كاياهان أويغور – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس

كلما أرادت تركيا أنْ تثبت وجودها وقوتها في الشرق الأوسط، تتدخل ألمانيا على الفور، وما تستخدمه الأخيرة من أجل شلّ الحراك التركي، هو عبارة عن أداة مكونة من حزب الشعب الجمهوري وحزب العمال الكردستاني.

لنتذكر عام 1991، عندما أراد رئيس الجمهورية المرحوم تورقوت اوزال التدخل في الشأن الإقليمي من خلال الأوضاع التي حصلت في العراق، وكافح حينها أوزال بكل ما يستطيع وقاوم البيروقراطيين، لكن في المحصلة خرجت أمامه عصابة حزب الشعب الديمقراطي الاشتراكي، والذي كان يحوي خليط حزب الشعب الجمهوري وحزب العمال الكردستاني.

في ذلك الحين، ادخل رئيس حزب الشعب الديمقراطي الاشتراكي السيد إردال إنونو، أسماء أشخاص تعود لعناصر من حزب العمال الكردستاني، أدرج أسمائهم ضمن قوائم الحزب لإدخالها إلى البرلمان التركي، وذلك بهدف إضفاء شرعية على الأعمال التي يقومون بها، وبدأت حينها العمليات بداية التسعينات، والتي تسببت لاحقا باستشهاد عشرات الآلاف من مواطني دولتنا.

أكبر داعم لهذه المؤامرة كانت ألمانيا، وهي التي كانت تقف على رأس اتحاد حزب العمال الكردستاني مع اليساريين الأتراك، ودعمتهم ماديا وعسكريا، ومهدت الأرضية لارتكاب عمليات اغتيال وأعمال عنف داخل الأراضي التركية.

والآن، وتحديدا في عامي 2014 و2015، سعى رئيس الجمهورية اردوغان، إلى التدخل في الأزمة السورية، واتخاذ موقف جاد وحاسم من أجل إيقاف المجازر الدموية التي يرتكبها نظام الاسد بدعم من إيران. واستطاع اردوغان تجاوز البيروقراطيين وحصل على دعمهم في هذا الموضوع، لكن هذه المرة أخرجوا له اتحاد حزب الشعب الديمقراطي وحزب الشعب الجمهوري.

ترأس حزب الشعب الجمهوري جبهة "عداوة اردوغان"، وقامت مجموعة دوغان الإعلامية المدعومة من ألمانيا "بتبييض" صورة دمرطاش، متجاهلة الأعمال الارهابية التي تسببت بإراقة الدماء في تركيا، وخلف كل هذا الاتحاد تقف اتحاد الجمعيات العلوية الألمانية، وجمعيات ألمانية يسارية تقدم الدعم المادي، وكذلك الحكومة الألمانية والإعلام الألماني مشكلين غطاء لحزب العمال الكردستاني.

اليوم أصبحنا مدركين أكثر لحجم الخيانة التي حصلت عام 1991، والتي نجحت في بقاء تركيا بعيدة عن مصادر النفط، وكبدت تركيا خسائر فادحة وفقدانها ل12 عام من الاقتتال والدماء والتدهور الاقتصادي، ولأنّ من قام بهذه الخيانة لم يحاسب حتى الآن، عادت نفس العصابة لتقوم بما قامت به في تلك الحقبة، وما يجري الآن ماثل أمامنا ولا يخفى على أحد.

ولهذا نتساءل هنا، ماذا تريد ألمانيا من تركيا؟ تريد ألمانيا السيطرة على تركيا كما سيطرت على البلقان وشرق أوروبا، وتريد زيادة سيطرتها لتشمل تركيا أيضا، ولأنّ تركيا كانت كبيرة جدا بالنسبة لوضعها تحت النفوذ الألماني، فإنّها تريد تقسيمها وبلعها لقمة لقمة كما حصل مع يوغسلافيا القديمة.

موقف ألمانيا هذا يمتد إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى، وذلك عندما تعاونت واتحدت مع جمعية الاتحاد والترقي، والذي تسبب لاحقا بانهيار الدولة العثمانية وتفتيتها، وكذلك اليد الألمانية ممتدة في تاريخنا، في أحداث 27 مايو، وكذلك 9 آذار 1971، ودورها ما قبل أحداث 12 سبتمبر، ودعمها للأعمال الارهابية التي كانت تقوم بها جهات يسارية متطرفة، وغيرها من الأمور التي تصل حتى يومنا هذا.

دولتنا اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه عام 1991، وألمانيا أكثر ضعفا مما كانت عليه آنذاك، وموقف تركيا أصبح أكثر ثباتا مع توقيعها لاتفاقية تحالف تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وهي اليوم صاحبة كلمة ونفوذ مع السعودية والقوى السنية الأخرى فيما يتعلق بموضوع مستقبل سوريا، وتقترب روسيا اليوم أيضا من التفاهمات التي توصلنا إليها مع الولايات المتحدة الأمريكية حول موضوع سوريا بدون الأسد.

نحن اليوم مع الأكراد الذين يقودهم برزاني، لكن من يواجه تركيا اليوم هو الأسد، وحماة الأسد في إيران، وكذلك ألمانيا، والمجموعات التي تقاتل تحت نفوذ وتحكم إيران وألمانيا مثل حزب العمال الكردستاني وغيره.

وبكل أسف نجح كيليتشدار أوغلو في إدخال حزب الشعب الجمهوري في هذه الجبهة، ويوجد نواب برلمان من هذا الحزب قالوا بالحرف الواحد: "إذا حصل قتال بين تركيا وإيران فإننا سنقاتل إلى جانب إيران". لكن لحسن الحظ أنّ تركيا تقف بشدة ضد مثل هذه احتمالات كحصول نزاع وحروب طائفية، وهي استخلصت العبر جيدا في التسعينيات من القرن الماضي.

عن الكاتب

كاياهان أويغور

كاتب في صحيفة أكشام


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس