتمي بسرعة بالأصول الدولية شبه المضمونة ومنها الدولار واليورو والذهب.

وفي حال الهروب السريع فإنها تسبب تهاويا للعملات المحلية، كما هو الحال مع الجنيه المصري، والذي تم تعويمه 3 مرات عقب هروب ما يقرب من 23 مليار دولار من تلك الأموال عقب اندلاع حرب أوكرانيا في فبراير 2022، وتكرر المشهد في دول أخرى منها الأرجنتين ودول بجنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا.

الأموال الساخنة سلاح باتر وخطر، فإما أن تروضه وتقنع أصحابه بالبقاء داخل الدولة فترة أطوال، وهذا أمر صعب بسبب طبيعة تلك الأموال وأصحابها ورغبتها الجامحة في العوائد السريعة.

وإما أن تكتوي بنيرانها الحارقة في شكل اضطرابات في الأسواق، خاصة العملة والسلع، وتضخم عالٍ وهروبٍ للأموال وانهيارٍ للمدخرات المحلية وتعويماتٍ للعملة لا تتوقف.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!